طالبت الإعلامية التونسية ليلى الجلاصي مؤسسة الرئاسة في تونس بضرورة إجراء مشاورات مكثفة ومتعددة مع مختلف الفاعلين في قطاع العدالة، لإيجاد صيغة لتعويض حل المجلس الأعلى للقضاء، ومن أجل استبعاد تهمة الديكتاتور الذي يريد الاستيلاء على كل السلطات في البلاد.
وأكدت «الجلاصي» في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، أن حل «مجلس القضاء» وجد ترحيبًا لدى جانب من المجتمع بقدر ما جوبه كذلك بالصد داخليا ودوليا، وهو ما يوحي بصعوبة المرحلة القادمة أمام قيس سعيد، خاصة وأن تونس مقبلة على مفاوضات عسيرة مع بنك النقد الدولي في الأيام القليلة القادمة. وشرحت الإعلامية التونسية الوضع السياسي المتصاعد والمصاحب لزيادة السيطرة الإخوانية بداية من العام 2011 ووصولا حتى المرحلة الحالية التي تتخلص فيه تونس من هذه السيطرة التي لفظها الشعب بوضوح منذ قرارات الـ25من جويلية.
وقالت «الجلاصي» إن تونس شهدت اهتزازا اجتماعيا وسياسيا بعد مغادرة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في14 يناير 2011، انتهى بوصول حركة النهضة الإخوانية للسلطة بعد انتخابات لمجلس تأسيسي لمدة سنة بهدف كتابة دستور جديد للبلاد، إلا أن النهضة وحلفاءها في المجلس التأسيسي أطالوا المدة، وبدأوا يناورون لتغيير النمط المجتمعي التونسي، المتسم بالانفتاح والحداثة والوسطية والتوق نحو التحرر، وتشبثوا بالحكم على امتداد ثلاث سنوات كاملة، رغم امتعاض أغلبية الشعب التونسي من النهم الإخواني للسلطة، وهو ما آل إلى اعتصام، سُمي بـ«اعتصام الرحيل» قبالة مبنى البرلمان، من أجل تحديد موعد للانتخابات وإنهاء مرحلة التأسيس والمرور إلى مرحلة الاستقرار، خاصة بعدما وقعت الموافقة على دستور جديد للبلاد بأغلبية ساحقة.
وتابعت: «كان برنامج حركة النهضة واضحًا لأخونة المجتمع التونسي، فعمدت إلى التغلغل في مفاصل الدولة، خاصة بعد فوزها بالمرتبة الثانية في الانتخابات سنة 2014، بعد حزب نداء تونس، الذي صعد بسرعة جنونية، على اعتبار أنه جاء ليحد من سطوة الإخوان، إلا أنهما تحالفا مع بعض في نهاية المطاف، ثم عملت النهضة على تفكيك حزب النداء وتفتيته، مما جعلها من جديد أكبر كتلة في البرلمان».
واستكملت: «عمل الإخوان إذن على إحكام سيطرتهم على كل مؤسسات الدولة كالأمن والتعليم والإدارة والاتصالات والتكنولوجيا الرقمية وخاصة القضاء، وزرعوا الجمعيات الموالية لهم بالآلاف في كل ربوع البلاد، ودعوا مشايخ التكفير والفكر الرجعي، وسهلوا تدفق المال الأجنبي، وخاصة القطري منه لشراء الذمم وتمويل نشاطاتهم التخريبية من تسفير إلى بؤر التوتر والتورط في الأعمال الإرهابية التي استهدفت السياسيين على غرار لطفي نقض وشكري بلعيد ومحمد البراهمي، كما استهدفت الأمنيين والعسكريين والمواطنين العزل والسياح».
ولفتت إلى أن التونسيين اكتشفوا الوجه القبيح للإخوان فهاجموا مقراتهم يوم 25 جويلة، قبل أن يعلن الرئيس قيس سعيد عن تعليق نشاطات مجلس النواب، كما أردف هذا الإعلان بحل المجلس الأعلى للقضاء يوم 6 فبراير الجاري نظرا للاتهامات المتكررة لهذا القضاء بموالاته لحركة النهضة وتستره على جرائمها.
يشار إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد قرر أخيرًا حل المجلس الأعلى للقضاء، بناء على مطالبات سياسية ومجتمعية للتخلص من وقوع مؤسسات الدولة تحت سيطرة وتأثير جماعة الإخوان الإرهابية وذراعها السياسية المتمثلة في حركة النهضة، حيث اتهمت أصوات تونسية بعض الأسماء في المؤسسات القضائية بالانتماء للإخوان، والتمادي في إعلان الميول السياسية، والعمل على عرقلة القضايا المفتوحة، والتأخر في إصدار الأحكام الخاصة بقضايا الفساد والإرهاب.
وغلب على العشرية الماضية في تونس تعدد القضايا والجرائم مع الإفلات من العقاب، وهو ما أعطاها مبررا للظهور مرة أخرى على الساحة التونسية بعد التخلص من الإخوان في مؤسسات القضاء، وأبرز هذه القضايا: تخابر قيادات حركة النهضة وعلى رأسها راشد الغنوشي مع الخارج، وتسهيل سفر الشباب لبؤر التوتر، ومنح جوزات سفر ورخص قيادة سيارات أجرة للعائدين من سوريا، وظهور معطيات جديدة متعلقة بقضية اغتيال السياسي شكري بلعيد، والتي أعلنت عنها هيئة الدفاع عن السياسيين بلعيد والبراهمي، الأربعاء الماضي، ما أثار غضب «النهضة» وجعلها تسارع بإقامة مؤتمرا صحفيًا في نفس اليوم لإعلان رفضها ما جاء على لسان هيئة الدفاع من اتهامات ضد «النهضة».