فى خضم الحرب الروسية ضد أوكرانيا، خرج الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بتصريح مثير للجدل، يفيد باستعداده للتفاوض مع نظيره الروسى فى مدينة القدس المحتلة، مما أثار ردود فعل ساخرة وغاضبة.
واقترح الرئيس الأوكرانى مدينة القدس المحتلة، كموقع محتمل للتفاوض بينه وبين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بشأن إنهاء الحرب على بلاده، قائلا أمام الصحفيين: «ليس من الأمور البناءة أن نلتقى اليوم فى روسيا أو أوكرانيا أو بيلاروس، فهذه ليست الأماكن التى يمكننا فيها أن نتوصل إلى تفاهم لإنهاء الحرب».
وأضاف زيلينسكى: «وإذا سئلت عما إن كنت أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تكون بلدا مناسبا لذلك، خاصة مدينة القدس؟ فإننى أقول: نعم».
وعقب هذا التصريح، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى أن رئيس الوزراء نفتالى بينيت تحدث هاتفيا مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى واستمرت المحادثة أكثر من ساعة و«تناولت سبل إنهاء القتال فى أوكرانيا والجهود التى تبذلها إسرائيل فى هذا الصدد».
من جانبها نقلت القناة ١٢ العبرية عن مصادر حكومية إسرائيلية لم تسمها قولها إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يفكر فى الاقتراح لكن «من السابق لأوانه تقييم فرصه».
وكان كل من زيلينسكى وبوتين اتصلا مؤخرا برئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت، الذى التقى بدوره برئيس الكرملين فى موسكو قبل أسبوع.
من جانبه، استنكر أمين عام حزب الشعب الفلسطينى وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بسام الصالحي؛ دعوة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى لإجراء مفاوضات مع روسيا فى القدس المحتلة.
وقال الصالحى فى تصريح صحفي؛ إن استغلال المأساة الانسانية للأزمة الأوكرانية والتى تسبب بها زيلينسكى والإدارة الامريكية وحلف «الناتو» من أجل تكريس القدس عاصمة لدولة الاحتلال يجب أن لا تمر نهائيا.
ودعا روسيا إلى التنبه لمخاطر هذه الدعوة السافرة وللوقاحة التى تحملها فى تكريس المعايير المزدوجة فى التعامل مع الاحتلال الإسرائيلى المتواصل للأرض الفلسطينية؛ وفى محاولة قوة الاحتلال وحكومتها إظهار نفسها كراعية للسلام فى الأزمة الأوكرانية.
وشهدت الأيام الأخيرة العديد من التقلبات فى العلاقات بين كييف وتل أبيب كما يبدو، حيث أشادت أوكرانيا فى بعض الأحيان بالجهود الدبلوماسية والإنسانية الإسرائيلية، وفى أحيان أخرى انتقدت بشدة ترددها فى تقديم المزيد من المساعدة.
وحذر وزير الدفاع الأوكرانى أوليكسى ريزنيكوف من أن عدم اتخاذ إسرائيل موقفا واضحا ضد الغزو الروسى قد يلقى بظلاله على العلاقات بين كييف والقدس فى السنوات المقبلة. وقال ريزنيكوف فى مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعى «إسرائيل تظهر انفصالا وترددا غير مبررين فى اختيار جانب فى الحرب فى أوكرانيا».
وأضاف «سيؤدى هذا إلى انعدام ثقة متزايد لسنوات عديدة لأننا سننتصر، بدون شك، معكم أو بدونكم».
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسئولين أن أوكرانيا والولايات المتحدة طالبتا إسرائيل بالتقدم فى الوساطة وأن تصبح وسيطا جديا وإظهار نتائج، أو الوقوف بشكل واضح أكثر إلى جانب أوكرانيا، ونقل مساعدات أمنية إليها والانضمام إلى العقوبات التى فرضتها الدول الغربية على الحكومة الروسية».
وقالت صحيفة «هآرتس» أن معظم هذه الرسائل تُنقل من وراء الكواليس. ورغم أن الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، يجرى اتصالات مباشرة مع بينيت، كان آخرها، السبت، إلا أن مسئولين أوكرانيين أوضحوا لإسرائيل، فى الأيام الأخيرة، أن لقاءه مع الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى الكرملين يوم السبت الماضى، فى أوج الحرب، أثار استياءهم.
وقال مسئول أوكرانى، إنه لدى الرئيس والمسئولين الأوكرانيين انطباعا بأن مشاركة بينيت فى الجهود الدبلوماسية مدفوعة أساسًا بالرغبة فى تجنب اتخاذ موقف واضح تجاه الغزو الروسى، خوفًا من الإضرار بالعلاقات مع موسكو. وقال المسئول: «مبادرة بينيت تبدو لنا كغطاء وذريعة للامتناع عن التحدث بحدة أكبر ضد روسيا وتزويدنا بالسلاح والانضمام إلى الدول التى تفرض عقوبات على روسيا».
ووصف المسئول بينيت بأنه أشبه بـ”صندوق البريد» بين الطرفين الروسى والأوكرانى، إذ اقتصر دوره على تمرير المعلومات ونقل المواقف ووجهات النظر من جانب إلى آخر، وأن هذا «لا يسمى وساطة».
كذلك يدعى مقربون من بينيت، منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أن أوكرانيا والولايات المتحدة تتفهمان سعيها إلى الحفاظ على علاقاتها مع روسيا، وأن الانتقادات ضدها حول وساطتها تأتى من دوائر بعيدة عن الشخصيات المركزية فى الدولتين. إلا أن صحيفة هآرتس لفتت إلى أن الرسائل الصادرة عن أوكرانيا والولايات المتحدة، فى الأيام الأخيرة، «تدل على أن الواقع معقد أكثر بكثير».