الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

في يوم المرأة العالمي.. غادة عبد الرحيم تكتب:  لا تقتلوا مجددا هيباتيا.. اتركوها تحلم وتحكم وتقول وتقود

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من الصعب أن تكتب عن نفسك، أن تشرح كم أنت مٌهم لهذا العالم، ما تتحمله وما تواجهه كيف نجوتي من وأد التاء ووصلتي الحاء بالباء، كيف كنتي ابنة وزوجة وأم وربما أبا في ذات الوقت.

أنا لست متحيزة للنساء لكوني امرأة بل أنا متحيزة لها لكوني إنسان لذا لا أجد في المرادفات ما يُعبر عنها وعني وعن كل النساء أينما كن، فلا يليق بنا أن نقدم لهن الهدايا العادية ولا الحديث الإنشائي ولا نحاول الانتصار لهن لأنه بغيرهن كل نصر هزيمة وكل عزة مذلة وكل طرح بوار وكل جنة نار، هٌن الشراع والفلك والمدار، الونس والسكنى والدار فلا جدوى من التكرار.. تكرار الحديث عن حقوقهن فهن الحقوق، وهن الساعات والأيام والسنوات. 

هناك حيث كنا قبل الكون كان حديث يجمعها مع آدم عن المحنة والمنحة وتربية الولد، خالطت دموعها مياه البحر الأجاج وهي تودع هابيل وتبكي فعلة قابيل، أخذ النٌعاس عينها فتقاتل أبنائها فتعلمت من حينها ألا تنام، كانت تتحسس خطاها قبل النور والنار.. كان العالم مظلما فصنعت له مصابيحًا، ووضعت القوانين والتشريعات ثم جاء أبنائها بجحود يستبعدونها من السطور ويعتبرونها عورة وينسون أنهم ولو كانوا الجذوع والفروع هي كانت الأرض والشجر والثمر.

هذا الضيم في العالم وتلك الغُصة العالقة في تفاحة آدم لن يمحوهما إلا التمسح في أقدام العذراء وعدم ترك هاجر في الصحراء مع ولدها.

على العالم أن يأت بالقصة منذ البداية منذ أن كنا أرواحا ليعرف ما حدث من خلل متى وأين حدث؟ من عبث بكفتي الميزان وجعله غير متزن فأخذ من حقوق المرأة ووضعها للرجل.. على رجال هذا العصر أن يقرأوا جدارية التاريخ جيدا صفحة حواء وآسيا بنت مزاحم وحتشبسوت ونفرتاري وكليوباترا وميريت نيت ونفرتيتي وتاوسرت ومريم وهاجر ووصايا الفرعون بتاح حتب حين قال: «إذا أردت الحكمة، فأحب شريكة حياتك».

أشكر كل النساء وأنا منهن كل اللاتي كن العود والظل في القيظ، أشكر أم أبي لأنها منحتني أبي بهذا الشكل وهذا القدر وهذه الأخلاق، أشكر أُمي بعدد امتداد سنوات عمري منذ أن كنت لا شئ ثم بكيت ثم حبوت منها وإليها، وأتكأت على معصميها وتوسدت يديها، أشكرها وأنا أعلم أنني لو كتبت في كل موضع بالكرة الأرضية شٌكرا ما وفيتها حقها لا كأمي ولكن حينما كانت أمي وأبي في ليالي غياب أبي، أشكرها لأنها علمتني هذا الدور جيدا وما كانت تفعله في ليال بت أفعلها أنا في سنوات.

 فيا أيها القابعون خلف جدران الزمان لا تقتلوا مجددا هيباتيا لأجل أن تٌشعلوا بدمائها مصابيحكم، هيباتيا هي نبض عروقكم وروحكم، اتركوها تحلم وتحكٌم وتقول وتقود.