يفكر الناس عن مدى الأمان في حال طيران الطائرات أثناء حدوث عاصفة من البرق خاصة أن الطائرات تحتوي على خزانات من الوقود الذي يجعل التفكير في الأمر شيء مرعب؛ خاصة أن البرق بإمكانه أن يشعل الوقود لنار وبالتالي إمكانية إنفجار الطائرة في الهواء أو اشتعال النار فيها، فكيف ستنجو الطائرة من صدمة الصاعقة أو البرق والتي تصل قوة بعضها إلى مليار جول من الطاقة، أي ما يعادل ربع طن من مادة "تي إن تي" المدمرة.
والكثير من المسافرين وطاقم الطائرة قد يرون وميضا ويسمعون ضوضاء عالية إذا صعق البرق طائرتهم أثناء التحليق في الجو إلا أن الأمر اعتيادي وليس على ذلك القدر من الخطورة، وذلك يعود للحماية الدقيقة من الصواعق التي تم مراعاتها في هندسة الطائرة ومكوناتها الحساسة إذ يحظى كل من على متن الطائرة بالحماية وذلك من خلال ما يعرف فيزيائياً بـ(قفص فاراداي)، وقفص فاراداي يشير إلى قفص مصنوع من مواد جيدة التوصيل للكهرباء لكنه يعزل ما بداخله عن التعرض لأي موجات كهربائية خارجية.
فعندما تتعرض طائرة في الجو لصاعقة برق يتصل البرق في البداية بأحد أطراف الطائرة كالمقدمة أو طرف الجناح ثم يخترق الطائرة وميض البرق الذي يعيد التوصيل إلى مواقع أخرى في هيكل الطائرة، بينما أذا ضربت الصاعقة (الدائرة الكهربائية) للطائرة مباشرة وبين مناطق ذات قطبية كهربية متعاكسة يمر التيار الكهربائي خلال سطحها الخارجي ويخرج من أحد أطرافها الأخرى كالذيل عن طريق توجيه البرق إلي أماكن أخري في جسم الطائرة بعيدا عن تلك الأكثر خطورة وحساسية كخزان الوقود أو مقدمة الطائرة.
ويبلغ الطيارون أحيانا عن ارتعاش مؤقت في الضوء أو تداخل قصير المدة بالأجهزة، وتتكون معظم الأسطح الخارجية للطائرات أساسا من الألمونيوم وهو معدن موصل جيد للكهرباء ويستطيع المهندسون ضمان بقاء أغلب تيار البرق على السطح الخارجي للطائرة من خلال التأكد من عدم وجود فجوات في هذا السطح، كما تصنع بعض الطائرات الحديثة من سبائك متقدمة أقل توصيلا للكهرباء من الألمونيوم بدرجة كبيرة وفي هذه الحالة تتضمن بداخلها طبقة من الألياف الموصلة للكهرباء مصممة لحمل تيارات البرق.
وتحتوى طائرات نقل الركاب النفاثة الحديثة على أميال من الأسلاك وعشرات من الحاسبات الإلكترونية والأجهزة الأخرى التي تسيطر على كل شيء من المحركات إلى سماعات المسافرين وهذه الحاسبات كغيرها من أجهزة الكمبيوتر تتعرض أحيانا للأعطال نتيجة للإرتفاع في القوة الكهربائية لذا فبالإضافة إلى حماية خارج الطائرة يجب أن يتأكد مهندس الحماية من أنه لا يمكن أن يصل أي إرتفاع ضار مفاجئ في الكهرباء أو أي شحنة عابرة إلى الأجهزة الحساسة داخل الطائرة، حيث يمكن للبرق المار على السطح الخارجي للطائرة أن يسبب مرور شحنة عابرة في الأسلاك أو الأجهزة تحت السطح وتسمى هذه الشحنات بالتأثيرات غير المباشرة للبرق.
ومن شأن حماية الأسلاك والأجهزة والإعتماد على التوصيلات الأرضية الكهربية الجيدة وكذلك إستخدام أجهزة مقاومة الارتفاع المفاجئ في الكهرباء تجنب المشاكل التي تسببها التأثيرات غير المباشرة للبرق في الأسلاك والأجهزة، كما يمثل نظام الوقود مجالا رئيسيا آخر للقلق، حتى الشرارة الصغيرة جدا يمكن أن تسبب كارثة فادحة للطائرة و لمن فيها.
ولهذا يتخذ المهندسون أشد الإجراءات الوقائية لضمان ألا تسبب تيارات البرق شرارة كهربية في أي جزء من نظام الوقود ويجب أن يكون السطح الخارجي للطائرة حول خزانات الوقود سميكا بما فيه الكفاية لتحمل أي حريق خلاله كما يجب أن تصمم وتختبر كل من أبواب المداخل وأغطية ملء الوقود وأي فتحات وذلك من حيث قدرتها على تحمل البرق كما تجب حماية كل من خطوط الوقود والأنابيب التي تحمل الوقود إلى المحركات والمحركات أيضا ضد البرق ويستخدم الآن على نطاق واسع وقود جديد ينتج أبخرة أقل قابلية للانفجار.
كما يعطي مهندسي الحماية من البرق عناية خاصة لقبة الطائرة وهى المخروط الأمامي الذي يحتوي على الرادار وأجهزة الطيران الأخرى فحتى يعمل الرادار يجب ألا يحاط تماما بسطح موصل للكهرباء ولحماية هذه المنطقة تستخدم على طول السطح الخارجي للقبة أشرطة خاصة تعمل على انحراف البرق هذه الأشرطة يمكن أن تتضمن قضبانا معدنية صلبة أو سلسلة من الأزرار مصنوعة من مادة موصلة ومتراصة بالقرب من بعضها ومثبتة على شريط من مادة بلاستيكية يلصق على القبة وتعمل هذه الشرائط بطريقة تشبه مانع الصواعق المستخدم فوق الأبنية.