اختتم أمس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد"، برنامج زمالة الصحافة للحوار في المنطقة العربية في تونس العاصمة ، من 12 دولة عربية، والذي استمر لمدة أسبوع كامل .
وتضمن اللقاء مناقشة تِبيان مفهوم الحوار وتأثير الأحكام السابقة عن الآخر وكيفية بناء شراكات مجتمعية ودور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر التعايش السلمي ومبادئ الحوار بين أتباع الأديان ومفهومه وطرائق توظيف المهارات الصحفية في مكافحة خطاب الكراهية وغيرها من الموضوعات.
وقال وسيم حداد، مدير برنامج كايسيد في المنطقة العربية: "اعتمادًا على برنامج زمالة الصحافة للحوار، فإننا نحرص على تبادل الخبرات بين الإعلاميين ومؤسساتهم وبناء القدرات لاعتماد مهارات الحوار وحل النزاع بجانب مهارات متقدمة ومتطورة في الصحافة تسهم في تعزيز الإعلام المتنوع والمهني الذي يوجِد مساحة للحوار ويبني الجسور بين مكونات مجتمعاتنا كافة".
وإلى جانب التدريبات، عُقدت جلسة نقاشية تحت عنوان "دور الإعلام في بناء السلام وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات" شارك فيها متحدثون من صانعي القرار والإعلاميين والقيادات الدينية والخبراء في مجال تعزيز الحوار وصحافة السلام في الدول العربية، ومنهم الأب الدكتور رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام وعضو مؤسس لمنصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي، و باسل الترجمان، الكاتب والمحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، و صابرين قوبانطيني، المدير التنفيذي بمؤسسة "IFM" التونسية، والشيخ الدكتور عفيف الصبابطي، أستاذ الحديث بجامعة الزيتونة ومدير المعهد العالي للشريعة.
وزيادة على ذلك، بحثت الجلسة في دور وسائل الإعلام بصفتها من القوى الأساسية والضرورية لأي خطة شاملة ومتكاملة لبناء السلام وتعزيز التماسك الاجتماعي في المنطقة العربية وأهمية صحافة الحوار في بناء مفهوم جديد يقوم على الإعراض عن التقارير الأحادية الجانب والمهيمنة على المشهد الإعلامي الحديث واتباع سياسة نشر الخطاب المدني ووضع المصلحة العامة للمجتمعات في صميم الأعمال الإخبارية.
وقال الأب الدكتور رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن والعضو المؤسس لمنصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي: "إن تعلم استخدام وسائل الإعلام أداةً لتحقيق السلام والتماسك الاجتماعي بدلًا من الصراع والانقسام سيكون له أهمية خاصة في أعقاب أزمة "كوفيد-19"، التي زادت حدة الخلافات والتوترات الاجتماعية والاقتصادية".
وفي ختام حديث الأب رفعت، أكد الدور البارز للإعلام والمنظمات الإعلامية في نشر الوعي في ظل الانقسامات والاستقطابات الحادة بين أتباع الأديان والثقافات في المنطقة العربية.
وقال باسل الترجمان الكاتب والاعلامي مبرزًا أهمية البرنامج: "يقوم برنامج الصحافة للحوار في الأساس على تعزيز السلام في المنطقة العربية انطلاقًا من تمكين جيل جديد من الصحفيين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي بالأدوات المناسبة لتعزيز المواطنة المشتركة ومكافحة خطاب الكراهية ".
في حين شدَّدت مايا سكر، مستشارة كايسيد في مجال بناء القدرات في المنطقة العربية، على أهمية البرنامج من منطلق الاعتراف بدور الإعلام ليس بوصفه وسيلةً لنقل الخبر أو مصدرًا للمعلومات فحسب، بل بصفته صانع قرار ومؤثرًا فاعلًا في تعزيز الحوار والمواطنة ورفع الوعي ومنع نشوب الصراعات وبناء السلام أيضًا.
وفي نهاية البرنامج، قام المشاركون رفقة زملاء برنامج الصحافة للحوار بزيارات ميدانية إلى جامعة الزيتونة وجامعها حيث استقبلهم ورحَّب بهم الدكتور إلياس قويسم، نائب رئيس جامعة الزيتونة ولفيف من الأساتذة من أقيام الجامعة المختلفة وأجرى معهم نقاشًا واسعًا بشأن دور المؤسسات الدينية والإعلامية في مكافحة خطاب الكراهية والتطرف وأهمية الشراكة والتعاون بينها.
وترعى منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي (IPDC) برنامج زمالة الصحافة للحوار بصفته جزءًا من برنامج كايسيد "إعلام من أجل السلام" في المنطقة العربية، الذي يشتمل أيضًا على منتدى السياسات الإعلامية، كما أنه يُنظَّم بالتعاون بين المركز ومؤسسة IFM التونسية ومنظمة الإعلام عبر التعاون وفي التحول الألمانية (MiCT)، وهي منظمة عالمية غير ربحية تنفذ مشروعات تطوير وسائل الإعلام في مناطق الأزمات.
يُذكر أن منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي هي منصة إقليمية فريدة من نوعها أُطلقت بمبادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات "كايسيد" في شهر فبراير من عام 2018. وترمي هذه المنصة، انطلاقًا من أسس المواطنة المشتركة، إلى أن يعمل الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية وممارسو الحوار في المنطقة بالتعاون مع مركز الحوار العالمي على تعزيز ثقافة الحوار والعيش المشترك وزيادة التماسك الاجتماعي.
الجدير بالذكر جمع البرنامج صحفيين من مختلف الدول العربية، ممَّن يعملون في مؤسسات إعلامية في هذه المنطقة، من أجل تعزيز قدراتهم على إعداد تقارير تركز على قضايا الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وحل النزاعات والتعايش السلمي والهوية والتعددية ومهارات صحافة الحوار.
ويستهدف البرنامج مشاركين من مجتمعات متنوعة في جميع أنحاء المنطقة العربية ليقدم لهم التوجيه والإرشاد والدعم اللازم لتنفيذ مبادرات الحوار في مجتمعاتهم والتدريب على ممارسة ما يسمى "صحافة الحوار" -وهي مفهوم جديد يسعى إلى تعزيز الخطاب المدني عبر وضع المجتمعات في صلب الأعمال الصحفية- وينمي قدراتهم عن طريق تقديم تقاريرَ عادلة ومنصفة ومراعية لقضايا الدين والهُوية والصراع، وإن الأمل معقود على هذا البرنامج في خدمة قضية بناء السلام على مستوى صنع السياسات، لأنه يقدم الإرشاد والتوجيه والدعم للمشاركين ويمكنهم من إنتاج خطاب إعلامي يحترم معايير الحوار بين أتباع الأديان بمهنية عالية بغية رأب الصدع بين أتباع الأديان والثقافات ومكافحة خطاب الكراهية.