تواصل الجزائر مطالباتها الدولية بضرورة التصدي للجماعات الإرهابية والمتطرفة وفق استراتيجية موحدة، وبحسب كلمة لرئيس أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة، منتصف فبراير الماضي، أكد فيها أنه لا يوجد بلد فى منأى عن الإرهاب داعيًا للتكاتف بين الدول للنجاح في مكافحة هذه الظاهرة.
وفي بيان، أمس الأربعاء، لوزارة الدفاع الوطني الجزائرية، أعلن الجيش عن توقيف 17 عنصر دعم للجماعات الإرهابية في عمليات متفرقة عبر التراب الوطني منذ أول مارس الجاري.
وأدرجت الجزائر مؤخرا عددا من الشخصيات المنتمية لحركة رشاد الإخوانية، وقيادات تابعة لحركة "ماك" الانفصالية، ضمن قائمة الإرهاب، وهي خطوة اتجهت لها الجزائر لأول مرة، من شأنها محاصرة أسماء وشخصيات إرهابية، وأيضا زيادة تضيق الخناق عليهم، لكونها شخصيات تنشط في التحريض على البلاد، وتستقر في عدة عواصم غربية منها لندن وجنيف وباريس.
وصنفت الجزائر، التي عانت من مواجهة الإرهاب فيما أطلق عليه "العشرية السوداء"، في مايو من العام الماضي حركتي "رشاد" و"ماك" منظمتين إرهابيتين، وفقا لقرار المجلس الأعلى للأمن، وفي أغسطس الماضي اتهمت الحكومة الجزائرية الحركتين بالوقوف وراء موجة الحرائق غير الطبيعية التي شهدتها البلاد، مؤكدة أنها لن تتهاون في الرد على الذين يستهدفون الأمن والوحدة الوطنية.
الخروج من عباءة "جيش الإنقاذ"
وهربت قيادات متطرفة إلى الخارج بعد انفصالها عن جيش الإنقاذ الذراع العسكري لجبهة الإنقاذ الإسلامية التي تسببت في مقتل الآلاف من الجزائريين في المواجهات التي اندلعت في العام 1992؛ لتنجح في تأسيس وجوه بديلة وجديدة للعودة إلى المشهد القديم.
ولجأت بقايا "العشرية السوداء" المقيمة بالخارج، إلى تشكيل منظمات سياسية ترفع شعارات معارضة وتتبرأ من العنف، كما أسست جمعيات تنشط في مجالات الحريات وحقوق الإنسان، وهي طرق اتبعها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية للتغطية على أنشطته المريبة في تمويل الإرهاب وفي تنفيذ عمليات قتل وعنف، وعادة ما يتم الكشف عنه من خلال ضربات أمنية تنجح في تفكيك خلاياه وكشف خططه السرية.
ورغم ادعاء حركة رشاد أن الأمن لا يملك دليلا ضدها، فإن السلطات الجزائرية كانت قد فككت خلية تابعة للحركة مكونة من 21 عنصرا، تنشط في تجنيد الشباب الذين يقودون كتائب إليكترونية لاستغلال المناسبات الوطنية وخاصة ذكرى الحراك الشعبي لبث مجموعة من الشائعات والأخبار المضللة للتحريض ضد السلطة القائمة.
ففي الوقت الذي ترفع فيه حركة رشاد، المصنفة منظمة إرهابية في الجزائر، شعارات مثل التغيير السلمي واحترام الحقوق والحريات، فإن الجهات الأمنية لا تتوقف في تفكيك خلايا تابعة للحركة تقود كتائب إليكترونية لاستغلال المناسبات الوطنية وخاصة ذكرى الحراك الشعبي لبث مجموعة من الشائعات والأخبار المضللة.
قيادات حركة رشاد الإرهابية
تشير الأسماء التي أعلنتها الجزائر ضمن قوائمها، إلى خروجها من عباءة "جيش الإنقاذ"، وجماعة الإخوان، وأن البعض منهم حاول تشكيل ما يعرف باسم "الجيش الجزائري الحر" بهدف استعادة السيناريو السوري بعد اندلاع الحراك الشعبي ضد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
وشملت قائمة الإرهاب 10 شخصيات تابعة للحركة وهم: مخيوبة يحيى، مراد دهينة، منصري منار، عباس عروة، محمد العربي زيتوت، مكي دواجي إبراهيم، بوذراع رضا، رشيد مصلي، بوخرص أمير، هشام عبود.
الإرهابي مراد دهينة
من مواليد العام 1961، مقيم في سويسرا، هو منسق الحركة وأبرز شخصية بها، انضم في العام 1992 لــ"جيش الإنقاذ" أو ما يعرف بـ"جبهة الإنقاذ الإسلامية" والتي تسببت في مقتل ربع مليون جزائري في أحداث العشرية السوداء، وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن لمدة 20 عاما.
