بينما كان "غورباتشوف" منهمكًا في الاستعداد لإلقاء خطاب التنحي عن زعامة الدولة العظمى (الاتحاد السوفيتي) وإعلان انهيارها في ٢٥ ديسمبر ١٩٩١ في حدثٍ مُنع الصحفيون من حضوره باستثناء مراسل قناة "سي إن إن" الأمريكية"ستيف هيرست"، وذلك بقرار من المكتب الإعلامي للرئيس السوفيتي الذي أبدى إصراره على توقيع المرسوم على الهواء مباشرةً، ومن سخرية الأقدار أن القلم الذي استلَّه "غورباتشوف" لتوقيع الوثيقة، لم يكتب، وهو ما دفع المراسل الأمريكي -بقصدٍ أو بدون- إلى إعطاء قلمه "لغورباتشوف" وبذلك وُقِّعت وثيقة انهيار الاتحاد السوفييتي بقلمٍ أمريكي!
_خرجت أمريكا من الحرب العالمية الثانية باسطة نفوذها وسيطرتها على العالم بأسره.
وكادت أن تقوم حربا نووية بينها وبين الاتحاد السوفيتي حينذاك..
إلا أن القدر قال كلمته وتفكك الأخير وتحلل بعد أن كان قوة عظمى لا تقل خطورة عن قوة أمريكا في هذا الوقت.
نعم سقط الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن المنصرم أيدلوجيا وعسكريا واقتصاديا دون أن يطلق عليه رصاصة واحدة..
وكم كان هذا السقوط المدوي مثار جدل واهتمام كبيرين على مستوى دول العالم النامي والمتقدم!
وبسقوط الاتحاد السوفيتي أضحت الساحة خالية أمام المارد الأمريكي فتحركت الولايات المتحدة وحدها معربدة يمينا ويسارا...
ما بين سياسة القتل والتخريب تارة كما فعلت في العراق بزعم التفتيش عن الأسلحة النووية فكانت النتيجة أن سقطت العراق وتحولت لحرب ضروس استنفرت فيها النعرات الحزبية والطائفية والتي كانت الفتيل المشتعل لإحراق المنطقة عن بكرة أبيها.
و ذات الشئ فعلته في افغانستان مرة أخرى عقب أحداث ١١ سبتمبر في مشاهد هي الأقرب إلى الدراما التراجيدتية...
ثم سياسة التجنيد من على بعد كما فعلت باحتوائها للجماعات التكفيرية وأسدلت الستار خلف أعمال تلك الجماعات العدوانية والتخريبية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط بعد ويلات الخريف العربي المزعوم والذي كاد أن يأكل الأخضر واليابس.
ولا ننسى كيف أن الولايات المتحدة ذاتها تولت ملف الجماعة الإرهابية عقب أحداث ٢٠١١ داخل مصر وكيف كان وصول الإرهابية إلى سدة الحكم في مصر بمباركة أمريكية من أجل تقويد مفاصل الدولة المصرية وتقسيم البلاد إلى دويلات متناحرة لولا عناية الله سبحانه وتعالى وخروج الشعب في الميادين خلف قيادته العسكرية مفوضا إياها للتغلب على هذه المؤامرة الكبيرة وتخليصهم من رق الجماعة الإرهابية والتي لم يك ولائها غير لمكتب إرشادها المستمد قراراته من داخل البيت الأبيض.
وكعادتها تتخلى عن عملائها حين يسقط الزمام من يديها.
هكذا وعلى عكس المتوقع كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي لم تؤسس لأي نظام عادل تستطيع من خلاله فرض مصداقيتها بعد أن صدق القدر معها وبوأها مكانة الصدارة والتي لم تك تحلم بها منذ فجر مولدها على أرض البسيطة!
فجاءت الآمال مخيبة لاسيما منذ عهد "جورج بوش الأب" والذي توافق حكمه مع انفراد دولته برئاسة العالم ففشل فشلا ذريعا في اختبار التاريخ وقامر هنا وهناك حتى انكشف الستار عن زيف البيت الأبيض!
واليوم نرى أن الأمن الأوروبي لن يكون في مسار صحيح بالنسبة لأمريكا ما لم يتم التعرف إلى الصورة النهائية، التي ترغب روسيا في أن ترسمها لنفسها.
ومن أجل الوصول إلى هذه النتيجة، ترى أمريكا ذاتها أن أوكرانيا هي مفتاح تلك الصورة، وفي ذات الوقت ترى روسيا أن أوكرانيا هي الاختبار الحقيقي لها لكي تثبت أن أمريكا ليست كما كانت لا سيما وأن روسيا ما زالت تعتقد أنها الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي المتفكك.
آراء حرة
أمريكا وروسيا إلى أين؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق