ما زالت الجهود السياسية مستمرة فى فيينا، بين طهران من جهة وبين القوى الكبرى التى أبرمت معها الاتفاق النووى عام ٢٠١٥ من أجل إعادة إحياء الاتفاق من جديد من جهة أخرى، وذلك بعدما انتهى العمل به بشكل عملى من قبل إيران التى صعدت من انتهاكاتها، ردًّا على انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق منذ نحو ٤ سنوات فى عهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.
ومع زيادة نبرة التفاؤل القادمة من العاصمة النمساوية فيينا، تزداد التوقعات بقرب الاتفاق على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، والتى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية عقب انسحابها من الاتفاق، وتضمنت حزمتين رئيسيتين، شملتا المصارف الإيرانية والبترول والصناعات البتروكيماوية.
وتجدر الإشارة إلى أن رفع العقوبات الأمريكية المرتقب من المتوقع أن تكون له تداعيات كثيرة فى منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة وعلى الأخص الدول التى تشهد تدخلات إيرانية مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان أيضًا، فمن المنتظر أن تؤدى تلك الخطوة المنتظرة إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية عن النظام الإيرانى، ما يحرر قدراته فى الداخل والخارج.
فى الداخل من المتوقع أن تخفف هذه الأموال من وطأة الأزمة الاقتصادية التى تعصف بإيران وتضع نظام الملالى فى مأزق حرج أمام الشعب الإيرانى، منذ سنوات طويلة، وبالتالى يؤدى ذلك إلى تخفيف الضغوط الشعبية على النظام لوقف تدخلاته الخارجية التى استنزفت خزائنه وتوقف المظاهرات والاحتجاجات الفئوية ذات المطالب الاقتصادية، ما يؤدى إلى تعزيز شرعية النظام شبه المنهارة.
وخارجيًّا من المتوقع أن يؤدى ذلك إلى ضخ أموال كثيرة فى الخزينة العسكرية الإيرانية، وتمويل حركات الإرهاب الدولى والميليشيات التى تعمل فى دول الجوار وتهدد أمنها القومى، وتعمل القتل فى أبنائها ضمن حملاتها الطائفية العنيفة.
وكانت القبضة الإيرانية شهدت تحديًا فى العراق بعد خسارة الأحزاب المرتبطة بميليشيات الحشد الشعبى الموالية لطهران فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى أكتوبر ٢٠٢١، وفشل قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى إسماعيل قانى، فى حل الأزمة رغم محاولاته العديدة، وكذلك شهد المشروع الإيرانى فى اليمن تراجعًا حيث انكسرت الميليشيات الحوثية فى جبهات عديدة أمام تقدم الجيش اليمنى الوطنى، مدعومًا بالتحالف العربى لدعم الشرعية باليمن.