تركت محافظة دمياط بصمة كبيرة في حياة الكاتب والسيناريست الراحل يسري الجندي، الذي رحل عن عالمنا اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز 80 عاما، أثرا كبيرا في تشكيل حياته الإبداعية، والاحتكاك بالحضارات والثقافات المختلفة.
امتدّ تأثير المدينة العريقة في أجيال كثيرة من بينها: الدكتور عبدالرحمن بدوي، والدكتور زكي نجيب محفوظ، وغيرهم، ومن الفنانين أيضا: سعد أردش، عبد الرحمن أبو زهرة وغيرهم، ومن المسرحيين: علي سالم، محمد أبو العلا السلاموني، وآخرين، أسهمت في ثراء فكري وإبداعي كبير لكل روادها.
انتقل "الجندي" إلى محافظة القاهرة للعمل بوزارة الثقافة، وكان أول تعارف جمع بينه وبين الكاتب سعد الدين وهبه، عندما شاهد وأُعجب "وهبه" بمسرحية "بغل البلدية" التي قدمت في مدينة الزقازيق عام 1969، وحققت نجاحا كبيرا، حتى توطدت علاقة الصداقة بينهما آنذاك.
وكانت الوقفة الأولى له مع التلفزيون، عندما عرضت مسرحية "عاشق المداحين"، في التلفزيون، ولاقت نجاحا كبيرا من قبل المشاهدين، وقدم أول عمل تاريخي للتلفزيون كان بعنوان "عبدالله النديم" في شهر رمضان عام 1980، ولاقى نجاحا كبيرا، وهو عمل ملحمي متشبع بروح المسرح، حيث تدور أحداثه حول انتصارات الثورة العُرابية، وكتب عنها العديد من الكتاب والنقاد من بينهم ثروت أباظة.
أدخل "الجندي" السيرة الشعبية للمسرح بالعامية، فكتب السيرة الهلالية في أجزاءها الثلاثة، وغيرها من الأعمال التراثية، ولكن كان أهمها "على الزيبق" حيث قدمت في التلفزيون بأقل الإمكانيات، وأخرجها إبراهيم الشقنقيري، فالتراث الشعبي يعد أحد الروافد التي يجب إحياءها خاصة بعد فترة 1967، ومدى تأثيرها النفسي على الشعب المصري.
"عنترة" من أقل الأعمال التي قدمها الجندي على خشبة المسرح، لكنها تحتل مكانة كبيرة في حياته الإبداعية، فعندما قابله صديقه الفنان حمدي غيث متسائلا: لماذا لا تتقدم لجوائز الدولة؟ فأجابه الجندي قائلا: "لا أملك أعمالا ترضى"، فحدثه "غيث" قائلا: "أنت تملك الكثير من بينهم "عنترة"، و"رابعة العدوية"، ولكنه سرعان ما تقدم بمسرحيته "عنترة" في آخر أيام التقديم، ولم يتوقع لها الفوز، لكنه حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1980 عن هذا العمل.
يشار إلى أن الكاتب المسرحي والسيناريست يسرى الجندى، ولد في محافظة دمياط عام 1942، واهتم في كتاباته بالتراث الشعبي، وساهم في تطوير الثقافة الجماهيرية أثناء توليه منصب المستشار الفني له عام 1982.
شغل الجندي، العديد بوزارة الثقافة منذ عام 1970 منها: مديراً لمسرح السامر بالقاهرة عام 1974، ثم مديراً للفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية عام 1976، ومستشاراً لرئيس الهيئة للشئون الفنية والثقافية حتى أحيل للتقاعد 2002 ، قدم العديد من الأعمال الهامة للسينما، والتلفزيون، والمسرح .