بعد ثلاث سنوات من مؤتمرها الأول، نظمت جمعية "إسلام القرن الحادي والعشرين" التي يرأسها الطبيب صادق بن يوسف والأستاذ الجامعي ،مؤتمرها الثاني على مدار يومين ( أمس واليوم 16 و 17 فبراير) في مقر منظمة اليونسكو، حول موضوع "الإسلام والهويات: بين العبادة والثقافات" حيث عقدت موائد مستديرة نوقش فيها عدة مواضيع هامة منها "مأزق الإسلام خارج الثقافة" و"المسلمين بين الإيمان والثقافة الأصلية "
يجمع التوجه العام للجمعية بين مجموعة من المكونات الفكرية والعقائدية ، تقدم جمعية إسلام القرن الحادي والعشرين خطابًا يركز على البعد الثقافي والعلماني والاجتماعي لأشكال معينة من الممارسة الإسلامية حول العروض التي قدمها الأكاديميون بشكل أساسي الجهات الفاعلة (أطباء ، باحثون ، شركاء ، علماء إسلام ، إلخ). "الهدف من الجمعية ، كما تقول الاديبة والشاعرة الجزائرية الفرنسية لويزة ناظور والمستشارة الإعلامية للجمعية، هو التثقيف حول تعددية الإسلام حتى يتم التعرف عليه بشكل أفضل وفهمه بشكل أفضل. إنها مسألة المساهمة في وضع حد لصراع الجهل والحضارات ، لفكرة أنه سيكون هناك إسلام واحد "حقيقي" خالٍ من الزمن يكون نظام قيمه في جوهره متعارضًا مع نظام الغرب. وقالت لويزة ناظور بأن المؤتمر الثاني مختلف عن الأول ، حيث تركزت معظم المحاور والموضوعات أكثر على العالم العربي ، لكن فضلت جمعية إسلام القرن الحادي والعشرين المشاركة شارك كبار المفكرون العرب والأوروبيون من بين 29 مشاركًا، بعضهم مؤيدا لعلمنة الإسلام ، ومنتقدي الراديكالية والإسلام السياسي والإسلام المحافظ ، كان أبرز من ساهم في إثراء الأفكار البروفسور عياد بن عاشور (أستاذ زائر في كوليج دو فرانس ، فقيه وكاتب) والبروفسور سليمان بشير دياجني (أستاذ الفلسفة في جامعة كولومبيا في نيويورك وكاتب) والفيلسوف عبد النور بيدار متخصص في الإسلام وفي تطور الحياة الروحانية في العالم المعاصر وثلة من المفكرين أبرزهم ستة "شهود عظماء" – البروفسور يوسف صديق (وعالم أنثروبولوجيا وعالم إسلامي استاذ الفلسفة الاسلامية في جامعة السوربون) والبروفسور إيريك جيوفروي (عالم إسلامي متخصص في الصوفية) ، والكاتبة كريمة بيرجر وآني زونيفيلد (مؤسس منظمة المسلمين من أجل القيم التقدمية) ، والأستاذ طارق أوبرو (إمام مسجد بوردو ، عالم لاهوت وكاتب) والأستاذ محمد باجرافيل (عالم لاهوت ولغوي وكاتب)
- دارمانا: الاسلام دين من نور يقتبس العالم من أنوار علماءه -
افتتح المؤتمر وزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانا بكلمة عبر الفيديو حيا فيها جهود الجمعية التي تتماشى مع قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية وأشاد بما تطرحه دائما من فكر مستنير واسلوب عقلاني ونجاحها في جمع كوكبة من المفكرين الدوليين الذين يطرحون مسائل الإسلام واشكالياته والحديثة وقال أن "أفكاركم وتحليلاتكم ستساهم في تطوير وتحسين أفضل وسائل التعايش السلمي في فرنسا والعالم مع الدين الاسلامي الكبير والجميل الذي له مكانته بين الأمم بكل احترام وأكد بأن الحرية الدينية مصونة في فرنسا وأكد بأن الإسلام بفضل علماءه ومفكريه هو دين متطور ومتعايش مع العصر كانت الديانة الاسلامية مشعل عصر التنوير منح علماء الاسلام الكثير للعلوم في العالم الاسلامي في الكب والرياضيات والثقافة وحتى اليوم نقتبس من انوار علماء الاسلام في علومنا العصرية ولكن اليوم توجد حرب بين الظلاميين والنورانيين ونأمل ان ينتصر النور على الظلام."
هذا وقد قدم المؤتمر فرصة لعلماء اللاهوت والفلسفة الإسلامية وللجمهور الاطلاع على آخر الدراسات الاجتماعية والإجابات على الأسئلة الملموسة التي يطرحها المسلمات والمسلمون اليوم وهم منشغلون بتشييد هويتهم ، لمواجهة الواقع وطرح يوسف الصديق فكرة إعادة قراءة القرآن وتفسيره من وجهة نظر شخصية أمر مشروع بشرط أن يكون التفسير موضوعيًا، وقد عرض المفكرون أطروحاتهم وناقشوا موضوعات شئون الساعة في الموائد المستديرة منها موضوع مأزق الإسلام خارج الثقافة وطرحت تساؤلات هل من الأفضل أن تكون العبادة نقية، خالية من أي مكونات ثقافية؟ فقد بدا بأن النقل الثقافي للدين قد انقطع تماما تحت تأثير العلمنة، مما دفع الأصوليين إلى الابتعاد عن ثقافة نُظر إليها على أنها غير مبالية أو حتى معادية للإيمان هذا ما جعل الفكر الأصولي يقبل بقطيعة ثقافية تبررها أيديولوجية قائمة على معارضة عنيفة وجهادية ضد الغرب وبفكرة أن هناك "إسلام نقي وأصيل" صالح لكل زمان ومكان.
