السيناتور نتالي غوليه، عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي منذ عام 2007 عن كتلة الوسط بحزب الاتحاد الديموقراطين ممثلة منطقة أورني، ومنذ العام 2015، تشغل منصب نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة والأمن في مجلس الشيوخ.
ترأست غوليه، لجنة تحقيق حول تنظيم ووسائل محاربة الشبكات الجهادية في فرنسا وأوروبا. كما كانت رئيسة لجنة الصداقة الفرنسية الخليجية، وتساهم في لجنة بحث المفاوضات النووية مع إيران وتشتهر بمناصرة القضية الفلسطينية وحق اللاجئين، ومكلفة حاليا بتقرير مشاريع القوانين في المجلس في مجال الأمن الداخلي الفرنسي.
ألفت غوليه، مؤخرًا كتابا ضد الإخوان والشبكات الإرهابية في أوروبا سيصدر قريبا مع وعد منها لإجراء حوار خاص عنه، وعن شبكات الإرهاب في فرنسا.
“البوابة نيوز”، التقت السيناتور الفرنسية لتحدثنا عن الأزمة الأوكرانية، وجاءت الإجابات صريحة للغاية، لتكشف ضعف القارة العجوز، وعدم امتلاكها جيشًا للدفاع، وعدم استعداد أي دولة للدفاع عن أوكرانيا في مواجهة الجيش الروسي، وإلى نص الحوار:
البوابة نيوز: كيف كان تأثير الحرب والغزو الروسي عليكم كبرلمانيين؟!
عندما قرع جرس الحرب في مجلس الشيوخ صباح يوم الخميس الماضي 24 فبراير في صحن الدورة التقليدية بمجلس الشيوخ، تفاجأنا جميعًا، ولم يتابع الأعضاء النقاش الذي كان مطروحًا حول التقرير السنوي لديوان المراجعين. وأخذ رئيس مجلس الشيوخ، السيناتور جيرار لاريشر، الكلمة للتنديد نيابة عنا بالعمل الحربي الذي لا يصدق، بعد الضربات الروسية أثناء الليل التي استهدفت عدة نقاط في الأراضي الأوكرانية.
تحدث العديد من الشيوخ لطلب تنظيم مناقشة في البرلمان حول الوضع في أوكرانيا، وكنت منهم لكي نتمكن من إجراء مناقشة بسرعة كبيرة، وقد تم ونظمته السلطة التنفيذية، وتم إخطار البرلمان ليكون على علم بالوضع الدولي بأعمال الحرب التي ارتكبها السيد بوتين، لقد طلبت المناقشة بنفس وجهة نظر الزملاء في المجلس الموقر جميعا أدنا الحرب، فالنقاش في البرلمان أمر منطقي وطبيعي اعتمادًا على التطورات في الأيام القادمة حيث يجب دراسة الوضع بشكل هاديء حتى تأتي القرارات بشكل حكيم ولهذا وجه الرئيس ماكرون كلمة للبرلمان تلاها رئيسا غرفتيه بالجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ لأن الوضع خطير وكان يجب مخاطبة الأمة الفرنسية.
البوابة نيوز: كيف تنظرين إلى الأزمة الأوكرانية التي أشعلت النار في أوروبا؟
عندما تولد في أوروبا وتنعم بالسلام، فمن الصعب أن تتوقع الأسوأ، في الوقت نفسه، للأسف ظهر ضعف أوروبا في قضية شبه جزيرة القرم، وعلى أسس أخرى في الساحة العالمية في إفريقيا والشرق الأوسط.. أعتقد بأن الأزمة الأوكرانية درس آخر لقادة فرنسا للاستماع الى إلحاحنا المستمر حول ضرورة وجود أوروبا للدفاع، والتي للأسف لا تتواجد إلا على شاشات التلفزيون وفي خطابات "أبطال الكلام"، ولكن ليس في الواقع وقد آن الآوان في بناء أوروبا الدفاعية وحماية سيادة القارة العجوز.
البوابة نيوز: كيف ترين إدارة فرنسا للأزمة؟
في البداية لخطورة الموقف علينا أن نصطف جميعنا من أجل الوحدة الوطنية حول الرئيس بصرف النظر عن انتماءاتنا الحزبية المتعارضة معه فهو أيضًا رئيس أوروبا. ونحن نواجه حربا في قلب أوروبا، وبالتالي يجب وحدة الصف، وهو يحبذ الطريق الدبلوماسي والحوار وقد ساهم في هذا بشكل جيد، فلا أحد في العالم يرغب الحرب سوى السيد فلادمير بوتين، والحرب ليست في مصلحة فرنسا ولا أوروبا ولا الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد كانت هناك تحذيرات عديدة من توقع الامتثال لاتفاقيات مينسك التي نصت على إجراء انتخابات في دونباس رفض الرئيس زيلينسكي تنظيمها لأنهم كانوا سيقودونها إلى استبداله وبدلًا من ذلك، قام بإغلاق محطات تلفزيون المعارضة وسجن خصمه الرئيسي، المنتصر ميتفيتشوك دون محاكمة، دون عدالة، ووضعه تحت الإقامة الجبرية محاطًا بالجنود، لأكثر من عام.
