توقع تقرير حديث صادر عن البنك الدولي أن تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية بشدة على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكدا أن المنطقة تعد أكثر عرضة للتداعيات السلبية نتيجة للأزمة، وبخاصة مع امتداد العمليات العسكرية بين البلدين، وبخاصة لأنه على الصعيد الاقتصادي.
وذكر التقرير أن قرب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجعلها بمثابة جارة للبلدين المتحاربتين، وبالتالي فإن بعض بلدان المنطقة أيضًا شركاء تجاريين مع روسيا وأوكرانيا، مما يجعل التداعيات الاقتصادية ملموسة ولكن بدرجات متفاوتة، وقد تكون لها تبعات سلبية مُضاعفة على مستويات الأمن الغذائي والرفاه عبر أرجاء المنطقة، فضلًا عن جائحة كورونا، وتعطُّل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدانها.
5 أزمات مرتقبة
ولفت التقرير إلى أن هناك 5 أزمات قد تواجه المنطقة ألا وهي "صدمات أسعار الغذاء (لاسيما القمح)، وزيادات أسعار النفط والغاز، وعزوف المستثمرين عن المخاطر/جنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة (الأمر الذي قد يؤثِّر على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة على الأسواق الصاعدة ككل، بالإضافة إلى تحويلات العاملين في الخارج، وضعف الجذب السياحي وتراجع إيرادات السياحة.
وقال تقرير البنك الدولي إن البلدان المصدرة للمواد الهيدروكربونية مثل قطر والسعودية والكويت وليبيا والجزائر، قد تشهد تحسنًا في أرصدة المالية العامة وميزان المدفوعات الخارجية وتعزيز معدلات النمو. ومن المحتمل أيضًا أن تشهد البلدان المصدرة للغاز، على وجه الخصوص، زيادة هيكلية في الطلب من أوروبا، حيث أعلنت سلطات الاتحاد الأوروبي عن اهتمامها بتنويع مصادر إمداداتها من منتجات الطاقة.
هل تعجل الأزمة الروسية الأوكرانية من تحول مصر لمركز إقليمي للغاز؟
وتناولت العديد من التقارير والتحليلات الدولية إمكانية أن تدفع الأزمة الروسية الأوكرانية من جهود مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز إلى أوروبا في ظل نقص الإمدادات الروسية بعد العقوبات الأخيرة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
وبحسب بيانات وزارة البترول في يناير 2022، فأن الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي بلغ نحو 6.7 مليار قدم مكعبة في اليوم، مشيرة إلى أن زيادة حجم الصادرات نتيجة لإعادة تشغيل مجمع الإسالة في"دمياط "في شهر فبراير الماضي، بعد إبرام اتفاق تسوية بين الأطراف المالكة للمجمع الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 5 ملايين طن سنويا، وبعد أن كان متوقفًا عن التشغيل لنحو 8 سنوات، إلى جانب استمرار تشغيل مجمع "إدكو" الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 7.2 مليون طن سنويًا.
وقد نجحت مصر في تشغيل كلا المجمعين خلال الشهور الأخيرة من سنة 2021 بكامل طاقتهما التصميمية البالغة 1.6 مليار قدم مكعبة في اليوم، مستغلة الفائض المتاح عن الاستهلاك المحلي؛ بسبب تراجع استهلاك الغاز في محطات توليد الكهرباء في فصل الشتاء.
وصدرت مصر من المجمعين العشرات من شحنات الغاز المسال التي بلغت أكثر من 5 ملايين طن، ووصلت شحنات هذا الغاز إلى عدة أسواق في أوروبا وآسيا.
وفي هذا الشأن، يقول تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، غن مصر أمامها فرصة كبيرة للتعاون مع الدول المنتجة للغاز، وفي حالة وجود تنسيق مع الدول الكبرى المنتجة للغاز يمكن زيادة الإنتاج وإعادة تسييله وتصديره لأوروبا ضمن بدائل الغاز الروسي لأوروبا، لاسيما مع وجود وحدتي إسالة للغاز فى دمياط وإدكو.
وأوضح "أبو بكر" أنه بالنسبة للغاز المصري فإن مصر تصدر كميات كبيرة من الغاز إلى أورويا حيث وصلت إلى الحدود القصوى لوحدات الإسالة بأدكو ودمياط، مشيرا إلى أن هناك جزء كبير من الغاز المصري يستهلك محليا، وهناك توازن بين الاستغلال المحلي للغاز المصري والتصدير للخارج.
وعن جهود تحول مصر لمركز إقليمي للطاقة، أكد "أبو بكر أن مصر يمكن أن تتحول إلى مركز إقليمي للطاقة عن طريق الاستفادة من التعاون مع الدول المنتجة الكبرى للغاز، مشددا على أن قدرة مصر تؤهلها لاستقبال أية كمات من الغاز من أجل إعادة تصديره لأوروبا من جديد في شكل غاز مسال، ممن خلال تكثيف التعاون مع الدول الأوروبية وعلى رأسها "اليونان وقبرص.
فيما يرى المهندس مدحت يوسف، خبير البترول، أنه يستبعد تحقيق مصر لمكاسب كبيرة من تصدير الغاز لأوروبا نتيجة للأزمة الروسية الأوكرانية، نظرا لان محطات الإسالة المصرية تعمل بكامل طاقتها الأمر الذي يصعب من مهمة زيادة الكميات المصدرة.
وأوضح يوسف لـ"البوابة نيوز" أنه على الرغم من الأزمة والعمليات العسكرية في أوكرانيا، إلا أن أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن الغاز الروسي، حتى لو قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا، فإن محطات الإسالة المصرية في دمياط وإدكو تعمل بطاقتها القصوى، إلا أنه نصح بضرورة العمل على الحفاظ على هذه الكميات من الطاقة الإنتاجية.