قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إثر القمة الطارئة للاتحاد الأوروبي التي عقدها في بروكسل: "بينما أدين روسيا وأفرض عليها عقوبات من المفيد ترك الطريق مفتوحا حتى نتمكن في اليوم الذي تتوافر فيه الشروط، من أن نتوصل إلى وقف للأعمال العدائية".
وأضاف إنه أجرى محادثة صريحة ومباشرة وسريعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمطالبة بوقف المعارك في أسرع وقت والطلب منه أن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لكن الرئيس الفرنسي الذي كثف مبادراته الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة، أعرب عن أسفه لـ "ازدواجية" الكرملين.
وقال في هذا الصدد: "قبيل الغزو الروسي لأوكرانيا كنا لا نزال نناقش تفاصيل تنفيذ اتفاقيات مينسك. لذلك، نعم، حصلت ازدواجية، كان هناك خيار متعمد وواع من (جانب) الرئيس بوتين لشن الحرب في وقت كان لا يزال بإمكاننا التفاوض على السلام".
وتابع: "يجب أن نستخلص كل الاستنتاجات من خيار الرئيس بوتين نرفض إعادتنا إلى منطق الإمبراطورية والمواجهة، والاستهزاء بكل المبادئ التي تحكم القانون الدولي.
وأعلن ماكرون اليوم الجمعة من بروكسل أن بلاده ستسرع في نشر جنود في رومانيا في إطار حلف شمال الأطلسي، ردا على غزو الجيش الروسي لأوكرانيا.
مخاطبة البرلمان
ووجه الرئيس الفرنسي رسالة الى البرلمان في إجراء نادر بفرنسا قرأها اليوم في نفس التوقيت رئيسا غرفتي البرلمان ( مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية) قال فيها :- " أن كل فكري موجه في الساعات المأساوية التي نعيشها ، إلى الشعب والسلطات الأوكرانية. أحيي شجاعتهم في مقاومة الهجمات العسكرية الروسية الهائلة ، وكذلك تصميمهم على الدفاع عن سيادتهم وحريتهم. لم ولن يتم إهمال أي وسيلة لمساعدتهم". وقال "نحن مدينون لهم بالدعم والتضامن. كما يتم اتخاذ كافة الإجراءات لضمان حماية مواطنينا في أوكرانيا."
وتابع "لقد ولدت الأزمة الحالية ، كما تعلمون ، من القرار المخطط والمقرر والمنظم الذي اتخذته روسيا بعد ذلك بغزو أوكرانيا. تسلسل الأحداث خلال الأسابيع القليلة الماضية واضح ولا جدال فيه: تراكم القوى ،القوات الروسية على الحدود الروسية والبيلاروسية لأوكرانيا ، التصعيد الحاد في عدة انتهاكات لوقف إطلاق النار والاستفزازات المستمرة على خط التماس في شرق أوكرانيا ، وإعلان روسيا عن الاعتراف بالاستقلال الأحادي الجانب وغير القانوني لجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك المعلنتين ذاتيا. في خرق صريح لاتفاقيات مينسك المبرمة في فبراير 2015".
وقال ماكرون بأن قرار إرسال القوات المسلحة الروسية إلى الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون في مهمة حفظ سلام المزعومة ، ثم اندلاع هجوم مسلح شديد الكثافة ضد أوكرانيا في 24 فبراير 2022، "في الواقع كنا مع شركائنا الأوروبيين وحلفائنا ، نتوقع هذا الاحتمال القاتل للحرب في القارة. لذلك فقد بذلنا قصارى جهدنا لتجنب التصعيد والعمل على حل الأزمة بالحوار. بالتنسيق الوثيق مع أوكرانيا وشركائنا الأوروبيين وحلفائنا ، واصلنا الحوار مع روسيا لأننا كنا نعلم أنه لا أحد في قارتنا لديه أي شيء يكسبه من التصعيد. لقد تقدمنا بمقترحات جادة وعملنا بلا هوادة لتهيئة شروط هذا الحوار مع ألمانيا كجزء من صيغة نورماندي ، وكذلك مع حلفائنا وشركائنا بشأن الضمانات الأمنية في القارة الأوروبية ولكن دون جدوى."