ما أعنيه هو أن الوضع ليس بهذه البساطة، ولكن لا يوجد أي مبرر انتهاك حدود السيادة الأوكرانية، كانت هناك علامات تحذيرية من توترات خطيرة في البلاد استهان الكثيرون بها.
في السياق نفس، رأيت بأم عيني الميليشيات النازية التابعة لفرقة آزوف تجند في شوارع كييف وقمت بتصوير ذلك بمحمولي الخاص، لقد استجوبت الحكومة الفرنسية في هذه النقطة مرة أخرى، أدين بشدة الغزو الروسي وأؤكد بأننا جميعأ مع الرئيس الفرنسي في تضامنه مع أوكرانيا فقد أرسل اليوم أسلحة جديدة ومعدات عسكرية ودفاعية لأوكرانيا لتعزيز دفاعاتها أمام جبروت بوتين.
البوابة نيوز: هل تعتقدين أن حرب يقودها الجيش الأوروبي ضد روسيا يمكن أن تحسم الأمر أم أنها ستزيده سوءًا؟
- بكل صراحة لا يوجد جيش أوروبي ولا أحد يريد أن يموت من أجل أوكرانيا.
البوابة نيوز: إذن لماذا تدخل أوروبا في لعبة الأمريكيين وتستفز روسيا بجلب أسلحة الناتو وتقترب من أراضيها !؟
الناتو يديره جنود، إنهم يعشقون الحرب، إنها وظيفتهم! انظر ماذا حدث في العراق. بصراحة أنا لا أثق في الأمريكيين الذين يضعون دائمًا مصالحهم الشخصية قبل مصالح الدول الأخرى.
يجب أن تكون قضية العراق درسا للجميع فقد كان جاك شيراك محقا في عدم المغامرة هناك. على عكس ساركوزي الذي تسبب في تمزيق الشأن الليبي وزعزع استقرار المنطقة لعقود
البوابة نيوز: كيف تصفين بوتين؟ ولماذا لا يستمع إلى ماكرون أو للقناة الدبلوماسية؟
بوتين ديكتاتور قوي يستغل نقاط ضعف الديمقراطيات غير المنظمة، لقد حان الوقت حقًا للرد على دور المنظمات الدولية غير القادرة على النهوض بمستوى الأحداث وحمالية السكان من الحروب أتمنى انشاء مؤسسة دولية تقدر على حماية القانون الدولي يمكننا رؤيتها جيدًا في هذه الأزمة وكذلك لحل القضايا العالقة في الشرق الأوسط.. فمن سيفرض الانتخابات الديمقراطية في فلسطين؟ إن المجتمع الدولي، للأسف غير موجود ضد الطغاة.
يتوجب على الأسرة الدولية وفي مقدمتها فرنسا العمل على إنشاء صيغة دولية وهيئة دولية قوية ورادعة بديلة عن حلف الناتو ومجلس الأمن وحتى بديلة عن منظمة الأمم المتحدة تقدر على تسوية كافة المعضلات الدولية التي مازالت عالقة منذ نصف قرن ويزيد.
البوابة نيوز: ماذا ترين في العقوبات الاقتصادية ضد روسيا؟
لن يكون للعقوبات الاقتصادية والمالية، ولا حتى التضامنات الأوروبية وإضاءات برج إيفل بألوان أوكرانيا أي تأثير على بوتين، نحن لسنا من مؤيدي "نزع سلاحنا" في مواجهة الديكتاتوريات والقوة العسكرية الظالمة، يجب علينا إعادة التفكير في القانون الدولي وإعطائه قوة تطبيق حقيقية لكن اليوم وليس غدًا.
البوابة نيوز: لكن فرنسا قادت حملة عقوبات اقتصادية شرسة اعتمدتها أوروبا؟
نعم صحيح واتخذ الاتحاد الأوروبي على الفور عقوبات مالية كبيرة للغاية، في الوقت الحالي لاستبعاد روسيا من نظام SWIFT للتبادل المصرفي الدولي وهذه عقوبة قوية للغاية. لكن المشكلة أن هناك دولا أوروبية أعضاء عديدة تعيق تنفيذ هذا الإجراء خوفا من العواقب الاقتصادية عليها.
المشاورات والاجتماعات الطارئة لجميع الهيئات الدولية آخذة في الازدياد، الناتو ومجلس أوروبا… إلخ، في مواجهة كل حركات الدعم هذه، ومع هذا استمر سيد الكرملين في طريقه إلى كييف دون أن يوقفه أحد.
