الكتاب هو ركيزة حضارية مهمة تسهم فى بلورة شخصيتك، وهو عنوان لشتى أنواع المعارف والعلوم، عليه تتوقف سعادة الفرد، ورقى المجتمعات، وهو عنوان لإبداع المبدعين وتنافسهم فى شتى العلوم والمعارف، والكتاب رحلة فى العوالم المختلفة، ووسيلة من وسائل العلم والمعرفة والثقافة بل هو بحر واسع من المعارف والعلوم التى يحتاجها الإنسان لتكوين خبراته ومداركه حول المجالات المختلفة فى الحياة، قراءتك للكتاب ستنتقل من عالم إلى آخر، ومن مجال لآخر من الأدب للدين، لعلم الاجتماع، ومن الطب للهندسة، والعديد من المجالات المختلفة التى ستحصل منها على العلم دون أدنى مجهود منك وأنت تقرأ، إن الاهتمام بالكتاب أصبح من مقومات الهوية الوطنية للأمم والشعوب، فالحياة فى كافة مظاهرها تصبح فى عزلة وظلام دامس متى منع عنها الكتاب، إن التوعية بقيمة الكتاب وطرق التعامل معه من أهم سبل الرقي بالكتاب كقيمة حضارية وتربوية، فسوف يظل الكتاب له المذاق الخاص والمتعة الحقيقية لتلقى المعلومة، لهذا تحرص العديد من الدول على إقامة معارض للكتاب، ولذلك تحرص الدول على تثقيف شعوبها حيث تعتبر معارض الكتاب بمثابة الهوية الحضارية والثقافية لكل شعب من الشعوب.
كانت البداية الأولى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب عام ١٩٦٩ فى احتفالية بالعيد الألفي لمدينة القاهرة، وهدفت إقامة معارض للكتاب فى مصر إلى التعريف بالكتاب والإعلان عنه وفتح أسواق جديدة أمام الناشرين المصريين، وأيضًا بيع الكتب والمصنفات الفنية والأدبية للجمهور، يستهدف المعرض حاليًا تحقيق فرص للتبادل الحر للكتاب فى الشرق الأوسط والتعرف على أحدث ما وصل إليه الفكر والكلمة المطبوعة، وعقد الاتفاقيات للنشر والتوزيع وتسويق الكتب مما يساعد على نشر الثقافة والفكر، يعد معرض القاهرة الدولى للكتاب مكانا للالتقاء بين كل الاتجاهات الفكرية الجادة، وهومن أهم المعارض فى العالم، والأكبر فى العالم العربى وأقدمها كذلك، وفى عام ٢٠٠٦ أعتبر ثانى أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولى للكتاب، ويشارك فى المعرض كل عام آلاف الناشرين الذين ينتمون إلى عشرات الدول العربية والأجنبية إضافة إلى مشاركة المنظمات العربية والدولية إلى جانب العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى فى مصر مثل الهيئة العامة للاستعلامات، ووزارة الاتصالات وغيرهما.
يعد معرض القاهرة الدولى للكتاب مهرجانًا ثقافيًا متميزًا وذلك من خلال الأنشطة الثقافية، والفنون المتعددة المصاحبة للمعرض وهو يمثل نافذة يطل منها الجمهور على مختلف فنون وعلوم وآداب العالم، وذلك من خلال الكتب، وشرائط الفيديو، والكاسيت، وتسجيلات الموسيقى العالمية، والحاسبات الآلية، والوسائل التعليمية، ولوحات كبار الفنانين العالميين، والندوات، واللقاءات الفكرية والأمسيات الشعرية، وقراءات المقهى الثقافي، وعروض مخيم الإبداع التى يشترك فيها كبار المفكرين والأدباء والفنانين من مصر والبلاد العربية الشقيقة، الذين يلتقون برواد المعرض ويكسرون الحواجز بينهم وبين الجماهير.
أقيم معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ ٥٣ تحت رعاية الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، وأقيم تحت شعار (هوية مصر... الثقافة وسؤال المستقبل)، حيث كان أحد أكبر التجمعات الفعلية للناشرين على مستوى العالم حيث شارك فيها ١٠٦٣ ناشرًا مصريًا وعربيًا وأجنبيًا وتوكيلًا من ٥١ دولة، وتحل عليها دولة اليونان ضيف شرف، وشهدت إطلاق مشروع الكتاب الرقمى فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذى بدأ بـ(موسوعة مصر القديمة) لعالم الآثار الشهير الراحل الدكتور/ سليم حسن، إلى جانب مجموعة من كتب الأطفال وسلسلتى (ما) و( رؤية) ولأول مرة فى تاريخ المعرض تم استخدام أحدث أساليب التطور التكنولوجى والذكاء الاصطناعى، حيث ظهرت شخصية الأديب (يحيى حقى) شخصية الدورة بتقنية الهولوجرام فى عرض تفاعلى مع الجمهور، وذلك من خلال شاشة تعمل باللمس، كما حققت مبادرة (ثقافتك كتابك) نجاحًا مميزًا للدورة الثانية على التوالى وتصدرت قائمة الأعلى رواجًا حيث بلغت مبيعاتها ما يقرب من ١٤٣ ألف نسخة شملت الكثير من العناوين كان منها: تحديات القرن الحادى والعشرين، الداء العربى، من هدى القرآن، تراثنا والمعاصرة، تجديد الخطاب الفكرى، الشباب والبحث عن الذات، ملحمة أكتوبر، بالإضافة إلى عناوين سلسلة الذخائر والهوية والفلسفة وآفاق عالمية وغيرها، كما سجلت المنصة الرقمية أكثر من ١٢٨ مليون زيارة وبلغ عدد الزائرين المسجلين بها قرابة مليون زائر، وبلغ عدد الجولات الافتراضية للمعرض أكثر من ١٠٢ ألف جولة، وبلغ عدد مشاهدات الكتب على المنصة للهيئات ودور النشر المشاركة فى المعرض ٢.٥ مليون مشاهدة، وقد بلغ عدد الأنشطة الثقافية المصاحبة ٣١٧ فعالية وشهدت زخمًا فكريًا كبيرًا، وتنوعت بين مؤتمرات، ولقاءات، وندوات استضافت قامات ورموزا إبداعية فى كافة مناحى الثقافة، والفنون سواء على المستوى الأكاديمى أوالمهنى، كما شهد الجناح المخصص لأنشطة الطفل إقبالًا كبيرا وتضمنت أكثر من ٨٢ فعالية متنوعة فى مجال الطفل، وتم استخدام العديد من الوسائل العلمية، والثقافية المتعلقة بتطوير، وتنمية مهارات الطفل.
زيارة معرض الكتاب دومًا بديعة، فرائحة الكتب وكلمات المبدعين، وجموع المثقفين ما هى إلا بذور لثمار تطرح غدًا، إذ أن الحضور اليوم هم قادة المستقبل، وهم الفكر الواعى للأوطان، فالجميع يستفاد من الكتب ويحصل منها على المعلومات المتنوعة، كما أن كل شخص يمكنه أن يعيش أكثر من حياة فتجربة كل كاتب مهداة إلى قرائه، لكى يكملوا ما لم يستطع عليه هو.