قدم صلاح عدلي الأمين العام للحزب الشيوعي المصري بتقديم وعرض قضايا القومية العربية والعولمة والثقافة في الفكر السياسي لمحمود أمين العالم، في إطار الاحتفال بمئوية العالم التي أقيمت صباح اليوم السبت بحزب التجمع
ذكر عدلي أن الكاتب والمفكر الكبير محمود أمين العالم تناول قضية العولمة وقام بتحليلها من مختلف جوانبها في دراسة هامة صدرت في مقدمة الكتاب التاسع عشر من سلسلة كتب "قضايا فكرية" - أكتوبر ۱۹۹۹- بعنوان "الفكر العربي بين العولمة والحداثة وما بعد الحداثة". أما عنوان الدراسة موضوع حديثنا فهو "العولمة.. وخيارات المستقبل".
وتابع : هي دراسة تحليلية وعلمية عميقة، قدم فيها العالم اجتهاداً كبيراً في البحث عن أسباب نشوء ظاهرة العولمة في ثمانينات القرن العشرين كظاهرة موضوعية وتاريخية في سياق تطور الرأسمالية في مرحلة الإمبريالية. ولعل أهم ما يميز هذه الدراسة هو سعيها لوضع أساس نظري وتحليلي لتفسير ظاهرة العولمة وتحديد مفهومها ودلالاتها وكيفية التصدي لها من خلال جدل فكري وسياسي واشتباك حي وفعال مع أفكار ومواقف عدد من كبار الكتاب والمفكرين المصريين والعرب حول هذا الموضوع.
ورغم الصعوبة الشديدة في تلخيص وتقديم هذه الدراسة نظراً لأسلوب محمود العالم في صياغة وبلورة أفكاره في معظم كتاباته من خلال هذا السجال والجدل الفكري الراقي مع أبرز الكتاب، إلا أن الهدف هو لغت الانتباه إليها، والإشارة إلى خلاصة ما توصل إليه مفكرنا الكبير، لأنه لا يمكن فهم ما يحدث في العالم وفي بلادنا دون فهم صحيح و علمي لظاهرة العولمة في عصرنا الراهن.
وأضاف عدلي : رغم أن العالم كتب هذه الدراسة منذ أكثر من عشرين عاماً، إلا أن جوهر وأساس ونتائج التحليل الذي قدمه تتأكد صحته يوماً بعد يوم. ويذهب العالم في بداية الدراسة إلى أن الغموض والالتباس واختلاف الدلالات يكتنف مفهوم العولمة في تناوله بين العديد من العلماء والمفكرين والمثقفين في ساحة الفكر العربي المعاصر بل وفي ساحة الفكر الإنسائي المعاصر.
وأشار عدلي إلى أن محمود أمين يرى أن العولمة هي ظاهرة موضوعية تاريخية، وليست مجرد أيدلوجية ذات دلالات مختلفة. وهي ظاهرة حديثة تجاوزت دلالاتها حدود العلاقات الدولية العالمية، وتخلقت بداياتها الأولى في رحم الأنظمة الإقطاعية في أوروبا ابتداء من القرن السادس عشر الميلادي في نمط إنتاجي جديد هو نمط الإنتاج الرأسمالي.
وأصبح هذا النمط الرأسمالي يمتد اليوم إلى كل أرجاء الأرض، وإن تفاوت مستوى تحققه من مجتمع إلى آخر بين من أسهموا ويسهمون في إنتاجه وإعادة إنتاجه وتطوره وتعميمه باستمرار، وبين من يسهمون إسهاماً هامشياً في هذا الإنتاج، وبين من تغلب على علاقاتهم بهذا النمط طابع التبعية والاستهلاك.
وهكذا أصبح هذا النمط الرأسمالي المعمم عالمياً يمثل بمستوياته المختلفة حضارة عصرنا الراهن بصرف النظر عن الأحكام القيمية الإيجابية والسلبية. إنها امتداد لنمط الإنتاج الرأسمالي منذ القرن السادس عشر حتى ثمانينات القرن العشرين.