نعمة الأمن والسلام، والعيش تحت سماع الموسيقى الهادئة، وجمال الطبيعة الخلابة، وما بين نفق الحب وسحر الأراضي الشاسعة المتسعة الخضراء، التي تجلب النسيم العليل، الذي كان يعيش فيه المواطن السلمي في أوكرانيا تحول في ليلة وضحاها إلي رعب وفزع.
وتبدلت الموسيقى بأصوات الصواريخ والقذائف، والخروج من الدار للبحث عن ملجأ أو بلد ليصبح نازحا أو لاجئا؛ كل هذا بسبب حرب فُرضت عليه من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يبحث عن تغيير خريطة النفوذ في العالم عبر بوابة أوكرانيا.
لم يخفَ على أحد صراع النفوذ بين القوى العالمية -المتمثل في أمريكا وحلفائها دول الاتحاد الأوروبي وبين روسيا بوتين-؛ الذي لم يبرح أن يجد أرضا لتغيير المعادلة كليا في العالم إلا في أوكرانيا، ورغم ما ساقه بوتين عن تهديد الأمن القومي الروسي، وحصار بلاده من قبل الناتو وأمريكا حال انضمام أوكرانيا للناتو، وما تبعه من إعلان استقلال دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين عن أوكرانيا قبيل الحرب بأيام كانت مؤشرًا على بدء العد التنازلي للحرب في ظل الحشد العسكري علي الحدود المسبق، والذي واجهته دول أوروبا بالتصريحات فقط دون مد حليفتها بما يلزم للتصدي له.
وظنت القيادة السياسية في أوكرانيا أن حلف الناتو ودول الأطلسي وأمريكا لن يتركوها وحدها في مواجهة الدب الروسي وترسانته العسكرية الهائلة، وما أن نشبت الحرب ترك حلف الناتو وزعماء أوروبا، أوكرانيا وشعبها يواجهون مصير القتل والدمار والنزوح كضحية لزيادة النفوذ الروسي في العالم وتقليص النفوذ الأوروبي الأمريكي.
رغم الاستغاثات الصريحة من الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكى، لدول أوروبا والناتو فإنهم فضلوا عدم المشاركة في الحرب أو المساعدة بقوات من الناتو خوفا من اندلاع حرب عالمية ولحفظ ماء الوجه جعلوا من العقوبات الاقتصادية حلا لمواجهة الحرب الدائرة علي الأرض، مما جعل رئيس أوكرانيا يتهم أوروبا بعدم الرد بشكل كاف على الهجوم الروسي، والتباطؤ في إرسال المساعدات لبلاده، بل طالب الأوروبيين بالتظاهر لإجبار حكوماتهم على التحرك، ضد الغزو الروسي.
ولكن في الواقع تركت أمريكا والناتو الأوكرانيين في ساحات المعركة وجها لوجه مع الروس دون أي مساعدة.
ومهما كانت النتائج فإن الشعب الأوكراني دفع ضريبة صراع النفوذ بين القوى الإقليمية من أبنائه وأمنه وسلامة وحياته الطبيعية وكان ضحية للنفوذ والطموحات.
فكل من يحمل معاني الإنسانية لا يرتضي باحتلال أراض أو قتل شعب وتهجيره في أي بقعة بالعالم.