طالما نادى الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» بعدم خلط السياسة بالرياضة ودعم قرارات الاتحادات المحلية والأندية تجاه لاعبين أبدوا آرائهم السياسية أو دعموا قضية بعينها داخل المستطيل الأخضر، لكن منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا أظهر «فيفا» وجها آخر وتعامل مع الأمور بشكل مختلف حيث أصبح الربط بين السياسة والرياضة مشروعًا.
وبعد 4 أيام فقط من بدء العملية العسكرية الروسية خرج الاتحاد الدولى لكرة القدم بحزمة من العقوبات ضد روسيا فيما يتعلق بكرة القدم، فتم نقل نهائى دورى أبطال أوروبا والذى كان من المقرر إقامته فى ملعب «كريستوفيسكى» بمدينة سان بطرسبرج الروسية إلى ملعب «دو فرانس» فى ضاحية سان دونى بالعاصمة الفرنسية باريس، كما تم حرمانها من تنظيم أى مباريات دولية على أرضها ولن يُسمح للفريق برفع العلم الروسى أو عزف النشيد الوطنى فى مبارياته التى سيخوضها خارج أرضه.
كما أعلن الفيفا أن المنتخب الروسى لن يشارك تحت اسم روسيا بل سيكون تحت مسمى الاتحاد الروسى لكرة القدم وستقام مبارياته على ملاعب محايدة وبدون جماهير. علما بأن «فيفا» تغافل على مر عقود طويلة فرض أى عقوبات على إسرائيل بعد أى من المجازر التى ارتكبتها بحق الفلسطينيين، بل إن اللاعبين الداعمين للقضية الفلسطينية تعرضوا لعقوبات سواء داخل الملعب أو خارجه من الاتحادات المحلية وجاءت الحرب الأخيرة لتفضح سياسة الكيل بمكيالين التى ينتهجها الاتحاد الدولى لكرة القدم واتحادات الكرة المحلية فى أغلب الدول الأوروبية.
أندية أوروبا تتسابق لدعم أوكرانيا
قام عدد من الأندية واللاعبين فى مختلف البطولات الأوروبية برفع أعلام وعبارات داعمة لأوكرانيا داخل المستطيل الأخضر وكأن لوائح «فيفا» أصبحت سرابًا وخلط الرياضة بالسياسة أصبح مقبولًا فى ليلة وضحاها.
ودعم لاعبو فريق مانشيستر سيتى وفريق إيفرتون قبل انطلاق مباراتهما فى الدورى الإنجليزى، حيث نزل لاعبو الأول مرتدين قمصان بيضاء مطبوع عليها العلم الأوكرانى وجملة «لا للحرب» بينما لف لاعبو إيفرتون أجسادهم بالعلم الأوكرانى.
كما قام لاعبو ناديا برشلونة ونابولى برفع لافتة قبل مباراتهما على استاد «دييجو أرماندو مارادونا» بمدينة نابولى فى إياب دور الـ٣٢ من بطولة الدورى الأوروبى لدعم أوكرانيا حيث تجمع لاعبو الفريقين ورفعوا لافتة مكتوبا عليها «أوقفوا الحرب».
وبادر فريق بييليسى الإيطالى، أحد أندية دورى الدرجة الخامسة، بدعم الشعب الأوكرانى خلال مباراته أمام أليكيسى بالمسابقة، حيث دخل لاعبو الفريق إلى أرض الملعب بقمصان منتخب أوكرانيا لكرة القدم وكتبوا عبارات دعم ومساندة للشعب الأوكرانى.
هذا بخلاف قيام عدد كبير من اللاعبين بارتداء قمصان دعم لأوكرانيا وإظهارها عند إحراز الأهداف، وكتابة عدد آخر من اللاعبين لمنشورات تهاجم روسيا وتدعم أوكرانيا على مواقع التواصل الاجتماعى.
