دعت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها لعدد اليوم /الثلاثاء/، الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دعمه لدول وسط وشرق أوروبا بعدما أظهرت التزامًا أخلاقيًا في مواجهة الأزمة الأوكرانية الراهنة واستضافت ملايين الأشخاص الذين فروا من الحرب في أوكرانيا.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها، التي نشرتها عبر موقعها الرسمي، بالقول إن بولندا وبلدان أخرى فتحت حدودها لتوفير الملاذ لهؤلاء الفارّين وكان الشعور بالتضامن بين دول الكتلة السوفيتية السابقة الساعية، لخلق مسارات جديدة لأنفسهم في أوروبا هو الدافع وراء الكثير من هذه الاستجابة، وأصبحت تتحمل تكلفة الالتزام الأوروبي الواسع بتقديم الدعم لمن هم في أمس الحاجة إليه وحدها.
وفي المقابل، أكدت الصحيفة أن بقية أوروبا تحتاج لمساعدة هذه البلدان في لحظة اضطراب اقتصادي، حيث أثار قرب أوروبا الوسطى والشرقية من الصراع مخاوف المستثمرين وضغوطا كبيرة على العملات الوطنية، لذلك يتعين على الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراء فوري للمساعدة في منع هذه الاضطرابات من التحول إلى شيء أكثر خطورة.
وأضافت أنه من المؤكد أن البنوك المركزية في أوروبا الوسطى والشرقية لم تكن راضية عن استجابتها، حيث تم إقران تدخلات الصرف الأجنبي مع ارتفاع أسعار الفائدة للمساعدة في دعم العملات الوطنية، في حين أن هذا المزيج قد جلب هدوءًا مؤقتًا، وأنه يمكن للمزيد من هذه الإجراءات درء التقلبات المحتملة، وقد تؤدي الشكوك المستمرة لدى المستثمرين حول مدى قدرة هذه الاقتصادات على التعامل مع ضغوط الصراع، إذا طال أمده إلى ضغوط مستمرة على عملاتهم وهم يراهنون على انخفاض قيمة العملة.
وفي مواجهة هذا الضغط، لن يكون أمام البنوك المركزية خيار سوى اتخاذ مزيد من الإجراءات، بما في ذلك ما ينطوي على مخاطر كبيرة، وإذا لم تنجح البنوك المركزية في محاولاتها لدعم قيم العملات من خلال أسعار فائدة أعلى، فقد يستمر التضخم في الارتفاع مما يهدد ب "لحظة تضخم مصحوب بالركود" بسبب النمو المنخفض وارتفاع الأسعار، كما أن أي تباطؤ أوسع نطاقا في أوروبا ناتج عن ارتفاع أسعار الغاز، خاصة في ألمانيا- وهي الشريك التصديري المهيمن للعديد من البلدان المركزية والأوروبية- من شأنه أن يشكل تهديدات إضافية /بحسب الصحيفة.
علاوة على ذلك جاءت مخاطر أزمة الديون الخاصة، ليصبح الوضع محفوفا بالمخاطر بشكل خاص بالنسبة للبلدان التي لديها مبالغ مرتفعة نسبيًا، من الديون الخاصة المقومة بالعملات الأجنبية، وإذا استمرت أسعار الصرف في الانخفاض، فإن مدفوعات هذا الدين الخارجي ستصبح أكثر تكلفة.
واختتمت الصحيفة البريطانية افتتاحيتها بالقول أنه لا شك أن الدول الأوروبية التي تقف على خط المواجهة في الأزمة الأوكرانية، تجد نفسها في خضم عاصفة اقتصادية خاصة بها، وفي حين تجلى التماسك السياسي بشكل غير عادي بين دول أوروبا في الآونة الأخيرة، فقد حان الوقت المناسب للالتزام بالتضامن الاقتصادي أيضًا.