الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

آثار قاسية لحرب روسيا وأوكرانيا على الاقتصاد العالمى.. «نيويورك تايمز»: التأثير المباشر لن يضاهي إغلاق كورونا الاقتصادى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انتقلت الأزمة بين روسيا والقوى الغربية، من أروقة السياسة والاقتصاد فى الكرملين والبيت الأبيض وداوننج ستريت والإليزيه، إلى ساحات القتال، ومن التهديد بفرض عقوبات واستدعاء بوتين لإرث الاتحاد السوفييتى التاريخي، إلى توجيه الهجمات السيبرانية والمسلحة للأهداف الحيوية داخل أوكرانيا لمبانى المخابرات والجيش وغيرها، وما بين بيانات الدبلوماسية وساحات الحرب، كان العالم يترقب الآثار الاقتصادية الناجمة عن هذا الصراع الذى ربما يدخل العالم فى أتون أزمة كبيرة فى خضم تداعيات وآثار الوباء الذى ضرب المعمورة قبل عامين. وأعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ٢٤ من فبراير الجاري، بدء عملية عسكرية ضد أوكرانيا، محددا هدفها الرئيس بأنه يسعى نزع سلاح وتقليم أظافر الدولة التى كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتى السابق، فى الوقت الذى شرعت القوى الغربية فى فرض عقوبات اقتصادية على شخصيات روسية على رأسهم وزير الدفاع سيرجى شويجو.

وفى هذا الإطار طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، سؤالا مفاده «ما هو على المحك بالنسبة للاقتصاد العالمى مع اقتراب الصراع فى أوكرانيا؟»، وقالت الصحيفة إنه بعد تعرض العالم لهزات بسبب الوباء، وخنق سلاسل التوريد والقفزات فى الأسعار، يستعد الاقتصاد العالمى للانتقال إلى مسار آخر لا يمكن التنبؤ به من خلال الاشتباك المسلح فى أوروبا.

وأضافت أنه حتى قبل أن يأمر الكرملين القوات الروسية بدخول الأراضى الانفصالية فى أوكرانيا يوم الاثنين، تسبب التوتر فى خسائر فادحة وقد أدى الوعد بفرض عقوبات فى المقابل من قبل الرئيس الأمريكى جو بايدن، واحتمال الانتقام الروسى إلى انخفاض عائدات الأسهم ورفع أسعار الغا، وقد يتسبب هجوم صريح من قبل القوات الروسية فى ارتفاعات مذهلة فى أسعار الطاقة والغذاء، ويغذى مخاوف التضخم ويخيف المستثمرين، وهو مزيج يهدد الاستثمار والنمو فى الاقتصادات فى جميع أنحاء العالم. 

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أنه على الرغم من قسوة الآثار، فإن التأثير المباشر لن يكون مدمرا مثل الإغلاق الاقتصادى المفاجئ لأول مرة بسبب فيروس كورونا فى عام ٢٠٢٠، وروسيا هى عملاق عابر للقارات يضم ١٤٦ مليون شخص وترسانة نووية ضخمة، بالإضافة إلى مورد رئيسى للصواريخ، والنفط والغاز والمواد الخام التى تحافظ على تشغيل المصانع فى العالم، ولكن على عكس الصين، التى تعد قوة تصنيعية ومنسوجة بشكل وثيق فى سلاسل التوريد المعقدة، فإن روسيا هى لاعب ثانوى فى الاقتصاد العالمي، فإيطاليا، مع نصف عدد السكان وموارد طبيعية أقل، لديها اقتصاد ضعف الحجم، وبولندا تصدر بضائع إلى الاتحاد الأوروبى أكثر من روسيا.

محطة وقود كبيرة

وقال «جيسون فورمان»، الاقتصادى فى جامعة هارفارد والذى كان مستشارا للرئيس باراك أوباما: «روسيا غير مهمة بشكل لا يصدق فى الاقتصاد العالمى باستثناء النفط والغاز، إنها فى الأساس محطة وقود كبيرة».

