الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استغفال الرأي العام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تلك الحملة المُمنهجة ضد الوعي والثوابت ليست لوجه الله أو لتفعيل العقل النقدي سواء في المضمون أو في التوقيت ظنا من مدبريها أنهم بستغفلون الرأي العام، ومن يتمعن في استراتيجيات الدعاية وتغيير الثقافة القومية كأداة سياسية يتأكد أن الانتقاء والاستطراد في اتجاه واحد بعينه في منابر بعينها وليس في مناظرات أو أبحاث أكاديمية محكمة ليس صدفة ولا علاقة له بالفكر والذي منه وتخفي وراءها مقاصد ليست بريئة. بطرح مواضيع على العامة لا طائل من ورائها سوى صناعة مشكلات داخل المجتمع وإعطاء فرصة للمتطرفين لاستغلالها..

فالهجوم على المقدس الديني والثقافي هي المدفعية التي تمهد الأرض لتحطيم كل ما هو مقدس سياسيا وأخلاقيا ووطنيا تمهيدا لما يسمى بالديانة الإبراهيمية التي تلغي كل الرسالات السماوية لصالح الصهاينة والخطوة الثانية التشكيك في كل الثوابت سواء الدينية أو الأخلاقية بتمرير العلاقات المثلية ومنحها الشرعية الأخلاقية وكلها إرهاصات تستهدف "الدين" بوصفه القوام الأساسي لوحدة الدولة ووجودها وصلابتها أمام دعوات تأسيس الإنسان "الهش" الرخو".. وإلغاء المساحة بين الحرام والحلال في الوعي العام، بوصفها مساحة معادية لـ"الإنسان" والادعاء بأن تيار "العري" وما شابه من مفردات جارحة ومستفزة للذوق العام والفطرة السليمة  تيار أصيل في الثقافة المصرية، يتعين علينا إعادة إحيائه وتدويره من جديد.
وكان أول من تحدث في أن الأقصى كان في الطائف وليس في فلسطين قبل أكثر من 13 سنة هو الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار وسار وراءه من سار. مع أننا نعلم أن قبلة المسلمين الأولى في الصلاة  كانت إلى الشمال حيث القدس وليست إلى الجنوب حيث الطائف  والهدف من إنكار المعراج سياسي بحت لكي لا يكون للمسجد الأقصى قدسية عند العرب والمسلمين ويصبح حائط البراق هو حائط المبكى وكانت حملة التشويه ضد صلاح الدين تحديدًا منهجية، فالاختيار لم يكن اعتباطيًا ولكن لارتباط صلاح الدين بقضية القدس وتحريرها.  

كما أن إنكار المعراج ما هو إلا تمهيدا لإنكار الصلاة لأن الصلاة فرضت فى المعراج ومن ثم يسهل هدم باقى الأركان من زكاة وصيام وحج وهكذا يصبح الموضوع هو تطبيع التطبيع وتظل قدسية القدس ومعناها فى الإسراء والمعراج حجر عثرة فى قبول التطبيع، إذن فلينزع عنها قدسيتها بإنكار قصة المعراج عند أحدهم، وجعل أولى القبلتين فى الطائف عند الآخر، وهو ما يخدم بالأساس القضية الأهم وهى تشكيك الناس فى مفاهيم راسخة لديهم، وبالتالى تفكيك الارتباط الديني، ومن بعده السياسى بقضية القدس. علما بأن المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية
(الوحيدة التي ربما تجمع العرب والمسلمين)  بدليل أن هناك العديد من الأحداث لم يتعرض لها أحد، مثل إحياء الموتى، النار وسيدنا إبراهيم، سيدنا سليمان، أهل الكهف وغير ذلك، أمَا وقد فتحوا مسألة المعراج، فالسؤال لماذا تبدو الإشكاليةَ في المعراج، وليس في الإسراء؟ رغم أنها ظاهريًا تبدو في الإسراء أشدّ وأقسى! هؤلاء يريدون تفريغ الناس من كل مالديهم من دين وأخلاق وعلم وهوية، وأعتقد انهم نجحوا بعض الشيء في البعد عن الدين وشرع الله؛ لأن إلغاء السياسة والكلام في السياسة كان البديل له، هو الكلام في أي أمر آخر غير السياسة، الطبيخ، المنوعات، الدين، ضرب الستات، الغيبة والنميمة، الكورة وبصراحة لا أعرف أمه تتعمد إلهاء الناس عن قضاياهم المهمة بهذا الشكل، ولا أعرف مجتمعًا ينشغل عن وجوده ومصيره كل يوم باشتغالة جديدة كما يحدث الآن.