التعاطف مع غزة مرفوض فى «كان ٢٠٠٨»
الجميع يتذكر احتفال اللاعب محمد أبوتريكة بعد إحرازه هدفًا للمنتخب الوطنى فى شباك المنتخب السودانى ورفع قميصه ليظهر أسفل منه عبارة «تعاطفًا مع غزة» ليدعم الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة والذين كانوا يتعرضون للقصف من جيش الاحتلال قبل المباراة بيوم ونال «أبوتريكة» كارت أصفر فى المباراة، ووجه آنذاك الاتحاد الأفريقى «كاف» تحذيرًا لـ«أبوتريكة» لعدم تكرار ذلك الفعل بعد أن كان ينوى إيقافه إلا أنه اكتفى بالتحذير بعد تضامن منتخبات المغرب وتونس والجزائر مع اللاعب.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فبعد مرور ما يقرب من ٥ سنوات كان الأهلى يواجه فريق جوانزو الصينى فى مونديال الأندية عام ٢٠١٣، وحرص مندوب من «فيفا» على عقد اجتماع استمر لمدة ساعة مع بعثة الفريق المصرى ووجه خلاله إنذارًا شديدًا من استخدام أى شعارات سياسية قبل المباراة أو أثناء عمليات الإحماء أو أثناء المباراة وبين الشوطين وعقب نهاية المباراة أو فى المؤتمر الصحفى، ولم يكن تحذير الاتحاد الدولى لكرة القدم من استخدام الشعارات السياسية فى كأس العالم للأندية المقامة لجميع المشاركين بل كان مركز بالدرجة الأولى على الأهلى ولاعبيه.
احتفال «هايل هتلر»
قرر الاتحاد اليونانى لكرة القدم فى العام ٢٠١٣ إيقاف جيورجوس كاتيديس لاعب فريق أيك أثينا مدى الحياة بعدما أدى «التحية النازية» الخاصة بهتلر خلال احتفاله بهدف أحرزه خلال المباراة التى جمعت بين فريقى أيك أثينا وفيريا، وصرح الاتحاد اليونانى آنذاك بأنه اعتبر اللاعب وجه إهانة بالغة لضحايا النظام النازى بتأديته تحية هذا النظام. وبعد اعتذار اللاعب وتأكيده أنه لم يكن يقصد الاحتفال بطريقة «تحية هتلر» وأنه رفع يده لتحية زميله ميخاليس بافليس الذى كان متواجدًا بالمدرجات فى تلك المباراة، وهو ما أكده أيضا الألمانى إيفالد لينين المدير الفنى لأيك أثينا موضحًا أن اللاعب لا يحمل أى أفكار سياسية، فقرر الاتحاد اليونانى الاكتفاء بإيقافه ٥ مباريات نظرًا لصغر سنه وقتها - ٢٠ عامًا - وإلزامه بدفع غرامة قدرها ألف و٣٠٠ يورو.
«عازف الليل» خارج البريميرليج لأجل الصين
تعرض اللاعب الألمانى صاحب الأصول التركية «مسعود أوزيل» لانتقادات واسعة عندما أعلن دعمه مسلمى الإيجور الذين تم اضطهادهم من قبل الحكومة الصينية، ليأتى نادى أرسنال الانجليزى ويتبرأ من اللاعب وتصريحاته، وتتوتر العلاقة بينهما، ويقوم النادى الإنجليزى بالاستغناء عنه فى الموسم التالى دون أن ينشر له أى رسالة وداع أو شكر على السنوات الثمانية التى قضاها أوزيل بين صفوف المدفعجية كما هو متعارف عليه عند رحيل أى لاعب عنه فريقه. وكاد محمد الننى النجم المصرى المحترف فى صفوف أرسنال أن يلقى نفس مصير أوزيل فى النادى بعد أن نشر تغريدة لدعم فلسطين، ثم تعرض لموجة من الانتقادات لتدخله فى السياسة وطالب عدد كبير الاستغناء عنه وفسخ تعاقده مع النادى إلا أن إدارة المدفعجية فضلت تهدئة الأوضاع.