البوابة نيوز: هل كنتم تتوقعون أن ينفذ فلاديمير بوتين تهديداته؟
- بصراحة، لم يتخيل الكثير منا (بمن فيهم أنا) أن فلاديمير بوتين سينفذ تهديداته كنا نظنه يناور.
أنا ولدت بعد الحرب مثل العديد من الأوروبيين الآخرين، نشأت في سلام وشاهدت حروبا بعيدة عنا، وقد بدت فكرة الحرب على أبواب أوروبا مستحيلة بالنسبة لنا ومع ذلك هذا ما يحدث هنا والآن، جميعا نتفق معه على أن غزو روسيا لأوكرانيا،هو انتهاك لجميع القوانين الدولية، يغرق أوروبا في الحرب.
البوابة نيوز: هل ستواجة دول أوروبا روسيا عسكريا؟
كانت ردود أفعال الدعم الأوروبي عديدة، لكن لم تقرر أي دولة في هذا الوقت إرسال قوات لدعم أوكرانيا. هناك فقط تطوعات، فرنسا أرسلت للتو 900 جندي إلى رومانيا كجزء من مهمات الناتو، على بعد حوالي 900 كيلومتر من الحدود الأوكرانية وطائرات الرافال لتعزز نحو 106 طيارة فرنسية حربية هناك، بقية الدول لا تقل عن ذلك.
البوابة نيوز: هل تتابعون الموقف العربي من الأزمة؟
نعم فقد أشار ممثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، صاحب السمو الملكي عبد العزيز العتيق، في 23 فبراير إلى قرار مجلس الأمن رقم 2202، الذي تم تبنيه بالإجماع في عام 2015، ودعا إلى وقف التصعيد. وفي غضون ذلك، التقى وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، وليد الخريجي، في دبي مع نظيره الأمريكي لوضع استراتيجية قوية وضمان احترام سيادة أوكرانيا، كذلك فعل وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، وكثف اتصالاته من جهته، وينتظر خلال الساعات القليلة المقبلة، لقاءات في موسكو.
كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت لاعب أساسي في دبلوماسية القرن الحادي والعشرين، وتمثل دبلوماسية ملتزمة ولكن حذرة، معنية بالتوازنات الإقليمية والدولية مثل المملكة العربية السعودية المنخرطة في خطة غير مسبوقة للتحديث والانفتاح على العالم، والبحث عن التنويع في التحالفات منذ الحرب في العراق، وقرار إنشاء القاعدة العسكرية الفرنسية في أبو ظبي هو دليل واضح على هذه الاستراتيجية ويشهد على خيار مستنير ومناسب.
البوابة نيوز: هل يمكن لدول الخليج أن تلعب دورًا في بناء هذا السلام؟
السؤال لم يطرح هنا والجواب نعم.. في حالة فشل روسيا في إمدادات الطاقة، فإنها تصبح مع الولايات المتحدة مصادرنا الرئيسية للإمداد. هذا سبب قيام الرئيس ماكرون بالاتصال بولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد وكذلك بولي عهد المملكة السعودية الأمير محمد بن سلمان وأمير دولة قطر لتبادل الآراء والمشورة والرؤى وكذلك لبحث بدائل عن الغاز والنفط الروسي.
لأن الأزمة الأوكرانية تدفع أوروبا إلى إعادة التفكير في إستراتيجيتها للطاقة هنا والآن والعثور على موردي الغاز الآخرين بأسعار معقولة، وهو ما لا يسمح به الغاز الصخري من الولايات المتحدة (والذي بدوره يشكل كارثة بيئية).
وبالتالي، ستكون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، الموجودة بالفعل في الأسواق الأوروبية، شركائنا المتميزين بشكل مضاعف.
من الواضح أن المواقف الدبلوماسية تتأثر بسياسة الطاقة، وبعد الأزمة الصحية، فإن الارتفاع غير المنضبط في أسعار الطاقة سيكون مميتًا للاقتصاد العالمي.
نعرف في فرنسا وأوروبا بأن الإمارات العربية المتحدة، مثل المملكة العربية السعودية أو قطر، الملاذ الأضمن لإمدادات الطاقة في أوروبا وأمريكا. في الوقت نفسه تتطلب العلاقات داخل أوبك أكبر قدر من الحذر ولباقة معينة، ويعتمد اقتصاد العالم على اتفاقيات أو خلافات بين الأعضاء بما في ذلك روسيا، وكان من المقرر عقد اجتماع أوبك في 2 مارس، ولكن الحذر موضع ترحيب على ما يبدو لي.
البوابة نيوز: كيف ترين سياسة الإدارة الأمريكية؟
إن سياسة الولايات المتحدة غير المنتظمة وغالبا غير متوقعة، فانسحابها أحادي الجانب من أفغانستان، قد بث الشك بين حلفائها التاريخيين في أوروبا وكذلك في الخليج الذين ظلوا مخلصين للحليف الأمريكي، وإنهم على حق في اللعب السياسي بأمان.
