قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار صلاح الجروانى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صلاح هلال والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ومحسن منصور ونادى عبد اللطيف نواب رئيس مجلس الدولة، بفصل الطاعن الأول (إ.ن.س) مدير مدرسة السلسول الإبتدائية بإدارة بلقاس التعليمية بالدقهلية, والطاعنة الثانية (ف.ع.ن) معلمة منتقبة اللغة العربية بالمدرسة.
وقالت المحكمة، إن الأول اصطحب الثانية في سيارته الخاصة لتوصيلها من منزلها بمدينة دمياط الجديدة إلى مدينة بلقاس الكائن بها مقر عملها وبيت أهلها عدة مرات دون مبرر مقبول، كما وجه لها عبارات إعجاب مثيرة أثناء ركوبها معه بسيارته الخاصة، وعبارات تخدش الشرف والحياء في حق المعلمات بالمدرسة أثناء ركوبها معه، والمعلمة قبلت استقلال السيارة الخاصة برفقته منفردة واضعة نفسها موضع الريبة والظنون، وتبادلت الحديث معه أثناء استقلالها سيارته بعبارات والفاظ من شأنها الإساءة لسمعتها ولمرفق التعليم الذي تنتمي له، ثم اصطحبها من منزلها بمدينة دمياط الجديدة لشقته بجمصة ليلا وبعدها لمدينة بلقاس الكائن به بيت أهلها وعملها على النحو الثابت بتقرير الخبير المنتدب من اتحاد الإذاعة والتلفزيون بالمحادثة المسجلة على ذاكرة هاتف الطاعن الأول وعمل مطابقة صوتية للأشخاص الثابت صوتهم بذاكرة الهاتف.
وأرست المحكمة (5) قواعد لردع الخيانة الزوجية المرتبطة بخيانة الوظيفة العامة هى:
- الدين المعاملة لإظهار الفضيلة وليس مظهراً تتستر خلفه الرذيلة
- لا يوجد عازل سميك بين الحياة العامة والحياة الخاصة للموظف العام يمنع التأثير المتبادل بينهما
- الخطر الحقيقي للمجتمعات تحويل ارتكاب الفواحش إلى أمر عادي وطبيعي.
- الخيانة الزوجية المرتبطة بخيانة الوظيفة العامة تجرمها القوانين وتنهى عنها الأديان وترفضها الأخلاق.
- المدير والمعلمة فقدا حسن السمعة التى تلازم الموظف العام طيلة حياته، والمحكمة لا تجد مفراً لهما سوى بترهما من الوظيفة جَزَاءً وِفَاقًا.
وقالت المحكمة، إن الدستور جعل الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وإذا كان ارتكاب الفاحشة يتعارض مع الدين والأخلاق وإذا كانت الفواحش موجودة في المجتمعات وليس ثمة مجتمع مثالي يخلو منها ، فقد جُبل الإنسان على مقارفة الذنوب، لكن تحويلها إلى أمر عادي وطبيعي هو الخطر الحقيقي للمجتمعات ، فإن رذائل الزنا والخيانة الزوجية وخيانة الوظيفة العامة والجريمة بشتى أنواعها والشذوذ والخمر والمخدرات تجرمها القوانين و تنهى عنها الأديان، وترفضها قواعد الأخلاق من غالبية المجتمع ، والدين المعاملة وليس بأية مظاهر خارجية قد تكون خادعة , فالدين المعاملة لإظهار الفضيلة وليس مظهراً تتستر خلفه الرذيلة , ليبين عظمة الدين وسماحته بين القول والعمل , وإذا كان الغرب يتعامل مع الدين بوصفه نصاً قابلاً للتغيير، فإن الدين الإسلامي ليس كذلك ، إذ سيبقى الزنا حراماً إلى يوم الدين، فضلاً عن الخمر والشذوذ والتعري والمخدرات إلى غير ذلك من الموبقات وأشدها على الموظف العام .
