أصدرت الدار العربية للعلوم ناشرون نسخة منقحة من ديوان "مليء بالرمل مليء بالمرايا" للشاعر ياسر سعيد دحي . يضمّ الديوان ما يزيد عن أربعين قصيدة في الشعر العربي الحديث ، جاءت عناوينها :""في عريشةِ شعرٍ"، "اشتهاءاتٌ"، "ابتهالٌ"، "الفلقُ"، "قالَ الفتى"، "كلُّ الأجسادِ مراكبُ".
ويقول الناشر في تقديم الديوان:" ترتكز الرؤية الشعرية في هذا الديوان على فعل الرؤية، وكأنّ عيني الشاعر تنظر إلى شيء وراء الرمل، وها هو يراه الآن عبر مرآة ذاته، ولكن ماذا يرى؟ "يرى الوجود مرايا". إنها قوة التخييل الرؤياوية التي تستشف ما وراء الوجود، أي القوة التي تطلّ على الغيب وتعانقه، وتتماهى معه عبر إيحاءات اللغة. وعبر هذه التجليات الجمالية والآفاق الدلالية التي تُغني المعنى تصبح القصيدة جسراً يربط بين الخطيئة والفضيلة، جسراً ينبض بحرارة الحروف المتآلفة في لحظةٍ من التخيُّل.
ويقول الشاعر: "رئتي مليئةٌ بالرملْ لذلكَ أرى الوجودَ مرايا/ رئتي مليئةٌ بالطينْ لذلكَ أرى الوجودَ خطايا/ أنا آدمُ الرحمنِ تارةً/ وتارةً آدمُ الشظايا/ مليءٌ بالرملِ مليءٌ بالمرايا...".
وخيرُ الكلام ما حفلت به مقدّمة هذا الديوان من مقاربات حول شعرية ياسِر سعيد دحي ومما جاء فيها: "مليءٌ بالرمل مليءٌ بالمرايا: تظهرُ مقاربةٌ أولى مفادها أنَّ شدة اختلافِ الرملِ والمرايا، منْ جنسينِ متغايرينِ، صلبٍ ومتكسرٍ، هو شدةُ التواصلِ بينَهُمَا، فالرملُ الجامدُ يفيضُ بالمرايا، باعثاً منظوراتٍ ومستوياتٍ متعددةً للأشكالِ وامتداداتِهَا، في دلالةٍ قدْ تكونُ ساخرةً، وقدْ تكون جادةً، وقدْ تكونُ لاهيةً، وقدْ تكونُ رائيةً حقاً، فزيادةُ الضياعِ في العثورِ على الدلالةِ، وتحديدِها، هو زيادةُ الانتشاءِ في مساحاتِ اللا تحددٍ، وتنوّعِ التشكّلِ، حتَّى لوْ جاءَ منَ الثقيلِ الكثيفِ المرموزِ إليْهِ بالرمل الذي يغادرُ صلابتَهُ ذاهباً في سياقٍ آخرَ تسقطُ معَهُ المماثلةُ بينَ الأشياءِ، لصالحِ وعيٍ آخرَ متجاوزٍ، هوَ وعيُ اللغةِ نفسِهَا وقدْ نهضَتْ بِهِ طرائقُ التشكيلِ، حيثُ تتماسَّ الكلماتُ على مستوى الترتيبِ الداخليِّ للدلالةِ التي تعملُ على تنظيم منطقِها الخاص باتجاهِ إبرازِ عمقِ الجملةِ الشعريةِ".