أثبتت الأزمة المستمرة في أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة وأوروبا أن الجيوش ستبقي هي الحاسمة في أي صراع بين الدول، وان القوة هي أساس الحسم في كل صراع، وهو ما دفع دول إلى إعادة النظر في نظم تسليحها، ووضع برامج لتعظيم قواها المسلحة.
القضية برمتها محسومة لمن يملك عناصر القوة، في الصراعات المباشرة ومن يدخل على الخط أو المحرضين، بل يصل الأمر إلى تأديب من يتطاول على أمن الدول، وهو رسالة لقوة الردع لأي مخاطر تواجه أمن الدول، وأن أمن الأوطان خط أحمر لمن يفكر أو يتبادر في ذهنه المساس بأمور الأمن القومي للدول.
والضعاف هم من يصبحون في مهب الريح في هذا الزمن، ومن يدرك الخطر، يضع حساباته بدقة شديدة لمواجهة مختلف التقلبات، من خلال امتلاك قوى الردع، والحماية وتوفير كل سبل الأمن بكل عناصره لمواجهة أي مخاطر متوقعة من أي عدة متوقع.
ولا شك أن الاعتماد على أطراف أخرى لتوفير الحماية خطأ استراتيجي من أي دولة أو نظام، فمن يعتمد على نسفه أولا هو القرار الصائب، وتجربة أوكرانيا في المواجهة مع روسيا وعملياتها العسكرية، خير دليل في الوقت الحاضر، وتعكس أهمية أن تعتمد الدول على نفسها أولا في توفير سبل الحماية.
وإذا تصورت كييف أن قيام عمليات عسكرية روسية على أراضيها غير وارد، فهو خطأ استراتيجي كبير، بل يدخل تحت سوء التقدير وربما الخيانة من الحليف الأمريكي تحديد.
بل أن مجرد قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بتدريب قوات أوكرانية على كيفية مقاومة أي غزو روسي محتمل لسنوات، سوء تقدير من كل الأطراف، فبعد وقوع العمليات على الأرض وبنطاق واسع النطاق، يظل الحديث حول وجوب دعم المقاومة على المدى الطويل، وإلى أي حد.
وتلفت أوكرانيا في منطقة ضعيفة من خلال دعوة وزارة الدفاع الأوكرانية السكان إلى صنع زجاجات حارقة لاستهداف القوات الروسية القادمة، وهذا مجرد معالجة في الوقت غير المناسب على الإطلاق، لوجود حذر من الغرب من أن أي اشتباك عسكري مباشر مع روسيا قد يتحول إلى حرب، ومن هنا ظلت المخابرات البريطانية والأمريكية والقوات الخاصة تدرب، بشكل أكثر سرية وعلى مدى سنوات، قوات خاصة أوكرانية، لتتجنب المواجهة مع موسكو، وتدفع كييف للحرب نيابة عنها.
وتدفع أوروبا وأمريكا أوكرانيا إلى الاعتماد على تقنيات الحرب غير النظامية، أو حرب العصابات، ليظلا في النقاط الخلفية، دون المواجهة المباشرة، وكان الوضع يعود لزمن الحرب العالمية الثانية، ولزمن الحرب في أفغانستان، فعندما غزت موسكو كابول قبل أكثر من أربعة عقود، قدم الغرب الأسلحة والتدريب للمقاتلين الأفغان الذين سعوا إلى محاربة الجيش الأحمر من خلال الكمائن والهجمات، دون ان تقوم قواته بالحرب المباشرة.
ونتذكر جيدا أن جهود وكالة المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية إم آي 6 لدعم المقاومة في البلدان الواقعة خلف الستار الحديدي، مثل أوكرانيا ودول البلطيق وألبانيا، في الفترات الأولى من الحرب الباردة، أدت إلى كارثة رهيبة، فقد تمكنت موسكو من اختراق تلك المجموعات، وكانت تعرف بالضبط ما يجري مدعومة بقوة من جواسيسها. وربما يكون ما تقوله روسيا بشأن أنها لا ترغب في احتلال أوكرانيا، بل هدفها تنصيب نظام موالٍ لها في كييف، لأنها تدرك مخاطر الاحتلال وتجربة أفغانستان ما زالت ماثلة أمامها.
بل الأخطر أيضا أن الغرب في أوروبا وأمريكا يدركون كيف هو الوضع لدى من تلقوا السلاح والتدريب، حيث أصبحت بلدان هؤلاء من تم تدريبهم، ظلت للآن غارقة في حركات تمرد، ونموذج أفغانستان والعراق ماثلة أمامنا.
ويبقى أن نعيد وننبه لكما سبق وأن أشرنا إليه في بداية المقال أن الاعتماد على الغير في توفير الحماية وسب الدفاع، خطأ تكتيكي، ويجسد المقل الشعبي "من متغطي بغيره عريان".
فالتسليح للردع تتطلبه صراعات العالم الحالية،.. ومصر نموذجا صحيحا من بداية كامب ديفيد، وما تلاها من مخاطر.
آراء حرة
التسليح قوة الردع والحماية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق