احتلت وقائع الانتحار جزء من الأخبار التي تصدرها الصحف والمواقع الإخبارية، حتي إن البعض اعتاد على مطالعة مثل هذه الأخبار يوميًا، وتعددت الأسباب التي أدت إلى انتشار مثل هذه الوقائع، فبعضها نفسى أو مادى ففي النهاية النتيجة واحدة، إلا وهي الإقبال على الانتحار، وهذا ما حدث مع إحدى السيدات بمنطقة الجيزة، فقد قررت التخلص من حياتها عن طريق إلقاء نفسها من أعلي كوبري الجامعة، بسبب ضيق الحال وتدهور المعيشة، دون النظر إلي ما سيترتب على ذلك من نتائج وعواقب وخيمة، تفاصيل كثيرة حول تلك الواقعة سنتعرف عليها من خلال السطور التالية، التي شرحتها تحقيقات النيابة العامة بجنوب الجيزة في القضية التي حملت رقم ١٢٦٧ إداري قسم الجيزة.
بدأت تلك الواقعة بتلقي ضباط مباحث قسم الجيزة، إخطارًا من الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات، تفيد بقيام سيدة بالقفز من أعلي كوبري الجامعة، وقد قاموا بإخراجها من الماء ونقلها في حالة حرجة لإحدى المستشفيات بدائرة القسم، وعلي الفور انتقلت قوة أمنية لمكان الواقعة وكذلك المستشفى لسؤال المصابة، بالفحص تبين أنها تدعي «أ.ف.س»، في العقد الخامس من العمر، تعمل حارسة عقار منذ فترة سنوات، وزوجها متوفي.
وأضافت تحقيقات النيابة أن تم عمل تحريات حول الواقعة وجاءت لتؤكد بأن المصابة تزوجت منذ ما يقرب من ٢٠ عاما وقد وكان زوجها عاملا يتقاضي أجرا بسيطا لذلك قررت أن تساعده في مصروفات البيت، خاصة بعدما رزقهم الله بأطفال، لذلك عملت حارسة عقار ومع مرور الوقت بدأت ظروفهم الاقتصادية والمادية تتدهور، خاصة مع قله عمل زوجها وكبر أبنائها، ولكن الزوجين كانوا يتدبروا أمرهم حتي توفي الزوج وأصبحت المصابة هي العائل الوحيد للأسرة، واستمرت حياتها هكذا لفترة حتي تقدم أحد لخطبه نجلتها، وتم خطبتها، ومن هنا زادت مسئوليات الأم وأصبح لديها فتاة تريد تجهيزها.
وأشارت التحقيقات إلى أن الأم بدأت تدخر جزءا من راتبها الذي تتقاضاه عن عملها حارسة عقار، والذي يقدر بنحو ٨٠٠ جنيه، لشراء جهاز لنجلتها ولكن ارتفاع الأسعار كان عائقًا بين شراء الأم للجهاز مما دفعها للتفكير في شراء الأجهزة بالتقسيط، وبالفعل اتفقت مع إحدى المحلات على ذلك مقابل دفع أقساط شهرية، وفي الشهور الأولي كانت تدفع الأقساط بانتظام، ولكن بدأ الأمر يتغير معها، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة مما جعلها عاجزة عن دفع الأقساط، وكذلك توفير نفقات لأفراد أسرتها خاصة بعدما تركت عملها وأصبحت لا تمتلك المال.
وكشفت التحقيقات عن أن الأم أصيبت بحالة من الاكتئاب النفسي الذي جعلها لا ترغب في التعامل مع أحد، خاصة بعدما حاولت الاقتراض من بعض أقاربها لكن دون جدوي فلم تجد أمامها شيء سوء التفكير في التخلص من حياتها، فخرجت من منزلها ولا تعلم ماذا تفعل، وظل تتجول في الشوارع حتي وصلت لكوبري الجامعة بمنطقة الجيزة وقامت بالقفز في مياه النيل على أمل أن تتخلص من حياتها، ولكن القدر لعب معها وغير مخططاتها، فعندما قفزت في المياه كانت هناك مجموعة من رجال المسطحات المائية شاهدوها، فاسرعوا نحوها وقاموا بإنقاذها وتم نقلها للمستشفى في حالة حرجة، وقد أمرت النيابة بالاستعلام عن حالتها الصحية تمهيدا لسؤالها حول تفاصيل الحادث، كما استدعت أفراد أسرتها لسماع أقوالهم حول الواقعة.
وقد أكد أبنائها بأن والدتهم كانت تعاني الفترة الأخيرة من حالة اكتئاب ولم تتحدث معهم في شيء وقد فوجئوا بخبر محاولة انتحاره.