تشكل المسيحية في أوكرانيا أكثر الديانات انتشارًا بين السكان، إذ بلغت نسبة معتنقيه وفقًا لدراسة قام بها مركز «رازومكوف» عام 2018، حوالي 87.4% من سكان أوكرانيا. وتأتي الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في مقدمة الطوائف المسيحية مع حوالي 67.3% من السكان (28.7% ينضون تحت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية - بطريركية كييف، 23.4% فقط أرثوذكس، 12.8% يتبعون الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية - بطريركية موسكو، و0.3% يتبعون الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة)؛ وحوالي 7.7% من الأوكرانيين هم مسيحيون بلا طائفة. ويشكل أتباع الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية حوالي 9.4%، يليهم كل من البروتستانت مع حوالي 2.2% والرومان الكاثوليك مع حوالي08 %.
حسب التقاليد المسيحية يعتقد أنَّ القديس أندراوس قد سافر إلى الشواطئ الغربية للبحر الأسود، إلى منطقة جنوب أوكرانيا الحالية، وقام بالوعظ في أراضي سيثيا. تقول الأسطورة إن أندراوس سافر إلى أبعد من ذلك، حتى نهر الدنيبر في موقع كييف الحالية في عام 55م، حيث أقام صليبا وتنبأ بتأسيس مدينة مسيحية كبيرة. أصبح الاعتقاد في الزيارة التبشيرية للقديس أندراوس منتشرًا في العصور الوسطى، وبحلول عام 1621، كان المجمع الكنسي قد أعلن عنه "رسولًا". بحسب التقاليد رافق مع القديس أندراوس تلميذه تيطس وهو شخصية مبجلَّة أيضا في الكنائس الأوكرانية.
اعتبارًا من عام 2016، تعد المسيحيَّة قوية بشكل خاص في المناطق الأوكرانية الغربية، حيث يعيش معظم الكاثوليك الشرقيين إلى جانب السكان الأرثوذكس. وفي المناطق الوسطى والجنوبية والشرقية يُشّكل المسيحيون نسبة أقل بالمقارنة مع نسبتهم على مستوى أوكرانيا، ولا سيَّما في منطقة دونباس الواقعة في أقصى شرق البلاد.
توترات مذهبية
شهدت المنطقة بعض التوترات المذهبية والطائفية عقب «الثورة الأوكرانية» 2014 وأزمة القرم 2014، حيث أيد أتباع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية والكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية الأطراف المؤيدة لروسيا، في حين أيّدت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية - بطريركية كييف والكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية الأطراف المؤيدة لأوكرانيا. تاريخيًا عُرفت الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية بتأييد القومية الأوكرانية والانفصال عن روسيا.
كما يذكر أن الكنيسة الأرثوذكسية التابعة لبطريركية كييف تأسست في العام 1992 بعد استقلال أوكرانيا في مواجهة بطريركية موسكو. ولم تعترف بها الكنائس الأرثوذكسية الأخرى في العالم. وفي مايو من عام 2017 قرر البرلمان الأوكراني الخميس تأجيل التصويت على مشروع قانون يتعلق بالكنائس تسبب بإغضاب روسيا لأنه ينص على فرض قيود شديدة على الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
الكاثوليكية:
يحل في المركز الثاني الكنيسة الأوكرانية اليونانية الكاثوليكية، وذلك بفارق كبير في عدد الأتباع، وهي كنيسة تتبع الطقوس الشرقية وتمارس تقاليد مماثلة دينية وروحانية للأرثوذكسية الشرقية، لكنها على تواصل مع الكرسي الرسولي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية وتعترف بسيادة البابا كرئيس للكنيسة.
وللكنيسة حضور مميز في أوكرانيا الغربية خاصًة في مدينة لفيف فضلًا عن مدينة كييف حيث مركز الكنيسة الروحي. شكّل إكليروس الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية وأسرهم طبقة وراثية متماسكة واعتبروا على رأس الطبقات الاجتماعية التي سادت المجتمع الأوكراني الغربي من خلال إقامة "سلالات كهنوتية"، وذلك من القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن العشرين، في أعقاب الإصلاحات التي قام بها جوزيف الثاني، إمبراطور النمسا.
يشّكل أتباع الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية حوالي 8.1% من مجمل سكان أوكرانيا حسب إحصائية تعود لعام 2015، وأغلب أتباعها من العرقية الأوكرانيَّة ويشكلون الغالبيّة السكانية في ثلاثة أوبلاست وهي لفيف أوبلاست وإيفانو فرانكيفسك أوبلاست وتيرنوبل أوبلاست فضلًا عن نصف سكان مدينة لفيف.
بالإضافة إلى الكاثوليك الشرقيين، هناك 863 من الجماعات الرومانيَّة الكاثوليكيَّة الدينيَّة، و474 من رجال الدين والذين يخدمون نحو مليون روماني كاثوليكي في أوكرانيا. يشكل الرومان الكاثوليك من أتباع الطقس اللاتيني حوالي 2.19% من مجمل السكان، وتتكون هذه الجماعة بشكل رئيسي من العرقيّّة البولندية والمجرية، اللتين تعيشان في المناطق الغربية من البلاد
البروتستانتية وطوائف أخرى
يشكل المسيحيون البروتستانت أيضًا حوالي 2.19 في المئة من السكان. تزايدت أعداد البروتستانت بشكل كبير منذ استقلال أوكرانيا. اتحاد المعمدانية الإنجيلية في أوكرانيا هي أكبر مجموعة، ويبلغ عدد أفرادها 150 ألفا وعدد رجال الدين حوالي 3آلاف . ثاني أكبر الكنائس البروتستانتية هي كنيسة الإيمان الإنجيلية (خمسينية) الأوكرانية مع 110 آلاف عضو وأكثر من 1,500 من الكنائس المحلية وأكثر من ألفين من رجال الدين، لكن توجد أيضا مجموعات أخرى من الخمسينيين، حيث يبلغ مجموع أتباعها بالمجمل أكثر من 300 ألف، مع أكثر من 3 آلاف من الكنائس المحلية. هناك أيضًا العديد من مدارس الخمسينية للتعليم العالي مثل معهد لفيف اللاهوتي ومعهد كييف للكتاب المقدس. من بين المجموعات الأخرى الكالفينيون، وشهود يهوه واللوثريون والميثوديون والسبتيون. كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة (كنيسة المورمون) موجودة أيضًا.
المسلمون في أوكراينا
في أوكرانيا يعتنق عدد قليل من السكان الدين الإسلامي، وفقا لإحصاءات عام 2016؛ يشكل المسلمون ما يقارب 0.9% فقط من مجموع السكان الكلي. وجود الإسلام في أوكرانيا قديم، يعود تاريخه إلى إنشاء خانات القرم في القرن الخامس عشر.
الإسلام السني الحنفي هو أكبر ديانة غير مسيحية في أوكرانيا، ومعظم المسلمين الأوكرانيين هم من تتار القرم. الشعوب التركية الأخرى الأصلية في أوكرانيا تتواجد في الغالب في جنوب وجنوب شرق أوكرانيا وتمارس طقوسا أخرى من تعاليم الإسلام وتشمل تتار الفولغا والأذريون وشعوب القوقاز والأوزبك. في عام 2012 قدر عدد المسلمين في أوكرانيا بنحو 500,000 مسلم منهم 300,000 من شعوب تتار القرم. في فبراير 2016 أحصى الشيخ سعيد إسماعيلوف (مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا) وجود مليون مسلم في أوكرانيا.
في حين أن المسلمين في أوكرانيا ليس لديهم هيكل حكومي أساسي فإن المجتمعات المسلمة المقيمة في المناطق متعددة الأعراق تخدمها مؤسساتها العرقية الإسلامية وتدعمها نظيراتها الدولية. توجد المؤسسات الإسلامية الرئيسية التي تدعم المجتمعات في كييف وشبه جزيرة القرم وسيمفيروبول ودونيتسك. كما توجد المجتمعات السلفية المستقلة في كييف وشبه جزيرة القرم، وكذلك المجتمعات الشيعية في كييف وخاركيف ولوهانسك.
مسلمو أوكرانيا في القرن العشرين
عند اندلاع الثورة الروسية لسنة 1917، شكل المسلمون ثلث سكان القرم. في جل المدن الكبرى في شبه جزيرة القرم، كان تعداد المسلمين مهما.
تعرض مسلمو القرم لترحيل جماعي سنة 1944 بعدما اتهمهم ستالين بالعمالة للنازيين الألمان. رحل حوالي 200 ألف تتري من القرم إلى وسط آسيا، خاصة إلى أوزبكستان وأيضا إلى كازاخستان ومناطق أخرى من روسيا. أهم عمليات الترحيل هي التي حصلت في 18 مايو 1944.
