تعمل الدولة المصرية على النهوض بالسياحة البيئية، وسياحة المحميات الطبيعية، وذلك بالتزامن مع الاستعدادات الكبيرة التي تقوم بها مصر استعدادا للحدث الكبير cop27، وهو مؤتمر المناخ الدولي الذي من المقرر أن تحتضنه مصر، خلال شهر نوفمبر المقبل، وستقام فعاليات المؤتمر في مدينة السلام شرم الشيخ.
وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى تستهدف وزارة البيئة الارتقاء بسياحة المحميات الطبيعية من خلال إطلاق برنامج ترويجي تحت شعار "Eco South Sinai"، والتي تهدف في المرحلة الأولى للترويج للمحميات الطبيعية في سيناء، ومن ثم الانتقال إلى المحافظات الأخرى، وبالأمس كشفت وزارة البيئة عن تفاصيل الحملة الترويجية.
وأكدت الوزارة ان الحملة تسعى لتنمية المحميات الطبيعية والترويج لها بالسكل الأمثل، نظرا لما تحتويه هذه المحميات المترامية في كل أرجاء مصر من كنوز وتنوع بيولوجي يجعلها تضع مصر على قمة دول المنطقة، ومن هنا جاءت الحملة بهدف نشر الوعي بالسياحة البيئية.
أرقام وإحصاءات
تستحوذ مصر على عدد كبير من المحميات الطبيعية في المنطقة، وبحسب بيانات وزارة البيئة فإن المحميات الطبيعية في مصر هي 30 محمية تُقدر مساحتها بنحو 150 ألف كيلو متر مربع، بما يوازى نحو 15% من المساحة الإجمالية لمصر، وتتوزع وتتباين تلك المحميات بين البحر والبر وبين شمال البلاد وجنوبها.
وعن تاريخ المحميات في مصر، فإنه بدأ في 1983 عندما تم إعلان محمية رأس محمد بسيناء محمية طبيعية، لتصبح الأولى من نوعها في مصر، ثم توالت الإعلانات والقرارات حتى أصبح عددها حتى الآن ٢٩ محمية بالإضافة لمحمية رأس محمد.
وتُقدر الأمم المتحدة وتقرير وزارة البيئة «رقم ٠١٢-٣٦٦٨-٠٥» مساحة المحميات بنحو ١٥٠ ألف كيلو متر مربع، بما يمثل نحو ١٥٪ من المساحة الإجمالية لمصر؛ ورغم أن هذا العدد يظل أقل من نصف المستهدف، إذ كانت تخطط وزارة البيئة للوصول بعدد المحميات إلى ٤٠ محمية مع نهاية العام الماضي، لكن هذا لم يحدث.
وبحسب بيانات "البيئة"، فإن سيناء بها العدد الأكبر من المحميات، إذ هناك ٨ محميات بداية من الجنوب إلى الشمال وهى: «رأس محمد بمساحة ٤٨٠ كم٢، وتحتوى على شواطئ مرجانية وأسماك ملونة، وسلاحف بحرية، ويوجد بها حفريات تزيد أعمارها على ٧٠ ألف سنة» ومحمية نبق وهى محصورة بين شرم الشيخ وطابا وبها غابات المانجروف الموجود بكثافة كبيرة كآخر منطقة جغرافية لنبات الشورى».
علاوة على محميات أبوجالوم بمنطقة وادى الرساسة، ثم محمية سانت كاترين، والتى تقع على هضبة مرتفعة تحيطها الجبال، ومحمية طابا بمساحة ٣،٥ آلاف كم٢، وتضم تراكيب جيولوجية وكهوفا وممرات جبلية متعددة وشبكة من الوديان أبرزها «وديان وتير، الزلجة، الصوانة نخيل». ومحمية الأحراش الساحلية، بمساحة ٦ كم٢، متضمنة الكثبان الرملية بارتفاعات أكثر من ٦٠ مترًا، ثم محمية «الزرانيق» والتى هى المحطة الأولى للطيور المهاجرة وتم تسجيل نحو ٢٦٠ نوعا من الطيور بها.
ومحمية جبل علبة الشهيرة، والتى تضم أكثر من ٣٠٠ نوع من النباتات المتنوعة، ومحمية وادى الجمال بمساحة ٦،٨ ألف كم٢، ومحمية سالوجا وغزال بأسوان، ويوجد بها ٩٤ نوعًا من النباتات الطبيعية، و٦٠ نوعًا من الطيور. ومحمية وادى العلاقى بأسوان، وتمتد بطول ٢٧٥ كم وبمتوسط عرض واحد كم، وتتميز هذه المحمية بأنها تعد منطقة خصبة للبحوث العلمية الأساسية.
توصيات الخبراء
ويوضي خبراء البيئة والسياحة بضرورة العمل على تعظيم الاستثمار والاستفادة من المناظر والكنوز الخلابة التي تحويها محميات مصر، من أجل توفير نوع مهم وبارز من السياحة والتي من شأنها أن تسهم في زيادة إيرادات الدولة.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق، إن وزارة البيئة كثفت من جهودها خلال الفترة الماضية لتنمية وتطوير المحميات الطبيعية، وبالتحديد محميات سيناء، والفيوم، مشيداً بالحملة الترويجية التي أطلقتها الوزارة، حيث أكد أن الوزارة عمدت على تدشين برامج ترويجية قوية لتنمية المحميات الطبيعية.
وأضاف علام في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن مصر بها 48 موقعا تصلح محمية طبيعية، وشدد على أن هذا النوع من السياحة من الممكن أن يجلب ملايين الجنيهات لخزينة الدولة، فنوع واحد من السياحة البيئية مثل ماهدة الطيور قدرت إيراداتها في العالم بحوالي 26 مليون، لذا يجب تكثيف الحملات بالتعاون مع شركات عالمية لتسويق المحميات الطبيعية المصرية.
من جهته، قال عمرو صدقي، الخبير السياحي، قال إن هناك توجه عالمي لدعم البيئة والمناخ، ومن خلال استضافة مصر لمؤتمر المناخ في نوفمبر المقبل، يجب أن نعمل على استغلال هذا الحدث بأكبر قدر ممكن من خلال الترويج للمواقع البيئية والمحميات الطبيعية، إلى جانب تدشين حملات لاستقطاب أكبر عدد من السياح.
وأضاف صدفي أن جائحة كورونا أثرت بالإيجاب على سياحة المناطق الطبيعية والبيئية، حيث أصبحت الأماكن الوحيدة التي تقل فيها نسب التلوث، ولا تزال تحتفظ بطبيعتها وفطرتها، الأمر الذي جعلها تجذب أكبر عدد من السياح خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن هنا يجب العمل على الحفاظ على هذه المناطق على طبيعتها وعدم إدخال أي عوامل تدل على الحداثة.
وتابع: "التطوير والتنمية مطلوبة لكن دون المساس بطبيعة المناطق البيئية، لذا يجب العمل على وضع معايير ثابتة لأية عملية تطوير حتى لا تشوه المظهر الجمالي والطبيعة التي تميز المحميات الطبيعية، كما يجب العمل على تدشين منتجعات خضراء تعتمد بالكامل على أشياء صديقة للبيئة، وتستخدم كافة خاماتها من البيئة المحيطة، ولا تعتمد على التكنولوجيا، بل تعتمد بشكل أساسي على الموارد الطبيعية.