سيطرت التطورات الأخيرة فى ملف الأزمة الروسية الأوكرانية، والمخاوف من وقوع غزو روسى محتمل على الأراضى الأوكرانية على اهتمام الصحف البريطانية والعالمية، فيما نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية مقالا لكيث ألكسندر ضابط الاستخبارات الأمريكى السابق بشأن الحرب السيبرانية التى تهدد الأنظمة التكنولوجية فى جميع أنحاء العالم.
وتناول الكاتب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا من منظور مختلف، حيث اعتبر أن الحرب السيبرانية ضد أوكرانيا تهديد للنظام العالمى ويظل الأمن السيبرانى هو الجزء المكشوف للديمقراطيات.
وأضاف الكاتب أن العالم يشاهد حاليا ما يمكن أن يكون أول حرب إلكترونية واسعة النطاق يجرى إعدادها، مع وجود حوالى ١٣٠ ألف جندى روسى منتشرين حول حدود أوكرانيا، فإن خطر الغزو مرتفع ولا يوجد شك فى أن مثل هذه الحملة العسكرية الحديثة ستشمل بشكل شبه مؤكد هجوما إلكترونيا واسع النطاق.
ويرى الكاتب أنه حتى لو لم تكن هناك محاولة روسية لغزو أوكرانيا بالقوات التقليدية فهناك إجماع كبير على أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وضع نفسه فى موقف يتوجب عليه القيام بشيء ما، ومن المرجح أن يتصدر الهجوم الإلكترونى وهو سهل ورخيص نسبيا قائمة الأولويات.
ويشير الكاتب أنه مثلما فعلت روسيا خلال صراع جورجيا عام ٢٠٠٨، فإن اختراق الأنظمة الحكومية وكذلك القطاعات المالية والطاقة يمكن أن يتسبب فى حدوث فوضى.
وحذر الكاتب من أن البعض فى الغرب قد يعتقد أن هذه ليست مشكلتهم، غير أنه يقول إن هذا الموقف يعكس تجاهلا للتاريخ، ويضيف أنه قبل أقل من خمس سنوات نفذت روسيا هجوما إلكترونيا باسم NotPetya، استهدف مصادر الطاقة والنقل والأنظمة المالية الأوكرانية فى محاولة لزيادة زعزعة استقرار البلاد، ولكن بدلا من أن تكون المكافئ السيبرانى للقنبلة الذكية الدقيقة انتشرت NotPetya بسرعة فى جميع أنحاء العالم.
وذكّر الكاتب بأن الهجوم تسبب فى اضطرابات تشغيلية هائلة للشركات فى جميع أنحاء العالم فى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والهند، ومع وجود تأثيرات مضاعفة تضرب كل ركن من أركان الاقتصاد العالمى تقريبا قدّر البيت الأبيض الخسائر الإجمالية فى جميع أنحاء العالم بما يتجاوز ١٠ مليارات دولار.
وأوضح الكاتب أن خطر الهجوم السيبرانى أعلى ولكن خطر الضرر أكبر بكثير، وأشار إلى تحذير شركة مايكروسوفت بالفعل من أنها اكتشفت برامج ضارة مدمرة تم وضعها مؤخرا داخل شبكات الكمبيوتر الأوكرانية.
ونشرت التايمز مقالا لوزير الخارجية البريطانى السابق، ويليام هيج، بعنوان «كيف يفكر بوتين، فى الأزمة الأوكرانية؟»
يقول هيج «منذ آخر مرة كتبت فيها عن المواقف التى جمعتنى بفلاديمير بوتين، تلقيت الكثير من الرسائل التى تطالبنى ببث الطمأنينة بخصوص ما سوف يحدث، وما سيفعله، وهو بالتأكيد شخص عقلانى، ويعرف العواقب، التى ستقع، سواء بالنسبة للأرواح الروسية، أو العقوبات الدولية القاسية، كرد على بدء حرب، نعم هو شخص عقلانى، لكن هذا ما قد يفكر فيه».
ويحاول هيج أن يتقمص شخصية بوتين ويتحدث بما فى رأسه قائلا «المؤرخون قد يقولون إن الروس، والبيلاروسيون، والأوكرانيين، ينتمون لأسلاف من الروس القدماء، الذين يعود تاريخهم إلى القرن العاشر، لكنهم فقط يستطيعون أن يحدثوكم عن التاريخ. أما أنا فعلى وشك صناعة التاريخ. البلشفيك سرقوا منا شبه جزيرة القرم، وأعطوها لأوكرانيا، وأصلحت أنا هذا الخطأ، والآن أمتلك الفرصة السانحة لإنهاء المهمة الصعبة بإعادة تشكيل شعب واحد».