انعقدت الجلسة العلمية الثانية لليوم الأول لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثاني والثلاثين بعنوان : "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي" برئاسة الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية ، وتحدث فيها اللواء أ.ح أيمن عز الدين حشيش، ممثل القوات المسلحة المصرية بالمؤتمر ، و الدكتور مقدم محمد عادل، ممثل وزارة الداخلية المصرية بالمؤتمر، والدكتور وجدي زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد ، و الدكتور لقمان عبد الله، مفتي ماليزيا ، والدكتور عوض إسماعيل، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر.
وفي بداية الجلسة أكد الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن عقد المواطنة يعتبر حقيقة واقعة وأمرًا ملزمًا لتقنين العلاقة بين الإنسان ووطنه، وأن الوفاء بحقوق المواطنة وأداء التزاماتها ليس عملًا ثانويًّا خاليًا من الضبط والتحديد والمساءلة، ولكنه عملٌ شرعيٌّ منظمٌ تحكمه مبادئ التشريع الإسلامي، وتحيط بمسائله أحكامه، ويستند إلى الأصول العامة للعلاقات الإنسانية، وهذه الحقوق والواجبات تمثِّل العقد الذي يقوم على التراضي والتوافق بين طرفي العلاقة في الارتباط الوطني أو عقد المواطنة.
وأشار إلى أن التنظيم الدستوري والتشريعي المعاصر يعتبر تطبيقًا معاصرًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، حيث ينطلق منها في التوجه، ويلتقي معها في الغاية، وهي: حفظ البلاد والعباد، ليس في مصر وحدها، بل في كل دول العالم الإسلامي، وعلى المستوى الدولي.
ومن جانبه أعرب اللواء أ.ح أيمن عز الدين حشيش، ممثل القوات المسلحة بالمؤتمر، عن شكره على الدعوة ، مؤكدًا، على وجوب استخدام جميع المؤسسات الوطنية للوسائل اللازمة لغرس قيم الولاء والانتماء للدولة الوطنية ، وأن المواطنة عبارة عن علاقة متبادلة بين الأفراد والدولة التي ينتمون إليها، وتكفل الدولة تلك العلاقة لممارسة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك وضع الالتزامات لضمان المصلحة الخاصة والعامة على حد سواء ، وعند غرس قيم المواطنة في الأفراد ينمي الحس الوطني والانتماء والشعور بالمسئولية تجاه المجتمع.
كما لفت، إلى أن الالتزام الوطني الأخلاقي هو الفاعل في منظومة الحقوق والواجبات، وأن المجتمع العسكري يتسم بتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والالتزام بمبادئ الأخلاق والانضباط، والعمل بروح الجماعة، ويُربي أفراده على التضحية من أجل الوطن ، وأن هذا يُنتج فردًا من الطراز الأول.
وفي كلمته أعرب الدكتور مقدم محمد عادل، ممثل وزارة الداخلية بالمؤتمر، عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر الذي ينعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، شاكرًا وزارة الأوقاف على بذلها كل الجهود لتحقيق مصلحة المصريين تلك الجهود التي يشهد لها القاصي والداني ، مؤكدًا أن وزارة الداخلية تقوم بدعم وترسيخ حقوق المواطنة ، باعتبارها أساس حقوق الإنسان.
وتطرق إلى أن المبادرات الرئاسية كانت بمثابة البوابة التي عبرت مصر من خلالها الأزمات التي أصابت العالم مؤخرًا بفعل جائحة كورونا ، والتي أسهمت في توفير حياة كريمة للمواطن المصري ، مؤكدًا أننا نسير على الطريق الصحيح لتحقيق الآمال والطموحات التي تصبو إليها أمتنا المصرية.
وفي كلمته أكد الدكتور وجدي زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد أن أهمية المواطنة التي أسّس لها ورسَّخ لمفهومها الإسلام قولًا وفعلًا تتبلور باعتبارها ضرورة وحاجة لبناء الدولة الحديثة؛ نظرًا لارتباطها بالحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للمواطنين .
وأوضح أن الإسلام كرَّس في منظومته الفكرية والثقافية والعقدية مفهوم تعلق الإنسان بوطنه وأرضه، وكان سبّاقًا في التأكيد على قيمة الوطن وإعلاء المواطنة، واحتسب من قُتِل دون أرضه ووطنه شهيدًا، فالإسلام دين الفطرة جاء ليتمّم مكارم الأخلاق، ومن ذلك حبّ الأوطان والدفاع عنها ، فمن قُتِل في سبيل الدفاع عن وطنه كان شهيدًا في سبيل الله .
وفي من جانبه قدم الدكتور لقمان عبد الله، مفتي ماليزيا ، خالص الشكر والتقدير لهذه الدعوة من الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، لحضور هذا المؤتمر، مقدمًا، الترحيب للحضور، مبينًا، أن عقد المواطنة تم ترجمته في ماليزيا في المعاملات بين أبناء الشعب الماليزي ، فالوطن هو بيت للجميع يخضع فيه أبناء الوطن الواحد لقانون الدولة ، وديننا يعلمنا أن كل شخص له حرية الاعتقاد ، لذلك الشعب الماليزي يعيش فيه المسلمون مع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى في سلام ، الجميع يخضعون لقانون البلاد.
وفي نفس السياق، أوضح، الدكتور عوض اسماعيل، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر أن وزارة الأوقاف ممثلة في الدكتور محمد مختار جمعة، الوزير الهمام الدءوب تستمر في اتحافنا بهذه العناوين الرائعة الرائقة لتكون مادة بحثية لعلماء الأمة ومفكريها ومثقفيها على مستوى العالم كله فكان هذا المؤتمر بعنوان : "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي" ، وتحت رعاية كريمة من قيادة سياسية راشدة ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والذي يدعم ويرعى مثل هذه المؤتمرات الداعية إلى تحقيق آمال الشعوب والأوطان لتحقيق الأمان والتقدم والرخاء.
وبين أنه يجب المساواة وتكافؤ الفرص فيما بين المواطنين جميعًا، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات تجاه الوطن، ولا يكون الاختلاف إلا فيما تتطلبه الأمور المتعلقة بأحكام الشرائع والمعتقدات، فلكل حقه في إقامة معتقده وشريعته، وأبواب المساواة واسعة جدًّا ومتنوعة، كالمساواة في أمور البيع والشراء والمعاملات المالية والتجارية والشراكات بكل أنواعها، وكذلك في الوظائف والأعمال بشروطها وضوابطها التي تنظمها الدولة ويقرها القانون والدستور، وكذلك المساواة في التعليم، والصحة، وكل ما تقدمه الدولة من خدمات.