الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نشيد السويس المحلي.. والفنان محمد حمام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عشق السوايسة الفنان محمد حمام بسبب أغنيته عن السويس واعتبروها نشيدهم الوطني المحلي والتي كان مطلعها "يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. أستشهد تحتك وتعيشي إنت.. أستشهد والله وييجى التاني.. فداكِ وفدا أهلي وأوطاني..".

حين توفي (محمد حمام) في 28 فبراير 2007 تحدث عنه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي رفيق عمره وصديقه بقوله "محمد حمام" يختلف عن أي مغن آخر في مصر باعتباره شابًا مناضلًا قضى نحو خمس سنوات في الاعتقال بسبب إيمانه بقضية الشعب المصري وهو لم يحدث لمطرب آخر ومغني ذلك أنه كان يؤمن بأن الغناء يصلح لأن يكون وسيلة نضال.

ويضيف الأبنودي بدأت العلاقة والتعارف بيني وبين حمام بعد خروجه من السجن وأحبه الفنان كمال الطويل بشدة وقدمه في أحد البرامج التليفزيونية فأحدث حالة من الإعجاب الشديد وتساءلت عنه الناس خاصة أنه ظهر عليهم ببشرته السمراء وآلة الإيقاع التي تشبه آلات الإيقاع الأفريقية وراح ينقر عليها بأصابعه مما لم يراه الناس في مصر من قبله ويضيف الأبنودي واستمرت صداقتنا وشهرتنا الأخوية إلا أن حدثت النكسة عام 67 ثم بدأت حرب الاستنزال وكنت قد اتجهت للإقامة على شاطئ قناة السويس.

وكتبت هناك مجموعة أغنيات أهمها الأغنية الشهيرة "يا بيوت السويس " التي لحنها الفنان ابراهيم رجب ضمن مشروع إذاعة صوت العرب التي كان يرأسها الأستاذ محمد عروق ابن السويس، ولأن الأغنية كانت تحمل التفاؤل بالنصر وكانت أحاسيس محمد حمام صادقة فتعلق الناس بالأغنية وصوت حمام الجميل وغنت مصر كلها والسواسية " يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي استشهد تحتك وتعيشي أنتي".

ورغم أن يا بيوت السويس هي الأشهر للفنان محمد حمام إلا أن حمام له إنتاج كبير من الأغاني منها (سلامات – الأم – جدف يا مراكبي – قطر السفر) من أغاني التراث غني حمام.. ( جميلة جميلة – يا عم يا جمال – صندلية – حبيبتي ليمونة) بالإضافة لمجموعة من الأغاني المتميزة الأخرى (الناس علي المنارة – بابلونيودا – عابر سبيل – الناياتي – قال اللي قال – ليلي ويا ليلي – غرد يا حمام – طير ياحمام – راجع – أرضنا لينا – غرباء – الليلة ياسمرا – والله لبكرة يطلع النهار يا خال – وأحكم بالعدل يا قاضي – آه ياللي يالي).

كان محمد حمام أول فنان يغني ويقدم التتر للمسلسلات الإذاعية حيث قدم أغنية تمثيلية "الأم" التي كان يقدمها بصوته المملوء بشجن وكانت الجماهير تسمعها مع موعد التمثيلية الإذاعية الشهيرة التي كانت تذاع في الخامسة والربع حيث كانت التمثيلية الإذاعية هي الأشهر في ظل مملكة الراديو حيث لم يكن هناك اختراع التلفزيون.

تقول كلمات الأغنية التي كتبها عبدالرحمن الأبنودي ومن ألحان إبراهيم رجب

أمايا..... يا أمه

يا سكنه جوايا في الحتة اللي بيعلي منها ضحكي وبكايا

يا أمه.... أما يا أمه

ابنك الغريب ع الدرب الغريب يا اما

بتدور جروحه يا أمه على بيت الطيب

يا أحن الأطبه عليه يا أمه أمايا

يا شجرة منبتة جوه فروع الروح يا أما

أمايا يا أماه....

كما تعامل محمد حمام في البداية مع الملحن الجميل محمد الموجي الذي قدمه أول مرة علي مسرح سينما قصر النيل في حفل أضواء المدينة ليغني " يا عم يا جمال يا ليلي"، فلاقت قبولًا جماهيريًا عاليًا وكتبت عنه الصحافة الفنان الذي غنى للجمهورية واضعًا يده في جيبه كما تقابل محمد حمام الشعراء عبدالرحيم منصور، مجدي بخيت، سمير عبدالباقي، عبدالرحمن الأبنودي، وعدد من الملحنين العظام منهم محمد الموجي، إبراهيم رجب، حسن نشأت، محمد سلطان وعبدالعظيم عبدالحق.

كما كان الفنان محمد حمام يطوف المحافظات في حفلات الثقافة الجماهيرية من خلال الأمسيات الفنية الرمضانية ليشارك الناس والجمهور احتفالاتهم وحبهم لشهر رمضان وأمسياته الفنية الجميلة.