وتلبى روسيا ما يقرب من ٤٠٪ احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعى لأوروبا، وبالطبع، يمكن لمحطة الوقود المغلقة أن تعيق أولئك الذين يعتمدون عليها والنتيجة هى أن أى ضرر اقتصادى سوف ينتشر بشكل غير متساو ومكثف فى بعض البلدان والصناعات وغير ملحوظ فى بلدان أخرى، وتحصل أوروبا على ما يقرب من ٤٠٪ من غازها الطبيعى و٢٥٪ من نفطها من روسيا، ومن المرجح أن تتعرض لارتفاع كبير فى فواتير التدفئة والغاز، والتى ارتفعت بالفعل، واحتياطيات الغاز الطبيعى عند أقل من ثلث طاقتها، مع اقتراب أسابيع من الطقس البارد، واتهم القادة الأوروبيون بالفعل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بخفض الإمدادات لكسب ميزة سياسية.

وقالت الصحيفة الأمريكية أن أسعار المواد الغذائية، ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمان إلى حد كبير بسبب فوضى سلسلة التوريد للوباء، وفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة، وتعد روسيا أكبر مورد للقمح فى العالم، وتشكل مع أوكرانيا ما يقرب من ربع إجمالى الصادرات العالمية، وبالنسبة لبعض البلدان، يكون الاعتماد أكبر بكثير ويشكل تدفق الحبوب هذا أكثر من ٧٠٪ من إجمالى واردات مصر وتركيا من القمح، وسيؤدى هذا إلى مزيد من الضغط على تركيا، التى تعيش بالفعل فى خضم أزمة اقتصادية وتكافح مع التضخم الذى يقترب من ٥٠٪، مع ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والكهرباء.

وأضافت: «كالعادة يقع العبء الأكبر على عاتق الفئات الأكثر ضعفًا»، وقال إيان جولدين، أستاذ العولمة والتنمية فى جامعة أكسفورد: «ينفق الفقراء نصيبًا أعلى من الدخل على الغذاء والتدفئة».

سلة خبز أوروبا

ونوهت الصحيفة بأن أوكرانيا التى عُرفت منذ فترة طويلة باسم «سلة خبز أوروبا»، ترسل فى الواقع أكثر من ٤٠٪ من صادراتها من القمح والذرة إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا، حيث توجد مخاوف من أن مزيدا من نقص الغذاء وزيادة الأسعار يمكن أن يؤجج الاضطرابات الاجتماعية، ولبنان على سبيل المثال، الذى يشهد واحدة من أكثر الأزمات الاقتصادية تدميرا منذ أكثر من قرن، يحصل على أكثر من نصف قمحه من أوكرانيا، وهى أيضا أكبر مصدر فى العالم لزيوت البذور مثل عباد الشمس.

وقالت الصحيفة الأمريكية إنه كما اتضح من وباء كورونا، فإن الانقطاعات الطفيفة فى منطقة واحدة يمكن أن تولد اضطرابات كبيرة فى أماكن بعيدة، والنقص وارتفاع الأسعار - سواء الغاز أو القمح أو الألمنيوم أو النيكل - يمكن أن يتضاعف فى عالم لا يزال يكافح من أجل التعافى من الوباء، وقال الخبير الاقتصادى «جريجورى داكو»: «عليك أن تنظر إلى الخلفية التى سيأتى عليها هذا التوتر، فهناك تضخم مرتفع، وسلاسل إمداد متوترة، وعدم اليقين بشأن ما ستفعله البنوك المركزية ومدى إلحاح ارتفاع الأسعار».

وقد تكون الضغوط الإضافية صغيرة نسبيا بمعزل عن غيرها، لكنها تتراكم على الاقتصادات التى لا تزال تتعافى من الضربات الاقتصادية التى أحدثها الوباء.