اليهود الأوكرانيون والطريق إلى إسرائيل
الحكومة الإسرائيلية تستقدم مجموعات من يهود أوكرانيا، بموجب خطة الطوارئ التي أعلن عنها مع تفاقم الأزمة الأوكرانية، وتقضي خطة التحضير والجهوزية باستقدام نحو 5 آلاف يهودي أسبوعيا، في حال اتسعت العمليات العسكرية الروسية واحتدمت المعارك في أوكرانيا. ويسمح قانون العودة الإسرائيلي للأوكرانيين الذين ينحدرون من جذور يهودية بالهجرة دون عوائق إلى إسرائيل.
اللاجئون اليهود الأوكرانيون سيصلون في ثلاث رحلات منفصلة من وارسو ومولدوفا ورومانيا. وأشارت الحكومة إلى أنه ومباشرة بعد الهبوط في مطار بن غوريون، سيكون المهاجرون الجدد تحت رعاية وزارة الهجرة والاندماج، وأوضحت أن فرق الوزارة ستوفر لكل مهاجر حزمة مزايا وستقوم بترتيب سكن مؤقت في الفنادق اليهود في أوكرانيا ثالث أكبر تجمع يهودي في أوروبا وخامس أكبر تجمع يهودي في العالم، وفقًا للمؤتمر اليهودي العالمي.
يعود تاريخ اليهود في أوكرانيا إلى أكثر من ألف عام، عندما تواجدت المجتمعات اليهودية في أراضي أوكرانيا في زمن كييف روس، في أواخر القرن التاسع حتى منتصف القرن الثالث عشر، وطوروا العديد من التقاليد الدينية والثقافية اليهودية الأكثر تميزًا مثل حركة الحاسيديم.
واجه اليهود فترات من الاضطهاد والسياسات التمييزية المعادية للسامية، رغم ازدهار ظروفها في بعض الأحيان. كانت اليديشية لغة دولة إلى جانب الأوكرانية والروسية في جمهورية أوكرانيا الشعبية. وأُنشئ الاتحاد القومي اليهودي في ذلك الوقت، ومنح المجتمع اليهودي حق الحكم الذاتي. استُعملت اليديشية على العملة الأوكرانية بين 1917 و1920. وكان ما يقل عن ثلث سكان المناطق الحضرية في أوكرانيا يتألفون من اليهود، الذين مثلوا أكبر أقلية قومية في أوكرانيا قبل الحرب العالمية الثانية. ويتألف اليهود الأوكرانيون من عدد من المجموعات الفرعية، بما في ذلك اليهود الأشكناز ويهود الجبل ويهود بخارى والقريميين ويهود كريمتشاك ويهود جورجيا.
قُتل ما يقدر بنحو31,071 يهودي بين 1918 و1920 خلال الثورة الروسية عام 1917 وما تلاها من الحرب الأهلية الروسية. استمر ارتكاب المذابح على الأراضي الأوكرانية أثناء قيام جمهورية أوكرانيا الشعبية بين 1917 و1921؛ تراوح عدد القتلى اليهود المدنيين في أوكرانيا خلال هذه الفترة ما بين 35 و50 ألفًا. اندلعت المشكلات في يناير 1919 في مقاطعة فولينيا الشمالية الغربية، وانتشرت إلى العديد من المناطق الأخرى في أوكرانيا؛ واستمرت حتى عام 1921.
يقدر إجمالي الخسائر المدنية خلال الحرب العالمية الثانية والاحتلال الألماني لأوكرانيا بنحو سبعة ملايين نسمة، بما في ذلك أكثر من مليون يهودي قتلوا بالرصاص على يد وحدات القتل المتنقلة أينزاتسغروبن، والعديد من أنصارهم الأوكرانيين المحليين في الجزء الغربي من أوكرانيا. تواجد 840 ألف يهودي في أوكرانيا في عام 1959، بانخفاض يقارب 70٪ عن عام 1941، داخل حدود أوكرانيا الحالية؛ كما انخفض عدد السكان اليهود في أوكرانيا بشكل ملحوظ خلال الحرب الباردة. كان عدد السكان اليهود في أوكرانيا في عام 1989 أكثر بقليل من نصف ما كان عليه قبل ثلاثين عامًا، أي في عام 1959. غادرت غالبية اليهود الذين بقوا في أوكرانيا عام 1989 وانتقلوا إلى بلدان أخرى، معظمهم إلى إسرائيل، في تسعينيات القرن الماضي، أثناء وبعد انهيار الشيوعية.