منذ الإعلان الرسمي عن انضمام مصر إلي مؤشر "جي .بي.مورجان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، وهناك حالة من التضارب بين الخبراء حول أهمية الحدث لاسيما وأن مصر تعد واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط وأفريقيا ضمن المؤشر، ويري بعض الخبراء أن الأمر سوف يكون له مردود إيجابي علي تحسن نظرة المؤسسات الأجنبية وصناديق الاستثمار الكبري لأدوات الدين المصرية، في حين يري البعض الآخر أن هذا الأمر سوف يؤدي إلي تضاعف حجم الدين نظرا لاتجاه الدولة لإصدار مزيد من السندات، والسؤال كيف تستفيد مصر، وهل من الممكن أن تجذب شرائح جديدة من المستثمرين الأجانب؟.
ويعد مؤشر "جي.بي.مورجان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة واحدا من ثلاثة مؤشرات عالمية خاصة بالسندات وهو الأبرز إذ يبلغ حجم الصناديق التي تستثمر في مؤشر "جي.بي. مورجان" إلي نحو ٨٠٠ مليار دولار.
كانت مصر قد أعلنت أنها تستعد لطرح ١٤ إصدارا لسندات بقيمة ٢٦ مليار دولار، ليكون نسبتها بمؤشر "جي.بي.مورجان" ١.٨٥٪، وذلك بعد أن انضمنت للمؤشر يوم ٣١ يناير ٢٠٢٢، وبعد مرور أكثر من ١٠ أعوام علي خروجها، في يونيو ٢٠١١، وبعد أن نجحت في تحقيق متطلبات البنك والتي تتضمن: إطالة عمر الدين الحكومي، وتعديل ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم منحني العائد علي كل إصدار، وهو ما يؤدي إلي خفض تكلفة الدين العام كجزء من حزمة الإجراءات التي تقوم بها الدولة للإصلاح الاقتصادي.
رئيس «العربية لأسواق المال»: شهادة دولية بنجاح سياسات الإصلاح.. ويساعد فى استكمال بناء الجمهورية الجديدة
وقال أحمد يونس رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، إن انضمام مصر ضمن مؤشر بنك "جي .بي. مورجان" للسندات يعد تتويجا لجهود الدولة علي مدار ٣ أعوام لكسب ثقة البنك الأمريكي، وتحقيق الاشتراطات الخاصة واللازمة للعودة من جديد بعد مرور أكثر من ١٠ أعوام علي خروج مصر.
وأشار يونس إلي أن هذا القرار جاء مدعوما بتأييد أكثر من ٩٠٪ من المستثمرين الأجانب، وهو بمثابة شهادة دولية بعد نجاح سياسات مصر للإصلاح والتي انعكست بالتبعية علي الاقتصاد المصري، بعد أن أثبت قدرته علي مواجهة المخاطر والتحديات والتي طالت كل دول العالم جراء جائحة كورونا، وخلالها استطاع الاقتصاد المصري تأكيد قوته ومرونته وقدرته علي مواجهة التداعيات السلبية.
وأوضح أن عودة مصر للانضمام لمؤشر "جي. بي. مورجان" لا يعني أن مصر سوف تلجأ إلي رفع حصيلة الديون السيادية عبر إصدار سندات حكومية، لأن الهدف الأساسي من العودة هو لفت أنظار المستثمر الأجنبي للاقتصاد المصري، ومن المؤكد أنه سوف يقوم بدراسة متأنية للسوق المصرية لتحديد نقاط القوي، وبالتالي من الممكن أن يتجه لضخ استثمارات مباشرة، لأن مصر بالفعل تمتلك سوقا واعدة قادرة علي احتضان الاستثمارات الأجنبية الوافدة لاستكمال ما بدأته الحكومة لبناء الجمهورية الجديدة.
من جهته قال محمد عبد الله، الخبير الاقتصادي، أن انضمام مصر للمؤشر سوف يلفت أنظار كبير المستثمرين والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم إلي مصر بصفتها واحدة من أبرز الأسواق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيراً إلي أن مؤشر "جي.بي. مورجان" يعد واحدا من ثلاثة مؤشرات خاصة بالسندات، وأكثرها تتبعا من قبل المستثمرين بصفته مقياسا مناسب لأداء الاقتصاديات الناشئة.
وتوقع أن يؤدي انضمام مصر إلي تزايد عمليات الشراء علي السندات الدولية وهو ما يساهم بخفض تكاليف الاقتراض، وبالتالي تنفيذ استراتيجية إدارة الدين في خفض التكلفة والتي تعمل علي تنفيذها الدولة متمثلة في وزارة المالية، علي المدي المتوسط بغرض خفض حجم وتكلفة وخدمة الدين، بالموازنة العامة للدولة وذلك عبر تنشيط سوق الأوراق المالية، رفع مستويات السيولة وتعزيز الطلب علي أدوات الدين الحكومية، لخفض تكلفتها مستقبلا.
ويري هاني توفيق الخبير الاقتصادي، أن إدراج مصر ضمن مؤشر"جي.بي.مورجان" للسندات يضع مصر علي خريطة مستثمر العالم في الديون السيادية، مشيرا إلي أن ذلك يأتي في الوقت الذي انخفضت فيه الوزن النسبي لمصر في مؤشر"مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة والذي يقيس أداء الشركات بالبورصة، مما يعني أن مصر سوف تجذب ديون وليس استثمارات.
وأوضح توفيق أن مصر يجب عليها العمل علي رفع وزنها بمؤشر الشركات لتحقيق عملية الجذب للاستثمارات المباشرة وغير المباشر، إذ إن الوزن النسبي فيه لا يتعدي ٦ من عشرة في الألف وهو من وجهة نظري يعد استبعادا لمصر من وجودها ضمن الأسواق الناشئة الأكثر جذبا للاستثمارات.