الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

وكيل الأزهر: المواطنة مصطلح أصيل في الإسلام.. وغيابها يؤدي للصراع على هويات فرعية زائفة

الضويني
الضويني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رحب الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بضيوف مؤتمر "عقد المواطنة وأثرها في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي»، في مصر أرض السلام، برعاية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار دعوته الدائمة للحوار الهادف الذي تتضافر فيه جهود الجميع لإعلاء قيم التعايش والتسامح، ومد جسور التفاهم والإخاء، والتصدي لخطاب الكراهية، ونشر قيم العدل والمساواة من أجل تحقيق السلام والاستقرار، ناقلا لهم تحيات فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، متمنيا أن يخرج هذا اللقاء الطيب بتوصيات جادة تحمي الفكر، وتصون الهوية من محاولات الاختطاف أو التشويه من قبل أفكار مغلوطة أو مشروعات منحرفة.

وأكد وكيل الأزهر الشريف، أنه قد وفقت وزارة الأوقاف المصرية متمثلة في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في اختيار عنوان المؤتمر الذي يأتي لبنة نافعة في بناء متين أرسى قواعده أزهرنا الشريف حين أخرج إعلانه التاريخي «للمواطنة والعيش المشترك»، وأنه لا يخفى على الحضور وجه الحاجة الملحة لهذا الإعلان الأزهري الذي يواجه التحديات التي يتعرض لها الدين والوطن، وأن الأزهر الشريف بحسه الديني، وواجبه الإنساني، ودوره العالمي حين أدرك حاجة البشرية إلى أنوار النبوة التي تبدد ظلمات العنف والتطرف، استنبت من آثار الوحي نبتا معاصرا، استطاع أن يكشف عن حقيقة دينية، وضرورة مجتمعية، وفريضة إنسانية، وصاغها في «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك». 

وأوضح "الضويني"، أن الأزهر الشرف أكد خلال هذا الإعلان أن «المواطنة» مصطلح أصيل في الإسلام، يتجاوز التنظير الفلسفي إلى سلوك عملي، وأن «المواطنة الحقيقية» لا إقصاء معها، ولا تفريق فيها، وأن «المواطنة الصادقة» تستلزم بالضرورة إدانة كل التصرفات والممارسات التي تفرق بين الناس بسبب من الأسباب، ويترتب عليها ازدراء أو تهميش أو حرمان من الحقوق، فضلا عن الملاحقة والتضييق والتهجير والقتل، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام.

ولفت وكيل الأزهر، إلى أنه قد استطاع الأزهر الشريف من خلال التواصل الفعال والتعاون المثمر مع المؤسسات الدينية الرسمية داخل مصر وخارجها، وتبادل الرؤى والأفكار مع مختلف الحضارات والثقافات، استطاع أن يقدم نماذج متميزة في التعايش والتلاقي، وأن يحقق نجاحات كبيرة من خلال حوارات دينية حضارية حقيقية، تلتزم الضوابط العلمية، وتحفظ ثوابت الدين، وتترك نتائج ملموسة في سبيل تحقيق الأمن والسلام للبشرية كافة، مشيرا إلي أننا في غنى عن سرد جهود الأزهر من لقاءات وندوات ومؤتمرات ومطبوعات وغير ذلك من مجهودات تتعلق بإقرار المواطنة والتسامح، وأن الأزهر الشريف لينظر بعين الوالد المحب إلى أبنائه البررة، الذين حملوا أنواره، وانتشروا في مؤسسات الوطن الدينية وغيرها، ويثمن أطروحاتهم، ومنها هذا المؤتمر الواعي، وأن الإسلام الحنيف عرف المواطنة الصحيحة منذ أربعة عشر قرنا، وذلك حين وضع وثيقة دينية سياسية دستورية تدعو إلى التعايش السلمي بين جميع الأعراق والطوائف في مجتمع المدينة المنورة الذي كان زاخرا بأطياف متنوعة.

