سيطرت حالة من الجنون على الاقتصاد العالمي، بعد تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية وبدء العمليات العسكرية الروسية علي أوكرانيا فجر الخميس، حيث يتوقع تأثر العالم بموجة تضخم تلقي بظلالها علي الأسعار في كافة بلدان العالم.
وأصيبت أسواق العالم بارتباك شديد، إثر الإعلان الروسي المفاجئ عن شن عملية عسكرية في أوكرانيا، لتتوالي الصدمات السعرية في مختلف السلع والعملات، سواء بالارتفاع الحاد أو الانخفاض الكارثي.
وكان أكبر المتأثرين من العملية العسكرية الروسية أسعار النفط، والتي قفزت متجاوزة ١٠٣ دولارات للبرميل، رغم أن مسئولين في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قالوا إنه من غير المتوقع أن تفرض الإدارة عقوبات على قطاع النفط الخام والوقود المكرر في روسيا.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من ٦ دولارات للبرميل إلى ١٠٢.٩٥ دولار، كما قفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط ٥.٩٦٪ إلى ٩٧.٥٩ دولار للبرميل.
وارتفع سعر الألمونيوم ووصل إلى مستوى قياسي عند ٣٣٨٢,٥٠ دولار للطن، وهو رقم قياسي لم يسجله من قبل.
في المقابل، هوى سعر الروبل الروسي إلى أدنى مستوياته منذ مطلع ٢٠١٦، وتراجع ٣.٦٪ مقابل الدولار إلى ٨٤.٠٧٥٠، وانخفض الروبل ٣.٩٪ إلى ٩٥.٢٤٢٥ مقابل اليورو مسجلا نزولا قياسيا قبل تعليق التداول على نحو سريع، كما علقت بورصة موسكو جميع تداولاتها اليوم.
وقال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا سيكون له تأثير بالسلب على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الأثر السلبي الذي تركته جائحة كورونا، والموجة التضخمية العالمية والتي زادت من أسعار السلع الغذائية وغيرها، وأن هذا الأثر السلبي سيزيد فى حال تعمق الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف أن أوكرانيا مصدر رئيسي للقمح والذرة والشعير في العالم، وأن انخفاض واردات الذرة الصفراء سيرفع أسعار الأعلاف في دول العالم، وبالتالي رفع أسعار اللحوم، وأن رفع أسعار القمح عالميا بسبب الأزمة سيؤثر ويضغط على الموازنة المصرية ويزيد الأعباء بتحملها تكاليف زيادة السعر.
وقال المهندس عمرو المغربي، عضو مجلس إدارة شعبة الذهب، إن بداية العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومعدلات التضخم العالمي التي يعاني منها العالم منذ أشهر، رفعت الطلب العالمي علي المعدن النفيس باعتباره أحد أهم الاستثمارت الآمنة ومخازن القيمة خاصة أن الأسعار العالمية في ارتفاع مستمر.
واضاف «المغربي» في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز» أن أولي تداعيات بداية العمليات العسكرية الروسية علي أوكرنيا تمثلت في ارتفاع أسعار الذهب في السوق العالمية بنحو ٢٪ خلال التعاملات الفورية ، وبالتالي ارتفاع أسعاره في السوق المحلية بنحو ٢٧ جنيها خلال تعاملات أمس الخميس، كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعاره بالأسواق العالمية، حيث صعدت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى منذ يناير ٢٠٢١، مدعومة من ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة بفعل التوترات في أوكرانيا.
وارتفع سعر العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أبريل بنسبة ٠.٢٪ أو ٣ دولارات ليصل إلى ١٩١٠.٤٠ دولار للأوقية، ما يعد أعلى تسوية للمعدن الأصفر منذ ٧ يناير ٢٠٢١.
وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ٦ عملات رئيسية بنسبة ٠.١٪ عند ٩٦.١٧٢ نقطة.
وأدى تصعيد الأزمة الروسية الأوكرانية إلى تزايد الطلب على أصول الملاذ الآمن للتحوط من أي تقلبات في الأسواق، ما عزز من ارتفاع أسعار الذهب وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، إذ انخفض العائد على السندات لآجل ١٠ سنوات إلى ١.٩٧٪.
وقال علي الحليوة الخبير الاقتصادي، إن غزو روسيا لأوكرانيا قد ينذر بأزمة اقتصادية عالمية جديدة في أوروبا بأكملها وسيؤثر أيضا بشكل مباشر في النمو العالمي.
وأشار «الحليوة»، إلى أن تعليق ألمانيا لخط أنابيب «نورد ستريم ٢ Nord Stream» لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إليها؛ لن يؤثر حاليا لأنه لم يدخل في الخدمة رسميا، ولكن إن تم اتخاذ عقوبات على قطاع الطاقة الروسي؛ ستتأثر موسكو، وفي المقابل سترتفع أسعار الطاقة.
ودق «الحليوة»، ناقوس الخطر إذا تطورت الحرب الروسية الأوكرانية، كون الأمن الغذائي العربي في خطر، حيث يعد البلدين مركزا هاما في قطاع المواد الزراعية في العالم، وتمثل صادراتهما من القمح ٢٣٪ للأسواق العالمية، ويقومان بتوريد ربع إنتاج الحبوب في العالم؛ بينما توزع الغالبية العظمى من صادرات أوكرانيا من الحبوب عبر البحر الأسود.
وقال محمد عبدالوهاب، محلل اقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن الدب الروسى وجد من الملائم أن ينفذ مغامرته غير المدروسة تلك ويأخذ الاقتصاد العالمى إلى بعد أكثر ضبابية من الوضع الحالى.
وأوضح «عبدالوهاب»، أنه منذ بداية التلويح بالتهديدات الروسية شهدت الأسواق المالية هبوطا كبيرا وشهدت أسواق العقود الآجلة للذهب والطاقة والغذاء ارتفاعات كبيرة.
وكشف أن دول الشرق الأوسط ستتأثر بشكل مباشر من تلك العمليات لأنها تعتمد بشكل أساسى على أوكرانيا فى استيراد احتياجاتها من القمح والذرة وباقى السلع الغذائية، حيث يستهلك الشرق الأوسط ٤٠٪ من صادرات أوكرانيا من تلك السلع.