محمد حمام ابن النوبة واسوان والمعجون برائحة المسك والعنبر والكركاديه والبلح الأبريمي ورائحته الجاوي والبخور الأسواني الجميل ابن الجنوب ومحمد حمام يعتبر الأشهر بعد الثلاثي الجميل من أبناء الجنوب المناضل المحامي زكي مراد، محمد خليل قاسم، صاحب رواية شمندورة وهي أهم رواية مصرية في الستينيات، والشيخ مبارك عبده فضل الأزهري النوبي حيث كان الجميع مهمومين بقضايا الوطن من خلال الحركة اليسارية الوطنية.

كان محمد حمام محظوظًا حيث اكتشفه الكاتب الكبير لويس عوض والفنان الصحفي حسن فؤاد وشجعه وقدمه المفكر والمبدع الكبير رجاء النقاش.

كما شارك حمام في مجموعة من الأفلام السينمائية منها فيلم "ظلال في الجانب الآخر" للمخرج الفلسطيني غالب شعث وهي جماعة السينما الحديثة التي انتجت فيلم أغنية "علي الممر" للمخرج علي عبدالخالق.

كما شارك حمام بالتمثيل والغناء في فيلم "سفراء" من انتاج تونسي / فرنسي مشترك اخراج ناصر قطاري بالاشتراك مع سيد علي قرري الجزائري.

بالاضافة الي فيلم "الرحيل لا " كويتي / مصري / سوداني مشترك من اخراج ماجد عبدالله كما قدم حمام "سهرة نوبية" تلفزيونية من أخراج الفنانة مجيدة نجم.

وقدم عدد من المسلسلات التلفزيونية (وسط الزحام) و(عابر سبيل) و(الركان الهادي) و(الخروج من الجلد) اخراج أنعام محمد علي ومسلسل شفيقة ومتولي.

محمد حمام الذي رسمه الفنان جورج البهجوري بكاريكاتير خاص وأحبه الفنان عدلي رزق وشارك مع المقاومة الفلسطينية برفقة صديقه الفنان عدلي فخري المغني الثوري رحمه الله.

كان حمام محبًا للوطن مهمومًا بقضايا ودفع فاتورة غالية 5 سنوات في الاعتقال كما كان مؤيدًا لحركة البولسيرو المغربية وشارك في مؤتمر الأغنية الدولية من أجل السلام بموسكو مؤيدًا لحركات التحرر الوطنية...

وفي حديث للفنان "محمد حمام" مع جريدة الشرق الأوسط قال "الأغنية عندي هي " جريدة سياسية " باعتبارها وسيلة للتعبير.

كما شارك حمام فى مقالات صحفية الأماتية الفرنسية المعروفة بميولها اليسارية... وذلك مشاركًا في دعم القضايا الانسانية والاجتماعية ويغني حمام في أغنيته التي بشر فيها بالثورة.

والله لبكره يطلـــع النهار ياخاله والله للبكرة يطلع يا خـــال

وتبقـــي الدنيا عـــال والشمس تيجي من ورا الجبال يا خال

بحلم يا خال بيوم معدول.. يفرش ضياه ع الفلاحين. ويملا صوامعهم غلال ويبيض العجين بحلم أنا سنة ورا سنة يا خال.

عمر لا ضاع مني الحلم ولا أنتني يا خال. والله بكره لا بكره يطلع النهار يا خالة والله لبكره يطلع النهار يا خالة وتبقي الدنيا عال والشمس تيجي من وره الجبال يا خال.

وقد داهم المرض حمام فأقعده في ظل تعتيم إعلامي وفي ظل تجاهل عن إذاعة أغانيه وأعماله الفنية حتي أغنيته (الأم) تم تجاهل أذاعتها في عيد الأم مارس من كل عام.

حتى الفيلم التسجيلي الذي أخرجه وليد مسعود لقناة النيل الثقافية من أعداد محمد حفني لا يتم إذاعته في ذكرى فنان انحاز للثورة وبشر لها ولكنه لم يرها.

في حفل تأبين الفنان "محمد حمام" ألقى الكابتن غزالي مؤسسة فرقة أولاد الأرض بالسويس قصيدة جاء في مطلعها.

يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي

بلبل نشيدك تعيشي انتي

وأخذ على خاطري

غضبـان عليك... منك

غنيت ماكملتش

والله بكره يطلع النهار منا كنت شايف غير كده

طلع النهار مندار. حمامك كل موله شلال حنانك شل. ولسه جوايا حمام حبيبي مات قولولي أغني لمين.

ويبقى "حمام" رمزًا للفنان المصري الذى غني لشعبه ووطنه ويبقي أن نطالب بإطلاق اسمه على أحد ميادين شوارع أسوان ويبقي أيضا أن نكرمه ونرد له الاعتبار بإذاعة أعماله الفنية لأنه فنان انحاز بالثورة وبشر بها وغنى لها ولكنه لم يرها.