أعلن وزير الدفاع الياباني، نوبو كيشي، أن بلاده تعتزم دراسة نشر مقاتلات هجومية في المستقبل لتنفيذ ضربات استباقية على "أراض أجنبية"، معتبرًا أن ذلك لن ينتهك مبدأ سلمية الدستور الياباني.
وخلال جلسة استماع برلمانية، فسر كيشي الأمر قائلًا إن "دخول المقاتلات الحربية اليابانية في المجال الجوي للعدو وتوجيه ضربات سيندرج تحت بند الدفاع عن الذات، مشددًا على أن العزم يقضي بعدم استبعاد أي خيار حتى إذا كان في نطاق الدستور والقانون الدولي.
وأشار وزير الدفاع إلى أن رئيس الوزراء الياباني، فيوميو كيشيدا، شدد في وقت سابق على أن اليابان سوف تدرس كل الخيارات الممكنة، بما فيها إمكانات ضرب قواعد عدو.
والمعروف أن القوات المسلحة اليابانية امتنعت منذ الحرب العالمية الثانية عن الاستثمار في قدرات عسكرية لمهاجمة دول أخرى، رغم أن قواتها المسلحة بقيت مصنفة ضمن أقوى الجيوش في العالم، كما أنها مجهزة جيدًا لأداء مهام الدفاع الجوي وملاحقة السفن والمدمرات المعادية في البحار.
وتشير مجلة "ميليتري ووتش" الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة طالما مارست ضغوطًا على اليابان لزيادة قدراتها العسكرية، وهو ما زاد من تفكيك تفسيرات مفهوم "قوات الدفاع الذاتي اليابانية"، الاسم الرسمي لجيش الدولة، وتوسيع المهام القادر عليها، مؤكدة أن مسألة "الضربات الاستباقية" تمثل فحسب أحدث خطوة في هذا المسار.
وتقول المجلة إن وجود جيش عسكري ياباني وثيق التحالف مع المصالح الغربية يلعب دورًا محوريًا في التأكيد على أن توازن القوى في شرق آسيا يواصل ميله لمصلحة الولايات المتحدة، التي تواجه تحديات متنامية لهيمنتها الطويلة في المنطقة من جانب الصين بصفة رئيسية، وكوريا الشمالية بدرجة أقل.
ولا شك أن السماح بمسألة الضربات الاستباقية سيمهد الطريق أمام القوات المسلحة اليابانية لشراء عتاد عسكري جديد، يشمل صواريخ كروز هجومية برية لتزويد غواصاتها ومدمراتها بها، علاوة على صواريخ جوية عابرة لمقاتلاتها الحربية مثل "إف-2" و"إف-35".
وتشير المجلة المعنية بالشئون العسكرية إلى أن "سلاح الدفاع الذاتي الجوي الياباني" قام فعليًا بعملية تحول ملحوظة من اعتماده على المقاتلات المصممة خصيصًا لمهام الاشتباك والقتال الجوي مثل "إف-15"، وسابقًا "إف-4" و"إف-104"، إلى تضمين أسطوله الجوي بحصة متصاعدة من مقاتلات "إف-35" التي صممت في الأساس لاختراق المجال الجوي للعدو وتنفيذ ضربات هجومية.
وحسب المجلة، فإن مسئولين يابانيين أشاروا إلى أن بلادهم قد تتدخل أيضًا حال استئناف الاشتباكات العدائية بين الوطن الأم الصين وتايوان، التي تعترف بها طوكيو، رغم أن الأمم المتحدة وغالبية الدول الأعضاء بها تعترف بمبدأ الدولة الواحدة، التي تعاني انقسامًا وفي حالة حرب أهلية، من الناحية الفنية.
وتشير المجلة إلى أن تايوان رغم عدم الاعتراف بها دوليًا، فإنها قد تحصل على دعم عسكري محتمل من اليابان.
ومن المرجح أن يتسبب تبني اليابان لمبدأ الضربات الاستباقية في الإضرار بشدة بأمن جارتها كوريا الشمالية، التي اتخذت طوكيو حيالها سياسة أكثر تشددًا حينما تحسنت علاقات بيونج يانج مع واشنطن في العام 2018.
وسيتيح هذا المبدأ لليابان إمكانية المبادرة بإطلاق هجوم، كأن تهاجم منشأة إطلاق صواريخ تجريبية كورية، وهو أمر ترى المجلة الأمربكية أنه ينطوي على مخاطر إشعال حرب قد تتسبب في جر الولايات المتحدة وأطراف أخرى مثل كوريا الجنوبية إلى الانزلاق فيها.
وكانت الولايات المتحدة قد درست إمكانية القيام بضربات استباقية ضد أهداف كورية شمالية، علاوة على ضربات وقائية لتدمير أهداف لا تهدد الولايات المتحدة، ولكنها أهداف تستخدم لدعم تقنيات ترغب واشنطن في حرمان بلد ما من الاستفادة منها.
بيد أن طبيعة القواعد العسكرية الكورية الشمالية ومصانع سلاحها التي شيد معظمها تحت الأرض وفي مواقع محصنة، فضلًا عن الافتقار إلى معلومات استخباراتية عن الصناعة الدفاعية للبلاد أو مواقع اختبار الصواريخ، جعل من الصعوبة بمكان على الولايات المتحدة القيام بمثل تلك الضربات، وهو أمر ترى المجلة انسحابه كذلك على وضعية اليابان.