أشادت صحيفتا "الخليج" و"الاتحاد" الإماراتيتان بالاجتماع الطارئ الذي عقدته الجامعة العربية بناء على دعوة مصر لمناقشة تداعيات الأزمة الأوكرانية على المنطقة العربية، مؤكدتان أن غياب العرب عن متابعة ما يجري الآن على الساحة الأوروبية من صراع متعدد الأوجه بين روسيا والدول الغربية، يعني غيابهم عن نتائجها، وهذا بالمعايير الاستراتيجية يعني أن لا دور لهم، ولا دخل لهم في حسابات الربح والخسارة، ولا في ما سيسفر عنه الصراع، طال أم قصر.
فمن جانبها ذكرت صحيفة "الخليج" - في افتتاحية عددها الصادر اليوم الأربعاء تحت عنوان "العرب في عالم يتغير"- أنه من الخطأ الاعتقاد بأن ساحة المعركة بعيدة عن المنطقة العربية، وبالتالي لن تطولها التداعيات المتوقعة على الجغرافيا السياسية الإقليمية، فنحن على الضفاف الجنوبية لساحة الصراع، والقوى المتصارعة موجودة على أرضنا، بالسياسة والاقتصاد والسلاح، ومنطقتنا كانت، ولا تزال، مسرحًا للصراع على النفوذ والهيمنة جراء موقعها الجغرافي المميز، ووقوعها على خطوط التواصل العالمية بين الشرق والغرب، إضافة إلى البحار والممرات التي تشكل رئة للملاحة البحرية، فضلًا عن الثروات الطبيعية من نفط وغاز والتي تساهم في تشغيل الآلة الصناعية العالمية.. إذًا، بهذا المعنى نحن في قلب الصراع ولسنا على حواشيه، رغم أن قعقعة السلاح بعيدة عنا، ولا نسمعها.
وأوضحت أنه من هنا، فإن الاجتماع الطارئ لمناقشة الأزمة الأوكرانية، واتخاذ الموقف المفترض يأتي في وقته تمامًا، صحيح أن الدول العربية ليس من مصلحتها اتخاذ موقف لمصلحة أحد الطرفين كي لا تدخل في صلب الصراع، لكن الصحيح أيضًا أن يكون للعرب موقف يشكل ضمانة لمستقبل قد تتغير فيه الخرائط، وشكل النظام العالمي، والعلاقات الدولية، حيث الإرهاصات تتبدى واضحة من خلال الاصطفافات الدولية الراهنة والقوى الكبرى المنخرطة في الصراع.
وأعرب بيان الجامعة العربية عن قلقه البالغ إزاء تطورات الأحداث في أوكرانيا، واستعرض آثارها المباشرة في الدول العربية، وأيّد جميع الجهود الرامية إلى حل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية، وبما يحفظ أمن وسلامة الشعوب في هذه المنطقة المهمة من العالم، مؤكدًا أهمية احترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ودعم المساعي الهادفة إلى تخفيف حدة التوتر، وأوصى بيان الجامعة بتشكيل مجموعة اتصال عربية على المستوى الوزاري تتولى متابعة وإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية بهدف المساهمة في إيجاد حل دبلوماسي للأزمة.
وأكد أن ذلك يظهر حالة وعي عربية بمخاطر الأزمة وتداعياتها من خلال تشكيل «لجنة اتصال» تتابع وتجري مشاورات وتتواصل مع أطرافها لدرء المخاطر المحتملة على منطقتنا، والبقاء في حالة يقظة لما يمكن أن يستجد من تطورات.
وقالت "الخليج" في ختام افتتاحيتها إنه قد لا يكون التأثير العربي في مجرى الأزمة كبيرًا، لكنه يستطيع، إلى حد كبير، أن يكون الصوت المعتدل الذي يعمل للتهدئة وضبط النفس، من خلال علاقات متوازنة مع كل الأطراف.
من جانبها، وتحت عنوان "حلول سلمية".. كتبت صحيفة "الاتحاد" تحرك إماراتي على أكثر من صعيد عالمي، للمساهمة في احتواء تطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، توج باتصال هاتفي بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمساعدة في إمكانية الوصول إلى تسوية سياسية تحقن الدماء وتضمن مصالح الأطراف كافة وأمنهم القومي، وتحقق الأمن والسلم العالميين، في إطار اتصالات ومباحثات سموه والتي شملت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأشارت إلى أن التحرك الإماراتي يؤكد ضرورة أن يتسيّد الحوار المشهد في هذه الأزمة، مع وقف لإطلاق النار وفتح المجال أمام استمرار الاتصالات والمشاورات الجادة والجهود التي تبذلها الأطراف المتعددة في المجتمع الدولي من أجل إيجاد حلول سلمية تخدم الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، وتحول دون تفاقم الأزمة وتبعاتها الإنسانية والاقتصادية عبر الحرص على عدم استهداف المدنيين، وضمان العبور الآمن للمساعدات، والمحافظة على استقرار سوق الطاقة العالمي.
وأكدت في الختام استمرار الإمارات في اتصالاتها مع مختلف الأطراف المعنية من أجل الحل السلمي للأزمة، عبر توظيف جهودها في مجلس الأمن الدولي الذي تسلمت رئاسته للشهر الحالي، من أجل ضبط النفس، والوقف الفوري لإطلاق النار، لتجنيب العالم المزيد من الأزمات، وفتح قنوات الحوار، والالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما من حيث احترام سيادة واستقلال الدول ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية.