ناقش مؤتمر حزب التجمع صباح اليوم السبت ٢٦ فبراير ٢٠٢٢، دراسة بعنوان جدل السياسي والثقافي والمقدمة من أحمد عبد القوي زيدان في إطار الاحتفال بمئوية الدكتور محمود العالم.
وجاء في طيات الورقة حكايات دالة على هذا الجدل؛ قال عبد القوي "عندما كتب رجاء النقاش مقالا عنه يفيض بالمحبة والتقدير الكبير وكـان عنـوان المقال "بالرغم من انه شيوعي" علـي مـا اتـذكر، وكنت في هذا اليوم بصحبة "العالم" فأخبرته عن المقال وكان قد قرأه، فأثني علي رجاء وكان يقدره ولكنني فوجئت بقوله لقد أخطأ رجاء.
وأضاف زيدان : بعد عودته من الخارج واستقراره في مصر، كنت في صحبته فسألته عن ظاهرة الغموض في شعر السبعينيات، هذا الغموض الذي يجعل التواصل مع هذا الشعر صعبا بل مستحيلا عنـد البعض، نظر إلي مبتسما وقال اسمع لا يجب أن نكرر خطأ العقاد، (نقصد بالطبع تحول العقاد من اوائل المبشرين بالتجديد في الأدب إلي تحويل قصائد شعراء التفعيلة الي لجنة النثر، وشن حملة علي هؤلاء الشعراء، فضلا عن تحول موقفه السياسي من التبشير .
وأوضح زيدان : أن محمود "العالم" كان يذكر دائما أن العقاد أثناء معركته هو والدكتور طه حسين المقدمة مع العالم" كان يقول: أنا لا أحاورهما لكن اضبطهما لأنهما شيوعيان. وعاد يكرر لا يجب أن نقع في خطأ العقاد، وعلينا أن نجد مداخل جديدة للتواصل مع هذا الشعر، ثم أضاف أليس من الممكن أن يكون عدم القدرة علي التواصل مع هذا الشعر لتكلس ذائقتنا الشعرية ؟ ولقد عمل على تحقيق هذا عندما كتب دراسته عن شعر حلمي سالم، فقد بدأها (رأيت أن أبدأ قراءتي للشعر المصري المعاصر مستلهما معنى خاصا من كلمة السيد المسيح "اجهـدوا الدخول من الباب الضيق" ، ثم يوضح "أن الباب الشعري الضيق الذي أعنيه فهو الذي يطلق عليه شعر الحداثة أو شعر السبعينيات وما بعدها، والذي يكاد يبلغ احيانا حد الإبهام ولا أقول الغموض".
وواصل دراساته عن رفعت سلام و غيره من الشعراء، ثم كان التحدي الأكبر لخطأ العقاد في الحوار الذي دار بين "العالم" والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حول قصيدة النثر، والذي تقمص فيها حجازي دور العقاد في حدة مرفقة من القصيدة النثر وأسماها القصيدة الخرساء، ولعل موقف حجازي السياسي ايضـا شـابه خطأ العقاد.
ففي حوار معه عن ثورة يوليو يقول حجازي (يوليو ١٩٥٢) لم تعد في نظري ثورة لأنها مصادرة الحريات السياسية والثقافية، واعتمدت كاملا علي اجهزة الامن، وحولت المواطنين الـي متقين ومتفرجين وبهذا هدمت افضل ما بنيناه قبلها، الدستور والنشاط الحزبي، وحرمة الصحافة، ثم أفسدت ما حققته هي بعدائها للديمقراطية، ومغامراتها الطائشة التي انتهت بالهزيمة، وأخلت الساحة لجماعات الإسلام السياسي، ومنظماتها الارهابية، ومن هنا كانت ثورة يناير، ردا على الخراب الذي الحقته بها حركة يوليو" وبصرف النظر عن سذاجة الوعي السياسي في هذا التصريح لكن تلاحظ إن حجازي ببساطة وباسم الحريـة شـطب ثورة يوليو بكـل انجازاتها و خطابها كما فعل العقاد، وباسم الحرية ايضا هاجم كل القوى التقدمية، ولذلك لم يكن غريبـا مـحـاولات لإعادة الاعتبار للعقاد وبالطبع يظل العقاد قيمة فكرية بالرغم من خطأ موقفه الكبير كما يظل مجازي شاعرا كبيرا بالرغم من كل هذه السذاجة السياسية، هكذا تعلمت من "العالم".