الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العالقون المنسيون!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك ملايين الرَّيَّانين والرَّيانات  في العالم، ولا بد أن حولنا بعضًا منهم، يمدون إلينا أياديهم متوسلين يرجون إنقاذهم، من الجوع والعطش والخوف، علمًا بأن إنقاذهم، لا يحتاج ثَبْرَ أغوار، ولا حفر أنفاق، فإذ لم نجدهم حولنا، فعلينا أن نبحث عنهم، فعناء البحث، لا يساوي شيئا أمام شق الأنفاق.وأعلب الظن أن الناس نست أو تناست مأساة الطفل ريان مثلما ننسي المتوفي بعد دفنه ونمضي لحال سبيلنا وعادة ما توقف الأمم المتحدة عمليات البحث والإنقاذ بعد خمسة إلى سبعة أيام من وقوع الكارثة، وذلك حال عدم العثور على أحياء لمدة يوم أو اثنين. وفى خضم التعاطف الإنسانى مع قصة الطفل المغربى وما شابها من الإعلان عن  معجزة بقائه حيا لمدة خمسة أيام رغم ظروف الحادث المروعة ورغم عدم الأكل أو الشرب  واستحالة التنفس ووحشة المكان  واحتمال قوى لوجود الحشرات والزواحف القاتلة - وهو أمر  يشوبه كثير من الغموض والتساؤل - نسى الناس الحديث عن المسئول عن حفر هذا البئر والعلة من حفره بهذا الضيق وهذا العمق والكيفية التى تم بها الحفر…والغريب أنه ليس به ماء…ونسى الناس المسئولية عن تركه مفتوحا بغير ردم وبغير غطاء محكم…والأهم من كل ذلك حديث الأب لقناة العربية وفلذة كبده داخل البئر وهو فرحان إن السياحة ستزدهر بالمنطقة!!!!؟؟؟؟ تساؤلات مهمة جدا ترهق العقل بقدر الوجع الذى أصاب قلوب الناس من الويلات التى تعرض لها هذا الجسد الضعيف  وما استشعروه من حسرة والديه عليه ولأن الإنسانية لا تتجزأ.
فإن الفرصة متاحة للتطهر من عجزنا وقلة حيلتنا ونفض الاكتفاء بالفرجة علي مآسي المنطقة واظهار بعض التعاطف وهو أضعف الإيمان وهناك الملايين من لم يرثوا اسما ولقبا ولا حسبا ونسبا، بل ورثوا وصمة اجتماعية تلاحقهم مدى الحياة، وألقت بهم الأقدار ليلا على باب مسجد أو مستشفى أو صندوق قمامة ليصارعوا الظلام والبرد، وإما أن يتلقفهم «فاعلو الخير» أو تنهش أجسادهم الكلاب الضالة، هؤلاء هم الأطفال مجهولو النسب الذين يصفهم مجتمعنا الشرقي – الذي يهتم بالحسب والنسب - بـ«اللقطاء» ونتاج علاقة غير مشروعة في «لحظة شيطان».وفي قلب المخيم الواقع بجبل الشيخ يوسف بريف إدلب في الشمال السوري، تصارع أجساد الأطفال البرد الشديد وسط ندرة الغذاء والدواء، ويبلغ عدد سكان المخيمات السورية أكثر من مليوني نازح يعيشون داخل أكثر من 1400 مخيم عشوائي يواجه خطر البرد الشديد وافتقاد الغذاء والكساء، ومع إنكار إسرائيل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى قراهم، تحول المأوى المؤقت في المخيمات بالتدريج من خيام إلى غيتوهات إسمنتية أشبه بسجون مفتوحة مخنوقة.في لبنان وخاصة في حفرة الجحيم التي تُسمى مخيم برج البراجنة بالقرب من مطار بيروت. يكتظ نحو 27.000 في متاهة تقل مساحتها عن كيلومتر مربع من المساكن الوضيعة المشوهة بثقوب الرصاص التي خلفتها الحروب الإسرائيلية. وتعمل الأزقة الضيقة التي لا تصلها الشمس، والمليئة بأسلاك الكهرباء العارية بشكل خطير على تعزيز نقص الفيتامين "د"، فيما تحول الأمطار الكثيفة الأزقة إلى قنوات للصرف الصحي والمياه العادمة.ومع تدفق نحو 10.000 من اللاجئين الهاربين من الحرب والمجاعة في سورية ليقيموا مع أقاربهم، أصبح المخيم يرزح أكثر تحت ضغط موارده الشحيحة التي لا يرثى لها أصلًا: الماء غير الصالح للشرب، انقطاعات الكهرباء، وشبه الغياب الكامل للمرافق الصحية، والإنخفاضات في تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونوروا) ممارسة رهافة المشاعر لا تحتاج الماكينة الإعلامية الضخمة المصطنعة.. يمكنك أن تمارسها كل ثانية.. المآسي حولينا كثيرة.