واصلت وزارة الزراعة خطتها القاضية إلى استنباط أصناف جديدة من التقاوي والبذور عالية الجودة والتي من شأنها التأقلم مع ظاهرة التغيرات المناخية العالمية.
ووفقًا لبيانات وزارة البيئة الصادرة العام الماضي، فإن الزراعة تأثرت بشدة بسبب التغيرات المناخية، حيث تأثر محصول القمح خلال السنوات الماضية وشهد تراجع في إنتاجيته بنسبة 20%، كما تراجعت إنتاجية محصول الموز بنسبة 12%.
وذكرت الوزارة، أن التغيرات المناخية تسببت في إعاقة قدرة المحاصيل على إعطاء إنتاجية عالية بسبب شدة الحرارة خلال الصيف، أو شدة البرودة خلال فصل الشتاء، إضافة إلى تأثر التربة من ناحية الجفاف الشديد الذي يحدث لها.
فضلاً عن ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية، بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر في بعض الأماكن القريبة من البحار في أقصى شمال الدلتا، وفقًا لوزارة البيئة.
وقال السيد القصير، وزير الزراعة: إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يولي اهتمامًا كبيرًا بقطاع الزراعة لدورها الأساسي في تحقيق الأمن الغذائي للمُواطنين، كما أن هناك اهتمام رئاسي بالقطاع والدليل مشروعات عملاقة للأمن الغذائي.
وأضاف أن هناك حاجة ملحة لاستنباط أصناف جديدة من التقاوي والبذور عالية الجودة والإنتاجية التي تتأقلم مع التغيرات المناخية، مشيرًا إلى أهمية البحث العلمي في مجال الإرشاد الزراعي والتحول الرقمي وتحديث نظم الري ومكافحة التصحر وملوحة التربة وتحديث السلالات والتلقيح الاصطناعي وتنمية المراعي والوديان لزيادة إنتاجية مصر من الثروة الحيوانية.
وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالبحوث التطبيقية في مواجهة التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة وإعداد رؤية لطرحها على قمة المناخ cop27 التي تستضيفها مصر هذا العام، مؤكدًا على أهمية التصنيع الزراعي واعتماد الخريطة السمادية وتوصيلها للمزارعين وأيضاً اعتماد الخريطة الصنفية والتراكيب المحصولية وأهمية الربط بين التقاوي والخريطة الصنفية.
وبحسب دراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، فإن الموارد الطبيعية الزراعية في مصر تتعرض لتهديد مستمر، بسبب تغير المناخ وتزايُد الضغوط البشرية، إذ سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تقليل المساحة المزروعة حول نهر النيل.
وذكرت الدراسة الصادرة العام الماضي، أنه من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة وتزداد الفجوة بين الموارد المائية المتوافرة والاحتياجات الفعلية، كما أظهرت التوقعات انخفاضًا كبيرًا في إنتاج القمح، في الفترة ما بين عامي "2012 و2040" بنسبة تتراوح من 11 إلى 12%، ومن 26 إلى 47% للأرز، ومن 40 إلى 47 % للذرة.
إلى ذلك، أوضح الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، أنه لابد من رفع الوعي البيئي والزراعي للفلاحين، من خلال تدريب الفلاحين وتوفير برامج لمهندسي الإرشاد الزراعي، وتحويل الري القديم إلى الحديث.
وأضاف، أن جهود التكيف مع التغيرات المناخية مهمة من أجل مصر لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتمثل في القضاء على الفقر وضمان استدامة الموارد البيئية، مؤكدًا على ضرورة العمل على إدارة مخاطر تغير المناخ، والحفاظ عليه وتنمية الموارد المُتوافرة لدينا، وضمان توفر الأمن الغذائي للسكان.
وأشار فهيم إلى أن التحديات التي تواجه مصر تنبع من قلة الأمطار والتوزيع غير المتكافئ للسكان، ونقص مساحة الأراضي العالية الخصوبة نتيجة للزحف العمراني على الأراضي الزراعية بالوادي والدلتا، إضافة لتراجع خصوبة بعض الأراضي بسبب عوامل عديدة.
وقال رئيس مركز تغير المناخ، إن نحر الشواطئ هدد بعض المساحات الزراعية وذلك بجانب الزيادة المضطردة في عدد السكان ومحدودية الموارد المائية، مما يضع أعباء إضافية على كاهل قطاع الزراعة لتوفير الأمن الغذائي لعدد أكثر من المواطنين باستخدام موارد مائية أقل.
ولفت إلى أنه في السابق تمت تلبية الطلب المُتزايد على المواد الغذائية عن طريق التوسع في الأراضي الزراعية، ولكن اليوم لمحدودية فرص لزيادة المساحة الكلية المزروعة، وذلك في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء من انخفاض المساحات الزراعية الجاذبة للاستثمار والتكلفة الاقتصادية العالية لإقامة مشروعات للري والصرف على نطاق واسع.
وتابع فهيم، أن أي زيادة في الإنتاج الزراعي تعتمد على تقدير دقيق للاحتياجات المائية للمحاصيل، وذلك من جهة، وعلى إدخال تحسينات كبيرة في تشغيل وإدارة وأداء نظم الري القائمة.