وتابع "نرى اليوم أن روسيا ، التي تدير ظهرها لالتزاماتها والى القناة الدبلوماسية ، وتختار مواجهة مزعزعة لاستقرار القارة بأكملها. إن روسيا ، بقراراتها أحادية الجانب وأعمالها العسكرية ، تخالف التزاماتها الدولية وتتحدى المبدأ الأساسي المتمثل في احترام سيادة الدول وسلامتها الإقليمية ، وهي أساس النظام الأوروبي والدولي ذاته."
وأعلن ماكرون في هذا السياق ،بأن فرنسا بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبقوة رئاستها الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي ، فإن واجبها ثلاثي الأبعاد: أولاً ، عدم التنازل عن أي شيء بشأن المبادئ الأساسية للسلام والأمن الجماعي ، وفرض عقوبات صارمة. هذا ما توصل المجلس الأوروبي بشأنه أمس بفرض حزمة عقوبات غير مسبوقة طالت روسيا وبيلاروسيا. وستكون العقوبات أيضا مصدر قلق لشخصيات روسية ، بما في ذلك كبار قادة روسيا الاتحادية. بعد ذلك ، يجب أن نتضامن وندعم الشعب والسلطات الأوكرانية".
مزيد من الدعم المالي والعسكري
وأعلن ماكرون في رسالته للبرلمان قائلا" سنمنح مساعدات إضافية للميزانية قدرها 300 مليون يورو. كما أننا على اتصال بالسلطات الأوكرانية لتزويدهم بالمعدات الدفاعية التي يحتاجونها. أخيرًا ، يجب علينا ضمان الوحدة مع شركائنا الأوروبيين وحلفائنا لحماية سيادتنا وأمننا وديمقراطياتنا. في هذا الصدد ، سنقوم بالتزامات إضافية في إطار حلف الناتو من أجل حماية أراضي حلفائنا في البلطيق والرومان بارسال قوات اضافية لتعزيز قاعدة جنودنا في رومانيا وسنعزز مكافحة التلاعب بالمعلومات والهجمات الإلكترونية لحمايتنا من التدخل الأجنبي."
ويرى ماكرون بأن الحرب في أوكرانيا تشكل نقطة تحول جيوسياسية وتاريخية رئيسية في القرن الحادي والعشرين ، وتنطوي على مخاطر عودة الإمبراطوريات والصراعات الحدودية. وقال: "ستكون لهذه الأزمة الكبرى عواقب على حياتنا واقتصادنا وأمننا. للعقوبات تأثير طويل الأمد ، فهي لا تخلو أبدًا من عواقب ، بما في ذلك بالنسبة لنا ، لكننا نفترض ذلك لأنها تتعلق بالدفاع عن قيمنا. في هذا الصدد ، سنتخذ جميع القرارات اللازمة لحماية مواطنينا وأعمالنا. يؤكد هذا الاختبار للجميع أن أوروبا ليست اتحادًا للمستهلكين بل هي مشروع سياسي للمواطنين ملتزمون بالقيم والمبادئ المشتركة. وفي هذا الصدد ، يجب أن يصبح الاتحاد الأوروبي قوة كاملة ذات سيادة أكثر في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والشؤون العسكرية التي تضمن حيوية ديمقراطيتنا، سيكون البرلمان قادرًا على الاستجابة بشكل موحد حول المبادئ الأساسية المنصوص عليها في دستورنا: السيادة والحرية واحترام القانون الدولي."
وزير المالية الفرنسي: عزل روسيا عن نظام SWIFT خيار أخير
وفي السياق ذاته، يرى الفرنسيون في إطار محاصرة روسيا اقتصاديا بأن استبعاد البنوك الروسية من نظام Swift المالي العالمي سيكون له تأثير هائل عليها، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قيد الدراسة لكنها لم تنفذ بعد حيث أن فصل روسيا عن نظام Swift ينبغي أن يكون جزءا من حزمة العقوبات ضد روسيا ولكن كخيار أخير على حد قول وزير المالية الفرنسي برونو لومير، فلم تلجأ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى عزل روسيا عن نظام SWIFT ضمن عقوبات جديدة فرضتها على موسكو، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال أمس الخميس إن بإمكانهم إعادة النظر في هذه المسألة فيما يضعها الفرنسيون على المائدة كحل.