لم تكن ملابس المرأة المصرية قديما محل جدل للحشمة والوقار أوالعري فاتسمت المرأة بمكانة كبيرة منذ بداية العصر الفرعوني، وكانت موضع احترام الجمبع من الحاكم إلى أصغر جندي وكانت في كثير من الأوقات تشارك في اتخاذ القرارات المصيرية الخاصة بالدولة لإذا كانت زوجة ملك البلاد بجانب زوجها وكان يصنع لها أفضل الثياب من حيث الشياكة والذوق الرفيع.
ورصدت “البوابة نيوز” ردود أفعال غاضبة بعد تصريحات إبراهيم عيسى ضد نساء الصعيد من قبل الجمهور على "مواقع التواصل الاجتماعي" بوصفه أن المرأة قديما كانت ترتدي المايوه، والحقيقة أن المرأة المصرية قديما التزمت بالزي الذي يخطي كامل جسدها، والأكثر استخدام كان النقاب والملاية اللف، وهو أبرز ملابس النساء قديما خصوصا في مناطق الوجهة البحري وإسكندرية والقاهرة وبعض مناطق الصعيد، أما بقية مناطق الصعيد فكانت تشتهر بالجلباب الكامل الذي يخطي كامل الجسد.
"والملاية اللف" هي قطعة سوداء من القماش تلف بإحكام على الجسد لتضيق نوعا ما عند الخصر ويرفع طرفها فوق الرأس كي لا تقع، مع الاستعانة ببعض الاكسسوارات اللازمة من برقع بقصبة نحاسية أو ذهبية أو فضية طويلة على الأنف ومنديل بأوية وخلخال وقبقاب تضيف نعومة وأنوثة للملاية اللف، وتعتبر "الملاية اللف" أحد أهم ما تميزت به النساء فى مصر خلال النصف الأول من القرن الماضي حتى أصبح الزي الرسمي لبنات البلد فى كافة الأحياء الشعبية من جنوب مصر حتى شمالها.
زي المرأة في السينما
واهتمت بها الأعمال الفنية المختلفة حيث ظهرت فى العديد من الأعمال التليفزيونية والسينمائية والمسرح حيث ارتدتها معظم فنانات الزمن القديم فى هذه الأعمال ، وكانت أبرزهم الفنانة تحية كاريوكا في بعض افلامها مثل فيلم (شباب إمرأة، المعلمة، سمارة) كما أنها قامت بإرتدائها في مهرجان كان أثناء مشاركة فيلمها (شباب إمرأة) في المهرجان عام 1956، لتجذب أنظار الحضور إليها بطريقة ذكية، ولا ننسى أيضا الفنانة هند رستم في فيلم "توحة" وشادية في "زقاق المدق" وغيرهن من نجمات الزمن الجميل.
وعن بداية ظهور الملاية اللف، يختلف خبراء الأزياء فى هذا الأمر، فيقال إن النساء فى الرومان هم أول من ارتدى "الملاية اللف"، وانتقلت مع الوقت إلى البحر المتوسط، إلى أن وصلت إلى مدينة الإسكندرية في العصر العثماني، ثم انتقلت الملاية اللف بدورها مع باقي اكسسواراتها إلى المحافظات المصرية الأخرى من القاهرة إلى الفيوم والشرقية وغيرها، ويقول عبد الرحمن الجبرتى عن الملايات اللف إن مصر وتحديدا فى الدولة العثمانية كان بها محال لبيع الملايات اللف، من بينها "خان الملايات".
وكان شكل الملاية بالنسبة للفتيات يختلف كثيرا عن السيدات، فالملاية ذات القماش المطاطى اللامع مخصص للشابات، أما الملاية المصنوعة من القطن وغير اللامعة فهى من أجل السيدات، كما أن بنات المحافظات الساحلية اعتدن على ارتداء ملايات لف قصيرة يلفونها على خصرهن بطريقة ضيقة ومحكمة، بينما كانت بنات الدلتا ترتديها في هيئة أكثر وقارا.
وبعد احداث ١٩٥٢، بدأ شكل الملابس يتغير تدريجيا، خاصة بعد إصدار قرار بمنع ارتداء الطربوش بالنسبة إلى الرجال والذي كان يرتديه أصحاب المناصب العليا والباشاوات وأبناء الطبقات الراقية، لتنشأ طبقة متوسطة يطغى على ملابس نسائها الزي الإفرنجي المناسب لحياة أكثر عملية مثل البنطلون، الميني جيب والميكروجيب، عوضا عن الملاية اللف التي اختفت بدورها بين نساء تلك الطبقة وبقت مقتصرة على نساء الطبقة الفقيرة من الشعب ومن هنا كانت بداية الاختفاء التدريجى للملايات اللف، إلا أنها ظلت لسنوات فى كثير من البلدان وتحديدا فى الإسكندرية، حتى بداية التسعينيات.
ومن الطرائف مقولة مصرية شهيرة ارتبطت بالملاية اللف وهي "أفرشلك الملاية" !! .. وتدل تلك المقولة على التفرغ لمواجهة الخصم ومقارعته بالردح والعراك من خلال فرش الملاءة على الأرض والتربع فوقها !!