تعبر مدينة أسوان من أشهر المدن في العالم التي تمتلك عدد غير محدود من الآثار حيث تمتلك مع مدينة الأقصر أكثر عدد من الأثار التي تعود لعصر الفراعنة ومصر القديمة، والكثير من الأثار في أسوان تعرضت للغرق بسبب فيضان النيل وبحيرة ناصر من بينها تاج مصنوع بالكامل من الفضة يتميز بشكله الرائع وقيمته الكبير، وهذا التاج تم العثور عليه في جبانة بلانة التي تقع إلى الجنوب المصري من أبو سمبل ويرجع تاريخه إلى القرن الخامس الميلادي، ومحفوظ بمتحف النوبة بأسوان.
هذا الموقع غارق اليوم تحت مياه بحيرة ناصر، وتدل المقبرة التي تم العثور فيها على هذا التاج، على أن هناك ملك محلي كان في هذه المنطقة، استناداً إلى وفرة المواد المكتشفة والتي تم الكشف عنها بواسطة (امرى) سنة 1930م، والشخص الذي كانت جثته مزينة بهذا التاج، كان على الأرجح احد الملوك الصغار، الذين نجحوا في السيطرة على جزء من أملاك مملكة مروي ويمكن تحديده بأنه الملك (سلكو) الذي يعود تاريخ حكمه إلى القرن الخامس الميلادي، والذي ذكر في نقش له، بمعبد كلابشة، إنَّه ملك النوبة وجميع الإثيوبيين.
يزخرف التاج مجموعة من الزخارف المستوحاة من الفنون المصرية القديمة، ومع ذلك فإن شكلها ورمزيتها لم تعد مصرية، ويتألف التاج من جزئين “الإكليل والقمة”، ويزين الإكليل إفريز مملوء بمناظر الصقر حورس، بين صفين من المربعات والدوائر الصغيرة، وتفصل زهرة اللوتس بين أشكال الصقور التي تنظر إلى ناحية اليسار وتقف على قاعدة، ومتوجة بالتاج المصري المزدوج الذي يرمز إلى الاتحاد بين مصر العليا والسفلى، وتظهر رأس الكبش أعلى الحافة العليا للتاج يعلوه شكل الهلال المطعم بالأحجار شبه الكريمة، فوقه قمة عليا عبارة عن أربعة ريش طويلة، على جانبيهما يوجد رأس ثعبان الكوبرا، تعلوها جميعاً دوائر صغيرة مطعمة، ويحيط بالتاج رؤوس ثعبان الكوبرا، المصنعة من رقائق الفضة ومقسمة في مجموعتين تضم كل مجموعة سبعة رؤوس، على جانبي العنصر المركزى للتاج، وتم تطعيم كل هذه العناصر بالأحجار نصف الكريمة.
وهذا التجميع الغير المتجانس هو ما يطلق عليه ”باروك“ الأواني الفضية الذي كان مصدر الإلهام الرئيسي له من العالم المصري القديم، ولكن تخطيط ورمزية عناصرها تشهد على التنقيحات التي أدخلت عليها من خلال فنون الملوك الكوشيون، وكثيراً ما ارتبط الهلال بالإله ابيدماك، وأحد أشكاله يعلوه الهلال الذي يعلو تاج الهمهم يرتفع فوقه الريش.