أعلن انفصاله عن "جيش الإنقاذ" في العام 2004، ليعلن بعدها في نفس العام تأسيسه مع آخرين ما تعرف باسم "منظمة الكرامة الحقوقية"، ثم اشترك في تأسيس حركة رشاد في العام 2007
ادعى أنه تعرض لضغوط فرنسية أثناء العمل في مركز أبحاث أوروبي من أجل ترك العمل السياسي، ثم أوقفته السلطات الأمنية في فرنسا لمدة 6 اشهر للتحقيق معه في تهم تلاحقه.
الإرهابي محمد العربي زيتوت
من مواليد العام 1963، رئيس حركة رشاد، وهو أحد المؤسسين، والصادر بحقه مذكرة اعتقال بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، مقيم في لندن.
عمل موظفا بوزارة الخارجية وترك عمله في العام 1995 على خلفية الانتماء لجبهة جيش الإنقاذ الإرهابية، وبعد هروبه للخارج أسهم في تأسيس عدة منظمات مشبوهة منها منظمة جستيسيا عام 2001 ومنظمة الكرامة 2004 وحركة رشاد 2007.
يقدم حلقات بث مباشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بهدف تحريض الشعوب على أنظمتها، وخاصة البلاد التي وجهت ضربات حاسمة لجماعة الإخوان الإرهابية مثل مصر وتونس، في إحدى الحلقات التي قدمها فوجئ بالسلطات الأمنية تعتقله بهدف التحقيق معه في أنشطته المريبة، وخاصة بعد حوادث الحرائق التي ضربت الجزائر الصيف الماضي.
حاول الضغط على السلطات الإسبانية لمنع تسليم مجرمين هاربين إلى الجزائر، وذلك من خلال أبواقه الإعلامية المرتبطة بتنظيم الإخوان الدولي، إلى جانب جمع توقيعات من شخصيات حقوقية حول العالم، وتنظيم وقفات احتجاجية للتنديد بتسليم الهاربين، والعمل على وصفهم بالمعرضين والمناضلين للتشويش على مساعي الجهات الأمنية في الجزائر، وقد باءت محاولات كثيرة بالفشل بعدما أعلنت "مدريد" تسليم هاربين السلطات في الجزائر.
الإرهابي عباس عروة
من مواليد العام 1962، مدير ومؤسس مؤسسة قرطبة لترقية السلم في جنيف 2002 والتي ترفع شعارات خادعة كعادة جماعة الإخوان الإرهابية مثل: تعزيز السلم في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، وترشيد الخلافات بين المجتمعات، تعزيز انخراط أطراف الخلافات السياسية في ثقافة الحوار.
اشترك في تأسيس منظمة الكرامة، واشترك في تأسيس رشاد، واشترك في تأسيس ما يعرف بـ"المنظمة العربية للحريات والحكم الراشد" 2009
الإرهابي رشيد مصلي
مواليد العام 1954، اشتغل بالمحاماة، وتطوع للدفاع عن المتهمين في جبهة جيش الإنقاذ، أوقفته الجهات الأمنية وقضى في السجن 3 سنوات، وبعدها سافر إلى سويسرا في العام 2002 ليتمكن من التحريض على بلاده من الخارج.
شارك في تأسيس منظمات مثل جستيسيا والكرامة التي يشغل مديرها القانوني، وشارك في تأسيس رشاد، وفي العام 2015 أوقفته السلطات الإيطالية على خلفية الاتهامات التي تلاحقه وأعيد إطلاق سراحه.
اتفاق مصري جزائري
وطرحت الجزائر عبر مشاركة وزير خارجيتها رمضان لعمامرة، بالاجتماع الوزاري لمجلس الأمن والسلم الأفريقي، نوفمبر الماضي، أهم الدروس المستفادة من تجربة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، كما دعت المشاركين إلى تبني صياغة استراتيجية قارية مشتركة لمواجهة آفة الإرهاب والتطرف.
وشدد "لعمامرة"، بحسب بيان لوزارة الخارجية، على ضرورة بلورة واعتماد مقاربة شاملة ومتكاملة تستند إلى الظروف الخاصة لكل دولة وتهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذه الآفة.
وتتفق الرؤية الجزائرية مع الرؤية المصرية في طلب تبني استراتيجية موحدة في مجال مواجهة الإرهاب، ففي يناير من العام الجاري، ألقى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي كلمة خلال اجتماع الهيئة الموسع لمكتب قمة الاتحاد الأفريقي، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، شدد فيها على ضرورة التكاتف من أجل مكافحة الإرهاب.
ودعا الرئيس السيسي، إلى صياغة استراتيجية إفريقية واضحة للقضاء على خطر التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويله، مؤكداً سعي مصر لتقديم المساعدة لدول القارة، من خلال تكثيف الدورات التدريبية المقدمة لكوادرها في مجال مكافحة الإرهاب، والمشاركة في بعثات حفظ السلام الأممية، ومواصلة تلك الجهود من خلال مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب ومقره القاهرة، واستعداد مصر لتقديم المزيد من الدعم، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال آليات الاتحاد الأفريقي.