وتابع: المتأمل لـ«وثيقة المدينة» يرى عشرات البنود التي تدور كلها حول المواطنة الفاعلة، والتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، فهذه المواطنة من القضايا القديمة المتجددة، التي تفرض نفسها وبقوة، خاصة حين تتبنى الأوطان مشاريع تنموية كبيرة تقتضي من أبنائها الولاء والانتماء، وأوقن أن حاجتنا إلى المواطنة الرشيدة تشتد في ظل العولمة الخانقة التي تتجاوز الحدود، وتخترق الأسوار، وتعتدي على الخصوصيات، وتطمس الهويات، وأوقن أيضا أنه بقدر وجود المواطنة وتجلياتها تكون الحقوق والحريات للجميع، ويتحقق السلم المجتمعي، وبقدر غيابها تكون هشاشة المجتمع، وتفكك بنيانه، ويكون الصراع فيه على هويات فرعية أو هويات زائفة، فضلا عن العودة إلى الحديث عن «أقليات» وهذا ما دعا الأزهر إلى تركه في ظل المواطنة العادلة.

وقال وكيل الأزهر، إنا لنهدف بهذا المؤتمر وبغيره من جهود إلى العمل على صعيدين: داخلي، يعنى بتحقيق المواطنة بكل معانيها وتجلياتها في مجالات الحياة: دينيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وقانونيا. وخارجي، يعنى بتحقيق مواطنة عالمية من خلال جيل متمكن علميا وفكريا، يسهم بفاعلية في قضايا العالم الأخلاقية والقيمية، والتربوية والتثقيفية، والأمنية والسياسية، والصحية والاجتماعية، وإن ما تحمله المواطنة من مضامين ينبع من القيم الإسلامية التي جاء بها وحي السماء، الذي لم يفرق بين إنسان وآخر، والذي جعل التكريم لبني آدم كافة دون تمييز، وإن الأزهر الشريف متيقظ لتلك الأخطار التي تهدد أمن الأمة فكريا وثقافيا، خاصة تلك التي تستهدف الشباب، وتراهن على ولائهم وانتمائهم لأوطانهم.

ونقل "الضويني" عدة رسائل أزهرية تتعلق بالمواطنة، الأولى: إن عقد المواطنة قديم قدم المجتمعات الإنسانية، غير أنها كانت مواطنة متذبذبة بحسب ما تسمح به الأنظمة السائدة، فلم تتحقق مواطنة كاملة إلا في عصر الحقوق والحريات، والثانية: إن عقد المواطنة يضمن الممارسات التي لا تحتوي أي قدر من التفريق أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع، ويتبنى سياسات تقوم على قبول التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية التي تعد مظهرا من مظاهر ثراء المجتمع، والثالثة: إن الفكر الإسلامي يضمن بثرائه وتجاربه أن نبني حضارات قائمة على مواطنة حقيقية بغض النظر عن العقيدة أو اللون أو العرق، والرابعة: إن الطريقة المثلى لتحقيق مواطنة حقيقية هو إتاحة ممارسة الحقوق والحريات للجميع في مناخ ديمقراطي آمن دون تمييز، والخامسة: إن تنمية ثقافة المواطنة لدى النشء ضرورة، تقع على عاتق المؤسسات التربوية والتثقيفية المسئولة، التي يجب أن تعنى بتأمين موقع متقدم للوطن بسواعد أبنائه، والسادسة: إن تخوف البعض من تأثير المواطنة العالمية على الخصوصيات، والهويات وارد، لكنه لا يعني أن نتجاهل القضايا العالمية التي نكون طرفا فيها بحكم وجودنا على ظهر هذا الكوكب.

واختتم  الدكتور محمد الضويني: إن الأزهر الشريف يتطلع إلى إقامة المزيد من صلات التعاون بين سائر المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في العالم؛ للعمل معا على تأسيس مواطنة عالمية لا تطمس الهويات، ولا تلغي الخصوصيات، ولا تهدد المجتمعات.