قال عمرو السمدوني سكرتير سكرتير شعبة النقل واللوجستيات بالغرفة التجارية، إن غزو روسيا لأوكرانيا ينذر بأزمة اقتصادية عالمية جديدة في أوروبا بأكملها وسيؤثر أيضا بشكل مباشر في النمو العالمي الذي يعاني أصلا من تداعيات جائحة كورونا التي كبلت اقتصادات العالم جراء الإغلاق الذي حدث أكثر من مرة، والتي ربما تكون حدتها كبيرة على كافة دول العالم باعتبار أن الدولتين يعدان أكبر مصدر للغاز الطبيعي، إذ يحصل منهما الاتحاد الأوروبي على 41% من احتياجاته إضافة إلى أنهما يصدران القمح بنسبة 17% عالميًا، كما إن أوروبا وحدها تستورد نحو 55% من الغاز ونحو 45% من البترول من روسيا ومع امتناع روسيا عن التصدير سوف تواجه أوروبا أزمة في مواصلة التنمية وتشغيل مصانعها، ومع ارتفاع سعر الغاز بنسبة 500% نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا سترتفع تكلفة النقل والمنتجات مما سيعود بالضرر الكبير على أوروبا بل سيضرب ذلك الاقتصاد الأوروبي وفي القلب منه الاقتصاد الألماني.
وأوضح السمدوني في تصريحات صحفية اليوم السبت، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ساهمت في اضطراب سلسلة الإمداد العالمية، التي مازالت لم تتعاف من التأثيرات السلبية الجائحة، ما أضاف إلى التكاليف المرتفعة وتسبب في تأخير الشحنات بجانب تحديات أخرى تواجهها الشركات التي تحاول نقل البضائع حول العالم.
وأشار إلى أن حركة الشحن البحري من منطقة البحر الأسود تعيش حاليًا ارتباكًا بسبب الحرب والذي أدى إلى وقف عدد من الخطوط الملاحية من وإلى أوكرانيا، وتعتزم -بسبب الأزمة- العديد من الشركات اللوجستية خلال الفترة المقبلة البدء في البحث عن أسواق بديلة لتعويض ما يتم توقف الخطوط الملاحية مع الدولتين، وتتمثل تلك البدائل في عدة دول منها رومانيا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين.
ويتوقع السمدوني أن يصنف البحر الأسود كمنطقة مرتفعة الخطورة خلال الفترة المقبلة، وسيؤدي هذا على الأرجح إلى ارتفاع أقساط التأمين المطلوبة لشحن البضائع أو نقلها عبر هذه المياه، خاصة أنه من غير الواضح إلى متى سيستمر هذا التغيير، وكلما تصاعدت الهجمات ووصلت لحرب كبرى، فإن الخطوط تتجه لفرض رسوم مخاطر يتم تحميلها على نولون الشحن أسوة بما يحدث اثناء الحروب، كذلك كلفة الشحن من دول خارج أوكرانيا مرجَّحة للارتفاع طالما سعر النفط يرتفع، لكن الشحنات من أوكرانيا متوقفة بطبيعة الحال، فشركات التأمين لن تؤمّن هذه الشحنات.
ويتوقع أيضًا أن ترتفع أسعار نولون الشحن خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة رفع قيمة الغطاء التأميني على السفن والناقلات وجميع العاملين بها خاصة المارة بالبحر الأسود، والتي بالفعل شهدت ارتفاعًا بلغ 5٪ قبل الحرب، ذلك إلى جانب الزيادة التي شهدتها أسعار النفط.
ولفت السمدوني إلى أن أبرز الخامات المتوقع ارتفاع أسعارها عالميًا بسبب هيمنة روسيا وأوكرانيا عليها، هي اليورانيوم، التيتانيوم، المنجنيز، خام الحديد، الزئبق، الفحم، زيت عباد الشمس، الشعير، البطاطس والأمونيا.
أما عن الإمدادات التموينية كالقمح حيث تتحكم روسيا وأوكرانيا في توريده للعالم بنسبة 17% ونظرًا للحرب الدائرة ستنشأ حالة من التنافس بين الدول المستوردة على الكميات المتاحة من القمح مما سيخلق حالة من الصراع العالمي نتيجة للمخاوف المتعلقة بالأزمة الأوكرانية الروسية فالكل يريد أن يكفي حاجته.
ويرى السمدوني أن مصر جزء من العالم وبالفعل تتأثر بما يجري فيه، لكن التأثير بين دول وأخرى متغير حسب ارتباطات تلك الدولة بأحد الدولتين المتحاربتين، كما أنه وبالرغم من وجود تأثيرات سلبية فإن هناك تأثيرات إيجابية أخرى، ورغم أن التداعيات لازالت في البدايات إلا أنه من المؤكد أن إطالة أمد الحرب ستكون لها تأثيرات كبيرة على العالم ليس مصر فحسب، إلا أنه في ذات الوقت يجب التأكيد على أن مصر لديها اقتصاد قوي يمكنها من امتصاص مثل هذه التداعيات المتوقعة من الحرب، وهذا بالطبع يرجع إلى القيادة السياسية الحكيمة.
وأكد أنه قد لا يكون الخطر بالنسبة لمصر في الوقت الحالي كبيرًا، نظرًا لاقتراب موسم توريد القمح المحلي من الفلاحين، بجانب استقرار المخزون الاستراتيجي، ويجب الإشارة إلى أن الحكومة قررت على ضوء ارتفاع الأسعار العالمية زيادة سعر توريد القمح المحلي ليبلغ 670 جنيهًا للطن خلال موسم الحصاد الذي سيبدأ في أبريل المقبل، كما أن تأثير الأزمة على الموانئ المصرية ضعيف لأن التجارة بين مصر وأوكرانيا تعتمد على بضائع الصب الجاف ومنها القمح على سبيل المثال.
وقالت وزارة التموين في بيان لها إنها غير قلقة من حدوث تراجع عالمي في مخزونات القمح لأنها تحصل عليه من مجموعة متنوعة من الموردين، ويكفي الاحتياطي الاستراتيجي لمصر من القمح نحو 5 أشهر، مع الأخذ في الاعتبار اقتراب موسم التوريد المحلي في منتصف أبريل المقبل.
أما الجانب المشرق من الأزمة وتداعياتها على مصر، فيتوقع السمدوني أن تشهد الموانئ المصرية المتخصصة في نشاط الترانزيت طفرة خلال الفترة الراهنة، لا سيما أن بعض الخطوط الملاحية أعلنت بدء تداول بضائع غرب أوروبا عبر موانئ بورسعيد بشكل مؤقت، ويشار إلى أن معظم سفن الحاويات ستقوم بأعمال النقل من السوق الآسيوية، ليكون آخر محطاتها موانئ شرق البحر المتوسط ومنها موانئ بورسعيد ودمياط، وهو ما يعني أن ميناء شرق بورسعيد أمامه فرصة لزيادة حجم التداول، بسبب توافر الغاطس الذي يزيد عن 18 مترا وهو ما يمكن من استقبال السفن الكبرى.