"الإسلام الليبرالي والعلماني"
بهذه المشاركة الثانية تؤكد جمعية إسلام القرن الحادي والعشرين رغبتها في أن تصبح واجهة للإسلام الليبرالي والعلماني في فرنسا والذي يُطلق عليه " إسلام التنوير" ، وهذا الاتجاه محمود لأنه يعطي صورة أخرى للمسلمين ضد الأقلية المتطرفة على المستوى الاجتماعي ، ولهذا تم الإشادة بالجمعية التنويرية من قبل المؤسسة الفرنسية كبديل مقبول في مواجهة الإسلاموية واليسارية الإسلامية والإسلام التقليدي أو المحافظ والتزمت الإسلامي. كما كان هناك موضوع "مقاتلو الجهاد، صورة جيل "
قدم البروفسور بنجمين هودييه النتائج الأساسية لدراسة حول الجهاديين الفرنسيين والأوروبيين، أجراها مع البروفسور حكيم القروي مستشار الرئيس ماكرون في الاسلام وكان مستشارا لرئيس الوزراء السابق رافاران ورأى أن منطق التعبئة الجهادية غير المسبوقة، التي أثرت على أوروبا خلال العقد الماضي، لا ينتابه أي غموض. ولفهم هذا المنطق لا بد من الابتعاد عن أحداث الاعتداءات وحدها وترك التفسيرات الجلية، واللجوء إلى قراءة متقاطعة للمقاربات المجتمعية، والإلمام بتنوع الإسلامية في أوروبا، ومعرفة أماكن التجنيد الرئيسية، لأن طرق تفكير الشبكة أمر أساسي. لمعرفة الفروق الدقيقة عبر مختلف الاتجاهات، من منظور تاريخي، تجعل من الممكن تتبع التطورات الأخيرة واستشراف ما يمكن أن يكون عليه مستقبل الجهادية الأوروبية، التي لم تختف بعد.
فيما تحدث فريد قرين يعمل كمرشد مسلم في العاصمة الفرنسية وضواحيها، وحاليا في بسجن فلوري بمداخلة بعنوان شهادة فنان ينشط في مجال مكافحة التطرف" وعرض تجربته الخاصة حيث أنه يلتقي بأشخاص يخضعون لمتابعة من أجل التطرف في إطار خارج أماكن الاحتجاز .
وكانت هناك مائدة مستديرة حملت عنوان :المسلمون بين العقيدة، والثقافة والتثاقف قال فيها المفكرون بأن مسألة الارتباط بين الثقافة والدين مسألة أساسية. والتي تعني هنا بالثقافة، ليس فقط الثقافة الأصلية، ولكن أيضا ثقافة محيط الاستقبال في سياق الهجرة، وذلك من خلال مفهوم التثاقف. وفي هذا الوضع غالبا ما يكون الإسلام عقيدة أو ممارسات دينية أو روحانية "الإسلام والتربية والتثاقف وكيف يكون التكيف بالنسبة لهم من خلال الترفيع من قيم الإسلام وإعادة تأهيله. ومع ذلك، يجدر القول أن هذه الظواهر التي تمثل وحدة متجانسة، فهي تعتمد على روايات شخصية أظهرت المداخلة فروقها الدقيقة المختلفة بشكل ملموس .
فيما طرح موضوع "مسلمون ملحدون"، وأسئلة كيف نفسرها؟ وبينوا ان المسلم الغربي هو ملحد عند بعض المسلمين الشرقيين المتطرفيين وكيف نميز بين هذا الارتباط بثقافة الأصل والصلة بالإيمان؟ كيف يعيش المسلمون روابطهم بثقافتهم الأصلية وكيف يندمجون في مجتمع البلدُ يكونون هويتهم من خلال هذا الأصل المزدوج وكيف يعيشون إسلامهم؟
مسلمون- مسلمات، كلمة واحدة وهويات متعددة
هل أن تكون مسلمة أو مسلماً اليوم في فرنسا يعني أنك تنتمي أو أنك قررت الانتماء إلى دين أو ثقافة أو أصل؟ لهذه الكلمة عدة معاني عنها، تتغير حسب طريقة التعبير ويتبنى الأفراد والمجموعات هذه المعاني بأشكال مختلفة أيضا. اعتمدت هذه المداخلة على مسح نوعي تم إجراؤه في إطار بحث لنيل شهادة الدكتوراه، حول العلاقة بين الإسلام والمدرسة، كما جاء في الكتاب الذي نتج عنه (الإسلام والمدرسة في فرنسا: مسح ميداني) وقد ركز بالخصوص على تصريحات العائلات الفرنسية المسلمة التي تعيش في إقليم فينيسيو. وتقديم حصيلته في المؤتمر هي مساهمة في إسلامها، وذلك من خلال زاوية التعليم والحياة المدرسية. لتحليل معطيات هذا البحث قاموا بمراعاة الخصوصيات التاريخية والاجتماعية لهذه المنطقة وللعائلات الفرنسية المسلمة التي تعيش هناك منذ أجيال. معظم هذه العائلات من أصل جزائري، ينتمي أبناؤها إلى الجيل الثالث. فيما سيشكل برنامج "المسلمون مع الآخرين" و "عيش الإسلام في القرن الحادي والعشرين روحانية متجددة" برنامج اليوم.