الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

اللواء تامر الشهاوى عضو مجلس النواب ولجنة الدفاع والأمن القومى السابق يكتب: يوميات الأزمة الروسية الأوكرانية.. وماذا يدور فى عقل بوتين والغرب؟

اللواء تامر الشهاوي
اللواء تامر الشهاوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اثنا عشر يومًا مرت على اشتعال الأزمة الروسية الأوكرانية، وتطورات متسارعة متلاحقة على مدار الساعة وحرب تصريحات متبادلة بين روسيا والغرب أكثر كثيرًا مما يحدث على الأرض.

مما لاشك فيه أن، أكثر ما يقلقنا هو الوضع الإنسانى الذى تعيشه أوكرانيا منذ اندلاع الأزمة واضطرار أكثر من ٢ مليون مواطن أوكراني إلى الفرار لمناطق ودول أكثر أمانا من المتاخمة للحدود الأوكرانية ولكن هكذا تحدث الأمور عند اشتعال الصراعات المسلحة.

أظهرت الأزمة أهميه أوكرانيا كعمق استراتيجى حيوى للاتحاد الروسى وأن روسيا تحت أى ظرف من الظروف لن تسمح بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو ولا أن تتقارب مع الغرب مهما كانت التضحيات التى ستقدمها روسيا وفى سبيلها إلى ذلك طالبت مرارًا وتكرارًا من الغرب احترام مجالها الحيوى ولكن أصر الغرب على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية على تحدى روسيا وتهديد أمنها القومى.

على جانب آخر لم تحسن أوكرانيا تقديراتها السياسية من خلال ميلها إلى الغرب ورغبتها فى الانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وتناست ربما عمدًا أن التحالفات لها تقديرات مختلفة يجب أن توضع فى الاعتبار قبل الإقدام عليها وهنا بالطبع لا أنسى ولا أتناسى أن أوكرانيا دولة مستقلة ولها أن تختار مسارها السياسى وفق ما يحقق مصالحها ولكن بأى ثمن هى مستعدة أن تدفعه وهو قدر السياسيين وقادة البلاد فى تقدير الموقف وحسن اختيار المسار.

لعلنا نعود قليلًا إلى الوراء ومنذ تفكك الاتحاد السوفييتى عام ١٩٩١ وهى تحمل ضغينة كبرى وتحمل ما حدث لها للغرب والولايات المتحدة الأمريكية ولكن روسيا البوتينية مختلفة فهى تعود أكثر قوة وصلابة وتطورًا وحداثة مما يؤهلها إلى استعادة مجدها القديم ربما ليس بنفس الصورة السوفيتية السابقة من حيث المساحة والتمدد ولكن من حيث القوة والتأثير على الساحة العالمية.

نفذ بوتين تهديده لاوكرانيا فى تنفيذ عملية عسكرية استراتيجية محدودة بعد سنوات من مطالبته المستمرة باحترام الامن القومى الروسى دون جدوى وتعامل الغرب باستخفاف مع المطالب الروسية حيث حشدت روسيا مايقرب من ١٠٠ الف مقاتل على الحدود الاوكرانية بغرض تأمين إقليم الدونباس لصالح الجمهوريتان الجديدتان بالإضافة إلى استهداف وحدات الدفاع الجوى والمطارات العسكرية ومخازن الذخيرة ونقاط التجميع ومراكز القيادة والسيطرة ومبانى الاستخبارات والمفاعلات النووية والاهداف الحيويه العسكريه الاستراتيجية فى الداخل الأوكراني بهدف إجهاض وافشال القوات الاوكرانية فى تحقيق اى نجاحات مستقبلية.

بعضنا متأثر بما يروجه الاعلام الغربى بأن روسيا تجتاح أوكرانيا وأن هناك مقاومة أوكرانية افشلت التقدم الروسى إلى آخر هذه الادعاءات الغربية إضافة طبعا إلى الصورة التى يقدمها للعالم يوميا الرئيس الاوكرانى فعلى الرغم من احترامى الكامل لمحاولاته إلا أنه وقياداته السبب الرئيسي فيما يحدث بأوكرانيا الآن لفشلهم فى تقدير موقف سليم.

عسكريًا خططت روسيا لعملية عسكرية استراتيجية محدوده ولم تخطط لحرب شاملة وأشركت أقل من ١٥٪؜ من قوتها العسكرية ولا ترغب موسكو فى احتلال أوكرانيا ولا الدخول فى حرب مدن لدولة تعدادها ٤٤ مليون نسمة، وهذا يفسر عدم اندفاع قواتها إلى داخل المدن والاكتفاء بمحاصرتها لأن أسوأ معارك لأى جيش على الإطلاق هى ما تكون داخل المدن وروسيا تدرك ذلك ومن جانب آخر يعلق الغرب على ذلك بأن الجيش الروسى فشل فى اقتحام المدن نتيجة المقاومة الأوكرانية وهو على خلاف الحقيقة كما تدرك روسيا ذلك بان الغرب يسعى الى دفعها للمستنقع الاوكرانى فى حرب طويلة المدى لاستنزافها وهو ما لن تقع فيه روسيا.

سياسيًا فشل الغرب فى الضغط على موسكو إيقاف العملية العسكرية على الرغم من الحشد الدولى الغير مسبوق وسلسله العقوبات من كل الاتجاهات والتى بدأت من النفط والغاز مرورًا بالرياضه وانتهاءًا بغلق الشركات والمطاعم الغربيه فى روسيا ولكن فى المقابل كان رد الفعل الروسى أصلب مما توقع الغرب بكثير وهم يعلمون تماما ان الروس لن يتراجعوا عن موقفهم تحت اى ظرف من الظروف بل ذكروا العالم اجمع بالا يتناسى قوه الردع النووى الروسى بالتلويح بها من خلال رفع درجات استعدادها وهو ما لن يتحمله اوكرانيا ولا الغرب ولا العالم بأسره.

كل تلك التطورات تدفعنى دفعًا الى النظر للموقف الغربى والأمريكي الذى يسعى إلى ( شيطنه) روسيا والضغط عليها الى حد الانفجار والذى ضحوا بأوكرانيا وشعبها فى سبيل توريط روسيا فى تلك الأزمة لعزلها دوليًا وفرض عقوبات جديدة عليها على الرغم أن الأمر بات جليًا للجميع أن حل الأزمة كان مطروحًا قبل اندلاعها ان تتخلى أوكرانيا عن محاولات انضمامها الى الناتو مع تعهدات غربيه باحترام المجال الحيوى لروسيا.

متابعة تطورات الأزمة فى الايام الاخيره بعد اثنا عشر يومًا تؤكد ان لجام الأزمة أصبح بيد الكرملين وأنه يملك كل الأوراق التفاوضية لتحقيق النهايات التى يرغبها وسنرى خلال الأيام القليلة القادمه الوصول لحل الازمه برضوخ الغرب لاغلب الطلبات الروسيه على الرغم من كل الضغوط التى يواجهها وقد يكون ما طرحته هو نهايه ( مؤقته ) للازمة ولكنى استطيع القول ان العالم قبل ازمه اوكرانيا بخلاف العالم بعدها وإن العالم سيشهد تطورات حادة خلال السنوات المقبلة وبأسرع مما يتصور البعض وفى القلب من تلك التطورات منطقة الشرق الأوسط ولهذا حديث آخر.