رحلت الفرشاة قبل ان تمسح ما تبقي من دمع في العيون، سمية تلملم بقايا الالوان وايزيس تبحث عن حورس ولكن اوزوريس يسبقها الي قلب النهر، ومن خلف المودعين في ام العلوم السيدة نفيسة شاهدت دموع الزوجة سمية أم ايزيس دموعها تختلط بالالوان وتصب في النهر، من خلفي الميدان وامامي النعش، وكما عاش حسانين زاهدا كان الامام يصلي وروح السيدة نفيسة ابنة الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج ابن الإمام الحسن ابن الإمام علي بن أبي طالب، ام الزهد والعلم تحلق في سماء المسجد، كان المصلين يتمتمون بصلواتهم وروح السيدة نفيسة من العلا تقول:
"من أراد النجاة من الفقر فعليه بقراءة سورة الواقعة، ومن أراد الثبات على الإسلام فعليه بقراءة سورة تبارك، ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة الفاتحة ومن أراد الشُّرْب من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - فعليه بقراءة إنا أعطيناك الكوثر".
انهيت "ابانا الذي والفاتحة" علي روح الفنان الزاهد، ورايت المحمود درويش يقول لجسد يرحل:
فيا موت! "
انتظرني ريثما اُنهي تدابير الجنازة
في الربيع الهش حيث ولدت..
حيث سأمنع الخطباء من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صمود التين والزيتون في وجه الزمان وجيشه
سأقول: صُبُّـوني بحرف النّون
حيث تعبُّ روحي سورة الرحمن في القرآن
وامشوا صامتين معي
على خطوات أجدادي ووقع الناي في ازلي..!
ولا تضعوا على قبري البنفسج
فهو زهر المحبطين
يذكر الموتى بموت الحب قبل اوانه
وضعوا على التابوت سبعَ سنابلٍ خضراءَ إن وجدت
وبعض شقائقِ النعمان إن وجدت
وإلاّ فاتركوا ورد الكنائس للكنائس والعرائس..!"
توفي حسانين اليوم الثلاثاء الموافق 8 فبراير الجاري، في الستينيات من عمره، حيث أقيمت صلاة الجنازة عليه عقب صلاة المغرب بمسجد السيدة نفيسة.
كان حسانين اخر من رسموا في قلبي وتبكيهم اغلفة كتبي، عم جودة خليفة وغلاف اول كتبي " الاقباط بين الحرمان الكنسي والوطني "، وانت ترسم لي من علي ضفاف المرض غلاف كتابي الاخير "رحلة الي فلسطين".
لم تغب ابدا عن ذاكرتي، كان جسدك دائما يتكأ علي فرشاتك حتي لاينحني للمرض او للقهر، ما بين الازرق والاحمر كنت تهفو الي الثورة، كنت زهرة الصبار التي نبتت في الاهالي وتحولت اشواكك سخريتها الي زهور برية اعلي جبل المقطم،اتذكر اخر مكالمة بيننا حول العلاف الاخير، لازلت بروفات الغلاف تودعك، وحنين صوت كلمات الوانك تحبس ما تبقي من دموع، كنت استشعروهن المرض وهو يعانق الفرشاة، وتسيل الدموع مع الالوان، لكن الوداع قد اتي وانا الملم ضعفي ودموعي،و لم تغب عينايا عن النعش ورايت الفرشاة تبكي والالوان تهدئ من روعها،وتذكرت احمد رامي وهو يقول:
" ايها الفلك علي وشك الرحيل
لي في ركبك الساري خليل
رقرقت عيناى لما قال لي حان الوداع
وبكي قلبي مما ذاع في الكون وشاع "
لم اودعك وتركت قلبي لام العلوم ومدد يا سيدة نفيسة صلي لروحه عند جدك واشفعي له عندة (ص) لكي يعطي العزاء للزوجة سمية وللابناء.
وطبت حيا وميتا يارفيق