وأضافت المحكمة، أنه يتعين على الموظف العام وجوب أن يلتزم في سلوكه بما لا يفقده الثقة والاعتبار حيث لا يقوم عازل سميك بين الحياة العامة و الحياة الخاصة للموظف يمنع التأثير المتبادل بينهما , فلا يسوغ للموظف ولو خارج نطاق الوظيفة أن ينسى أو يتناسى انه موظف تحوطه سمعة الدولة ، وترفرف عليه مُثلها، وأن الكثير من تصرفاته الخاصة قد تؤثر في حسن سير المرفق وسلامته، وفي كرامة الوظيفة ورفعتها , ومن ثم تدق بالنسبة لهم موازين الحساب.
وأشارت المحكمة إلى أنه ثبت بالأوراق بمحضر التفريغ ثبوت المخالفات في حق مدير المدرسة الذى قال للمدرسة المنتقبة "أنتي مجرمة انتى دايسة القلب والعقل والعين وجسمك حلو وشخصيتك وزميلتك جنبك صفر على عشرة"، و"ما تورینی وشك أنا هافضل اتكلم كدا"، “ما تكشفی وشك بقا علشان نعرف نتكلم، أنا جاي أخدك محبة وانتي مستفزة في الجمال……….. ”، وتبادلت الحديث معه أثناء استقلالها سيارته بعبارات والفاظ من شانها الإساءة لسمعتها ولمرفق التعليم الذي تنتمي له مما يفقدهما معا حسن السمعة اللازمة فى الموظف العام، فكان جزاء الفصل وفاقا عادلا وقسطاطا ليتذوق كلاهما وبال أمرهما.
وأوضحت المحكمة، أن الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة إلى مدير المدرسة والمعلمة المنتقبة ثابتة في حقهما ثبوتا يقينيا باعتراف الأول بالتحقيقات حيث أقر أنه اصطحب الطاعنة الثانية بسيارته الخاصة عدة مرات، وقام بتوصيلها من بيتها في مدينة دمياط الجديدة بعد العشاء لبيت أهلها في بلقاس لوجود خلاف بينها وبين زوجها و طلبت منه الذهاب لشقته بجمصة فوافق على طلبها وذهب إلى شقته بالفعل وحدهما بشقته منفردين وثالثهما الشيطان، وأقر الطاعن بأنه قام باصطحاب المعلمة المنتقية من مدينة دمياط الجديدة محل سكنها لشقته بجمصه ليلا وبعدها لمدينة بلقاس محل اقامة أهلها وعملها الأمر الذي يلقي بظلال الشك والريبة على مسلكهما و يضعهما موضع الشبهات خاصة و أن ملابسات الواقعة توحي للشخص المعتاد و طبقا للعرف العام بان الأمر لا يتعلق بمجرد توصيل زميلة في العمل كونه تم ليلا و في غير مواعيد العمل ، الأمر الذي ينال من سمعة الوظيفة العامة و يشكل مخالفة تاديبية جسيمة يتعين معاقبتهما.
واختتمت المحكمة أن زميلات المعلمة المنتقبة شاهدن ركوبها السيارة مع مدير المدرسة أكثر من مرة عقب انتهاء اليوم الدراسي، وهو ما تردد مضمونه بشهادة زملائها المدرسين , كما ثبت ما نسب إليهما بموجب محضر تفريغ الاستيفاء في القضية والمعد من قبل الخبير المنتدب من اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ما يقطع بسوء التصرف والخلق الكريم منه بأنه اعتاد سوء الخلق بمدارس أخرى ومنها أيضاً بأنها فرطت فى أعز ما تملكه المرأة من إخلاص ومكانة وخلق وحياء , ومن المفروض أن يكونا قدوة للأجيال فى حقل التعليم مما يكونان معه قد فقدا حسن السمعة التى تلازم الموظف العام طيلة حياته، ولا تجد المحكمة مفراً لهما سوى بترهما من الوظيفة جَزَاءً وِفَاقًا .