الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

الذكرى الـ29 لرحيله.. محطات في حياة عبدالله غيث

عبدالله غيث
عبدالله غيث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمر اليوم الذكرى الـ29 على رحيل الفنان الكبير عبدالله غيث حيث توفي في مثل هذا اليوم 13 مارس من عام 1993 أبدع في الأدوار التي قدمها في الدراما المصرية وعرف بعبقريته في أداء الشخصية الصعيدية، ولد الفنان الراحل في 28 يناير عام 1930، في كفر شلشلمون مركز منيا القمح، محافظة الشرقية، ينتمي لعائلة كبيره ميسورة الحال، وكان والده أول عمدة متعلم في أوروبا، حيث سافر لندن كي يدرسا الطب، وقضى سنتين في جامعة كمبريدج، وعندما عاد في إجازة قامت الحرب العالمية الأولى، فلم يستطع العودة إلى لندن مرة جديدة، وتولى العمودية في بلاده، ولكنه لم يستمر كثيراً، حيث توفى شاباً، وكان عبدالله غيث لا يزال في عامه الأول.

هو الشقيق الأصغر للفنان الكبير الراحل حمدي غيث، ولم يكن يحلم بأن يكون مهندسًا أو محاميًا وانحصر حلمه في شيئين إما أن يكون فلاحًا أو فنانًا فقد كان يعشق الريف ولا يجد نفسه على حقيقتها إلا في قريته وهو يرتدي الجلباب ويجلس على المصطبة تحت "الجميزة في الغيط" على شاطئ الترعة بعيدًا عن المظاهر والشكليات.

كان تلميذًا شقيًا يحب الهروب من المدرسة ليذهب إلى السينما والمسارح والحفلات الصباحية، وحصل على الإعدادية ثم الثانوية بصعوبة كبيرة، وظل بعدها يعمل بالزراعة ويشرف على أرضه مدة 10 سنوات ثم انتقل إلى القاهرة، والتحق بمعهد الفنون المسرحية بإشراف أخيه حمدي غيث، الذي عمل أستاذًا بالمعهد بعد رجوعه من بعثته بباريس.

كان يتردد مرتين في الأسبوع على قريته ما جعله يشارك أهله وجيرانه كفاحهم والتعرف على مشاكلهم ومتاعبهم وآلامهم وأمانيهم ولذلك منحوه الحب والثقة ورشحوه للعمودية بعد وفاة والده وأخيه الأكبر، وعندما أعلن موافقته المبدئية على المنصب أضيئت المنازل في الريف ترحيبًا بهذه الموافقة ولما شغله الفن عن تولي العمودية ساهم في توليتها لابن عمه.

قال غيث عن طفولته: "نشأت في وسط ديني، مما كان له أكبر الأثر في تكويني الشخصي والفني فيما بعد، وكان جدي يجمعنا من حوله ليقص علينا قصص السيرة النبوية العطرة، ويحكي لنا بأسلوب جميل مبسط كيف كان خالد بن الوليد، وماذا فعل عمر بن الخطاب، وهكذا كنت أعرف الشيء الكثير عن الإسلام والبطولات منذ كنت طفلا".

ارتبط عبدالله غيث بشقيقه الأكبر حمدي غيث ارتباطا قويا، حيث قال عنه في حوار سابق: "رغم أن فارق السن بيني وبين (حمدي) ليس كبيراً حوالي 6 سنوات، إلا أنه كان بمثابة الأب بالنسبة لي، فهو الذي حببني في الأدب، لأنه سبقني للقراءة، وهو الذي حببني في المسرح والفن، لأنه ارتاد المسارح قبلي، وكان أستاذ لي على المستوى الأكاديمي، وهو أول من قدمني للجمهور، فقد كان المخرجون يحجمون عن إسناد أدواراً لي اعتقاداً منهم بأنني دخلت الفن بواسطة أخي، ودون موهبة حقيقية، ولكنه أصر على تقديمي، وكان أول عمل لي مسرحية (تحت الرماد)، وعلى الرغم من صغر دوري، إلا أنني نجحت فيه، وبعدها كتب عني النقاد الكبار، وأشادوا بموهبتي".

تزوج في الـ18 من عمره من ابنة خالته التي رافقته طوال رحلة عمره، وأنجبت له أدهم وعبلة والحسيني، وحرص غيث على إبعاد أسرته عن الإعلام، ولم يرحب بعمل أبنائه في الفن، وقدم العديد من الأعمال المميزة أكثرها كانت في المسرح الذي عشقه عشقا كبيرا، ثم التليفزيون والسينما، ومن أكثر الأفلام التي كانت مميزة بالنسبة له فيلم "الحرام" مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة.

يعد من الفنانين المصريين القلائل الذين وصل آدائهم إلى العالمية، وذلك من خلال تجسيد لشخصية أسد الإسلام "حمزة بن عبدالمطلب" في الفيلم العالمي "الرسالة" الذي صنع منه نسختين باللغتين العربية والإنجليزية، وكان منافس غيث في النسخة الإنجليزية هو الممثل العالمي أنتوني كوين، وقال عن هذه التجربة: "كنت خائفا من فكرة التنافس مع (كوين)، خاصة أننا كنا نقدم نفس الدور بنفس المشاهد، ومضيت إلى الكاميرا والأرق ينتابني، ولكني تذكرت التاريخ المجيد للعرب، وما إن انتهيت من أداء الدور هنأني أنطوني كوين قائلاً أنت أفضل مني، ولو كنت في أوروبا أو أمريكا لكان لك شأناً آخر".

لم يكن "الرسالة" هو الفيلم العالمي الوحيد الذي شارك فيه عبدالله غيث، إذ شارك أيضا في فيلم "أفغانستان لماذا" للمخرج المغربي عبدالله المصباحي، وهو بطولة سعاد حسني ومجموعة من النجوم العالميين، بالإضافة لبعض الفنانين المغاربة، وعلى الرغم من أهمية الفيلم، حيث تحدث عن مخطط أمريكا لاحتلال أفغانستان بعد نجاحها في إخراج الاتحاد السوفيتي، إلا أنه لم يعرض حتى الآن رغم مرور أكثر من 30 عاما على تصويره، ورفضت دول عربية كثيرة عرضه، ولعب "غيث" دور أستاذ جامعي مفكر يتصدى لقوى الظلام في بلاده.

حصل على العديد من الجوائز منها جائزة أحسن ممثل من التليفزيون عام ١٩٦٣ وشهادة تقدير من الرئيس الراحل أنور السادات عام ١٩٧٦، وفي عام ١٩٨٣ حصل على درع دولة الإمارات العربية المتحدة.

دور "علوان البكري" في مسلسل "ذئاب الجبل" كان مرشح له الفنان الراحل صلاح قابيل، وبالفعل قام بتجسيد الشخصية ولكن وافته المنية بعد تصوير 8 مشاهد فقط، فتم إسناد الدور بعد ذلك إلى الراحل عبدالله غيث، وأعاد التصوير من البداية، ولكن شاءت الأقدار أن توافيه المنية أيضا قبل استكمال التصوير، فلم يجد المخرج حلا سوى أن يقتل شخصية "علوان البكري"، لتكون هذه هي نهايته الطبيعية، لكن الوضع كان مختلفا في مسلسل "المال والبنون" حيث شخصية عباس الضو الشهيرة كان لابد أن تستمر في الجزء الثاني من المسلسل، ولذلك بعد وفاة الفنان الراحل عبدالله غيث قام شقيقه الفنان الراحل حمدي غيث باستكمال تجسيد شخصية عباس الضو في الجزء الثاني من المسلسل.