السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من منَّا لا يريد وفرة المال، من منا لا يرغب فى العيش الرغيد. هناك أساليب كثيرة مباشرة وغير مباشرة لجلب المال والنفوذ والسلطة. يكون البعض منها قانونى والآخر خارج نطاق القانون أو ما نطلق عليه نحن فى عالمنا الإسلامى حلالًا وحرامًا. 

فى كل عصر يخرج علينا بعض الذين يتفننون فى التحايل على القانون والدين لصبغ الحرام الذى يحصلون عليه من المال او النفوذ أو السلطة بصبغة الحلال. 

ينجح هؤلاء فى كثير من الأحيان فى فرض وجهات نظرهم على المحيط المجتمعى وربما يتمدد هذا النفوذ لينبسط حتى يشمل المحيط الدولى. فيُلبِسون الحرام ثوب الحلال، وترى المنافقين تهتف لهم، بعضهم يفعل هذا خيانة لضميره وبعضهم ارتضى أن يكون إمَّعة.
نحن فى زمن تطور بسرعة مذهلة فى إهدار كل ما من شأنه يُعلى قيمة الذات الإنسانية، فالحياة المادية التى نعيشها تسير على وتيرة متسارعة فى كسب الأرض وسحب البساط من كل ما هو ذو قيمة على هذا الكوكب. وتتوالى الخسائر فترى كل جيل يندب حظ الجيل الذى يليه ويتأسف على قِيَّمه التى يراها تذوب وتتفكك واحدةً تلو الأُخرى بينما هو كالمتفرج لا يبدى حراكا. 

يرى ذلك فى الشارع فى العمل حتى فى منزله، بل يرى ذلك فى نفسه التى هى بطريقة أو أخرى تتماهى فى خضم هذا البحر من المادة المتسلطة والتى تأتى على الأخضر واليابس من بقية ما تبقى لهذا الكوكب من إنسانية.
تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، هذا مثل قديم أصبح باليًا بل أستطيع بكل وضوح أن أقول إنه أصبح معكوسا. فالحرة والحر أصبح يقدمان فقرة الرقص العارى فى ملهى الحياة بكل ترخص وابتذال، وفى كل مناحى الحياة وتحت أسماء مختلفة. فشعار المرحلة «أى شيء يهون من أجل الطعام الفاره والحياه المدللة». قديما كانت هذه الأمور تتم على استحياء وفى إطار محدد. لكن الآن أصبح الأمر اكثر فجاجة.
من كان يتصور أنه يأتى الزمان فيصبح بمقدور أى إنسان تافه لو فقط قام بتصوير نفسه عاريًا فى أحد الشوارع وبث هذا الفديو عبر قناته فى اليوتيوب، سوف يحصل على ملايين المشاهدين والمتابعين. وسوف يترتب على هذا أنه سوف يحصد أموالًا تفوق الأموال التى قد يجنيها أستاذ جامعى مرموق، أو ربما طبيب يكد ليل نهار فى عيادته الخاصة. نعم وصلنا إلى هذه الدرجة ولا يفرق إن كان المتعرى رجلا أم سيده الأصل فى الأمر الابتذال والعرى، والترخص.
هناك البعض من هؤلاء التافهين لا يَعمِدون إلى التعرى المباشر لكنهم يحتالون ليصلوا إلى نفس النتيجة. فترى أحدهم ينشر على قناته باليوتيوب الخاصة به محتوى تافه لايهمه فى هذا أى شيء المهم أن يكون هذا المحتوى فيه من الابتذال الرخيص الذى يُسَّيلُ له لعاب المتابعين الذين يلهثون وراء هذا المحتوى التافه. هو يعلم تماما كل ذلك لكن لا يتحرك ضميره البته المهم أن ذلك سوف يعود عليه بالدولار.
كثير من توافه الناس تنبهوا إلى هذا الأمر واليوتيوب مليء بالأشياء التى لاتعد ولا تحصى، بشر يبيعون كرامتهم، وأعراضهم من أجل المال.
لا يتوانى هؤلاء المرتزقة من بيع أى شيء، المقصد الدولار، وفى مقابل الدولار كل شيء يباع. كل شيء حتى الوطن نعم هناك مرتزقة وصلت بهم الحقارة أنهم يبيعون الأوطان على صفحات اليوتيوب من أجل المال. أصبحت حرفتهم الإساءة إلى أوطانهم. كنت أعتقد فى باديء الأمر أنهم يفعلون ذلك من باب المعارضة السياسية، أو ربما من باب المكايدات السياسية. لكن مع الأسف كل شيء يثبت أنهم باعوا عِرض بلادهم ومن قبلها أعراضهم من أجل أن تتنعم أفواههم. فليتها أكلت الحرة بثدييها من أجل لا تجوع، لكنها أكلت بثدييها من أجل أن تترفه وتنعم. وتخون أماناتها وأوطانها.