في حرب أوكرانيا، الجارية، ومثلما هو الحال في كل الحروب.. السياسيون يتخذون القرارات وهم آمنون، والمدنيُّون يدفعون الثمن وهم صاغرون… كان مطلوبا من الرئيس الاوكراني فقط الالتزام بإتفاقية مينيسك التي وقعتها اوكرانيا مع ممثلي إقليم دونباس برعاية فرنسا وألمانيا وروسيا والتعهد بعدم الانضمام لحلف الناتو او تقديم اى تسهيلات له.
غلطة الرئيس الاوكرانى انه صدق ان امريكا ممكن تساعده ضد الدب الروسي... كالعادة لم يتعلم من دروس التاريخ... امريكا دوما تستنفذ العملاء ثم تتخلى عنهم وتتركهم يسقطون ساعة الجد فعلتها مع شاه ايران ورفضت لجؤه اليها كما فعلتها مع قادة السلفادور وتشيلى والفلبين والاغرب ان اوكرانيا نفسها جربت الغرب نفسه سنة ٢٠١٤ عندما احتل بوتن نفسه جزيرة القرم واكتفى الغرب ببعض العقوبات الاقتصادية ولكن
الغرب هذه المرة لن يسمح لبوتين بتحقيق أهدافه كما أنها لن تكون حربا خاطفة أو سريعة وإنما ستطول ومع الوقت يبدو ماكان غزوا خاطفا سريعا مخيبا للرجاء فالغرب ليس سهلا ولا خائفا في حرب يراها استراتيجيه وتهدد أمن القارة العجوز والنظام الدولي ولهذا يبدو أن بوتين بإعلانه وضع قواته النوويه لتكون جاهزة هو نوع من تعويض خيبة أمله في تحقيق انتصار خاطف.
و حديث وزيرة الدفاع البريطانيه لإعلان التطوع الشعبي للمشاركه في الحرب إشارة لروسيا أن الموضوع ليس حرب جيوش في ساحات مواجهات كبري تقليديه ولكنها حرب ستطول وستكون حربا لا متماثله بين جيش تقليدي وبين قوات مدعومه بخلايا شعبيه للمقاومه وفي هذا النوع من الحروب تنتصر إرادة الشعوب والمقاومه الشعبيه على الغزاة.
والامر المؤكد ان احتلال أو غزو دوله بالقوة العسكريه ليس نزهه ولا هو أمر سهل ويندر أن ينجح أو يحقق أهدافه خاصة في حالة أوكرانيا التي تقع في أوروبا ويقف العالم الغربي وحلفاؤه في مواجهة ما يعتبره تهديدا حقيقيا لأمنه ليبقي السؤال هل لدي بوتن سيناريو ثان بحسابات مدروسة لتفادي طول أمد الصراع واستنزاف القدرات العسكرية والإقتصادية ؟ أم أن مقولة حسابات الدخول مهمة ولكن الأهم منها حسابات الخروج تنطبق تماما علي هذه المواجهة التي هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية تستخدم فيها كل اسلحة الجيل الخامس وكل ابداعات مصانع السلاح والدعاية والانترنت والرياضة والمجال الجوي والبنوك والعقوبات
أمريكا الديمقراطية التي اقنعت شعوبنا ان الاعلام مقدس ويجب الاستماع للرأي الأخر من منطلق حرية التعبير قررت غلق قنوات روسيا في الغرب ومواقعها على جوجل وهي التي تتهم بوتين بعدم احترام القانون الدولي توقع عليه في نفس اللحظة عقوبات لا يقر بها القانون الدولي ودون الحصول على موافقة الأمم المتحدة وهي نفسها التي سلبت سيادة الدول على نشاط كرة القدم عبر الفيفا واقنعت الشعوب ان الفيفا غير مسيس دفعت به لطرد روسيا من أنشطته والاعلام الغربي باسلوب لي الحقائق يستخدم جملة الشعب الأوكراني يرفض روسيا رغم انه شعب مقسم جغرافيا فعليا بين الشرق المنتمي بجذوره التاريخية إلى روسيا والغرب الذي يتطوق إلى جذوره الأوربية فسكان الشرق ينزحون تجاه روسيا وسكان الغرب ينزحون تجاه رومانيا وبولندا بطبيعة انتمائهم ومع ذلك الاعلام الغربي يصدر على مدار الساعة فقط نزوح سكان الغرب لأوروبا على أنهم الشعب الأوكراني وكأن سكان الشرق ليسوا بمواطني أوكرانيا وهذا هو بيت القصيد والتوجه الحقيقي من قبل حكومة كييف تجاه سكان الشرق طيلة ثماني سنوات مضت ومنذ برتقالية 2014 وعلينا أن نتناول الحرب الأوكرانية ونجتهد في متابعتها وتحليلها قدر المستطاع بعيدا عن انحيازاتنا الفكرية المسبقة وتمنياتنا الشخصية، وبعيدا عن تأثير الآله الإعلامية والدعائية الجهنمية الغربية.. والروسية بدرجة أقل لمحدودية أدواتها والاهم هو مابعد ان تسكت الحرب لن تعود الخرائط كما كانت منها تخلي ألمانيا عن قيود تسليحها العسكري للمرة الأولي منذ الحرب العالمية الثانية وقرارها تخصيص أكثر من مائة مليار دولار للتسليح العسكري،قرار تاريخي يعد من أسرع وأبرز وأخطر نتائج الحرب في أوكرانيا وبالتالي ولن تتأخر اليابان كثير عن إعادة التسلح التدريجي بترحيب أمريكي لموازنة روسيا في الباسيفيك ولموازنة الصين في شرق آسيا والباسيفيك والمحيط الهندي يضاف إليه تخلي السويد عن عقيدتها المحايده وقرارها دعم أوكرانيا و.قرار تركيا أيضا إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية تطبيقا لاتفاقية مونترو، هو تطور هام في مسار الحرب والخلاصة هذه حرب يديرها الكبار وفقا لمصالحهم الكونيه. ولا يكترث هؤلاء الكبار برؤيتنا لها وموقفنا منها إلا بالقدر الذي يرون لنا فيه دورا داعما لهم.
وتبقي المواقف المواقف ليست في المفاضلة بتبسيط مخل بين من يدافع عن الديمقراطيه وحقوق الإنسان وهم أمريكا وأوربا أو بين الديكتاتورية وسلطة الفرد الواحد وهو بوتين.
فانتهاك حقوق الإنسان واغتصاب سيادة وحرمات الدول خطايا يتورط فيها الطرفان علي حد سواء.أما تعاطفنا مع الضحايا والشعوب فهو واحد ولا يكال بمكيالين