أصبحت المرأة من بين أهم العوامل المؤثرة فى بناء وتطور المدينة الحديثة والحياة المعاصرة، فلقد تابعت المرأة سعيها، ولا تزال فى خطى التطور الذى تشهده مختلف مناحى الحياة فى الوقت الراهن، وبذلت فى سبيل ذلك الكثير من الجهد النفسى والجسدى، بل وأسرفت فى كثير من الأحيان بالعطاء من جهدها ووقتها وروحها وعواطفها ولم تدخر شيئًا لنفسها، تستمد حقوق المرأة مشروعيتها من إنسانيتها فهى قبل أن تكون امرأة هى إنسان ينبغى أن يتمتع بجميع الحقوق، لذلك اتجه المجتمع الدولى ومن خلفه الكثير من الدول إلى منح المرأة العديد من الحقوق والحريات، والتى أصبحت فيما بعد سمات مضيئة فى حياة المرأة، يجب عليها العمل بجهد ومثابرة للمحافظة عليها.
إن التغيير الإيجابى الذى تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها فى المجتمع، فهى تشغل دورا أساسيا فى بناء أسرتها ورعايتها لهم من خلال ما يقع على عاتقها كأم من مسئولية تربية الأجيال، وما تتحمله كزوجة من أمر إدارة الأسرة، ومع تقدم المجتمعات وتطورها نجد أن المرأة لم تلتزم فقط بواجبها تجاه أسرتها وتربية الأبناء، بل أصبح لها دور اجتماعى كبير فى شتى المجالات، وبناءَ على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها فى المجتمع على مختلف الأصعدة، ومنذ بداية العقد العالمى للمرأة وحتى مؤتمر بكين عام 1996 ازداد الاهتمام بقضية تمكين المرأة وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها بفعالية مثل الرجل والمساهمة فى صنع القرار، فكون المرأة عضوا فى المجتمع فيجب أن تكون شريكة فى إدارة المجتمع وتحمل شئونه، ففى ظل حالة النمو والتقدم التى تشهدها المجتمعات تحتاج إلى كل الجهود والطاقة المجتمعية، فإن خسرنا دور المرأة الاجتماعى فقد خسرنا نصف طاقة المجتمع حيث إن المرأة نصف المجتمع.
من بين أهم سمات المرأة المعاصرة أنها أصبح لها الحرية الكاملة فى التعبير عن رأيها فى أمورها الخاصة أو العامة، سواء كان الرأى موافقا لرأى الآخرين أو مخالفًا لهم، كما أصبحت تتمتع بشخصية مستقلة قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، كما أصبحت المرأة تعتمد على نفسها فى تأدية كل المهام التى تسند إليها، كما تسعى لتحقيق جميع أهدافها، فأصبحت بمرور الوقت قادرة على أن تتقن جميع الأعمال وتلم بها إلماما مميزا، وتتمتع بسرعة التصرف وبعد النظر والاستبصار بالأمور.
بالرغم من حصول المرأة على الكثير من الحقوق والحريات التى أقرتها لها الأديان والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتى مكنتها من أن تتبوأ الكثير من المناصب وتقتحم العديد من المجالات، إلا أن المرأة لا تزال فى عالمنا العربى تواجه العديد من التحديات والصعاب والتى تشكل عقبات بينها وبين تحقيق أهدافها وطموحاتها، ينبغى أن نعزز دور المرأة الاجتماعى ومساندتها بشكل مستمر والعمل على تذليل الصعوبات التى يمكن أن تواجهها مثل التقاليد والأعراف الاجتماعية التى تلغى كيان المرأة وتفرض عليها التبعية للرجل، وبعض القوانين والأنظمة المجتمعية التى تعيق تحقيق المرأة لذاتها، بالإضافة لصعوبة التوفيق بين الدور العائلى والنشاط الاجتماعى، إن المرأة هى الأم، والابنة، والأخت، والزوجة، والصديقة، حيث إنها البذرة التى تنتج ثمارًا تنفع المجتمع كله، بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع، فهى الأساس فى حياة الجميع.