السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحل حسانين الجميل عاشق تراب الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم أفق بعد من صدمة رحيل أخى أحمد، فإذا بخبر جديد مؤلم وصادم.. رحل صديقي الجميل الفنان حسانين.. رحل العاشق لتراب مصر.. رحل الإنسان الطيب.. أقعده المرض لسنوات لكن الابتسامة لم تفارق شفتيه.

مَن لم يعرف حسانين، فقد فاته معرفة الكثير عن مصر وتاريخها وحواريها وناسها وشعبها الطيب الأصيل الذى كان حسانين واحدًا منهم، يعيش بينهم يفرح لفرحهم ويحزن لألمهم.. يعبر عن حياتهم برسومه الكاريكاتيرية الرائعة فى صحيفتي "الأهالى" و"البوابة"، اللتان نشرتا العديد من رسومه وفى غيرهما من الصحف.

برع حسانين فى رسم البورتريه مصحوبًا بشكل يعبر عن صاحب الرسمة، فنراه مثلًا، يرسم الشخصية حاملًا كتابًا، وآخر يحمل قلمه كسلاح يصد به الأفكار الرجعية والمتخلفة..  أما رسومه الكاريكاتيرية فقد كانت سهامًا نافذة ضد كل ما يلوث حياتنا من موبقات، سواء كانت جماعة الإخوان الإرهابية أو جماعات الفساد التى تنخر كالسوس فى جسد الأمة أو غير ذلك من الموبقات الاجتماعية.

كانت القضية الفلسطينية حاضرة فى ذهن وعقل حسانين وفى رسوماته بالتالى، وتمثل صرخة حق فى وجه الاحتلال وتعلن بعلو الصوت التضامن مع أطفال الحجارة ومع الشعب الفلسطينى الحر.

كنت أرى الشباب يجلسون حلقات من حوله يستمعون إليه وهو يتحدث عن تاريخ مصر ويوصيهم بأهمية قراءة تاريخ وطنهم وبطولات أجدادهم الفراعنة، فقد كان من المتيمين عشقًا بالحقبة الفرعونية،  لكنه لم يكن عشقًا فى الفراغ، لأنه من القلائل الذين يمكن وضعهم فى خانة "خبراء المصريات" لكنه لم يكن من أولئك الذين يجرون وراء الفضائيات.

حسانين منجم كبير لا يعرف كثيرون ما بداخله إلا النذر القليل، فهو واحد من الذين لا يتحدثون عن أنفسهم ولا يتفاخرون بما يعلمون، ولا يعرفون التعالى على البشر.. نعم، كانت حياته بسيطة للغاية لا يهتم فى غذائه بالمحمر والمشمر والذى منه، قدر اهتمامه بفنجان القهوة فى الصباح قبل أن يمسك بريشته ويبدأ فى إبداعاته الرائعة.. كان يومه عبارة عن كم من فناجين القهوة مع حصيلة تفوق الحصر من تدخين السجائر لتخلق من حوله سحابة لا تنتهى من الدخان، ولعل ذلك كان الخلاف الوحيد بينى وبين هذا الإنسان الجميل.

ورغم  بساطة العيش، كان حسانين "أشيك" من رأيت.. يهتم بهندامه وتراه دائمًا ببدلة كاملة وكرافتة فى منتهى الجمال فى تناسق تام بين كل ما يرتديه، حتى أن من لا يعرفه يتخيله "عريس جديد".

لا يعرف كثيرون أن بيوتًا كثيرة بها لوحات لحسانين من بينها اللوحات المدرسية، فقد كان يرسم لأطفالنا لوحات عديدة يقدمونها لمدارسهم للحصول على بعض درجات أعمال السنة.

لكن الأهم من ذلك كله، روحه الحلوة وابتسامته الجميلة وخفة دمه والنكتة الحاضرة على لسانه باستمرار، كواحد من المصريين الأصلاء. 

 آخر مرة رأيته فيها كانت أواخر ديسمبر مع صحبة من الأصدقاء، طلب منى أن يتصل به ابنى مازن فهو يعرفه منذ طفولته، لكننى للأسف انشغلت بمرض ابنى ولم أخبره بطلب حسانين، وأتمنى من الله أن يسامحنى على هذا التقصير فى حقه؛ إذ أعتقد أننى وغيرى كنا مقصرين فى حقك كثيرًا صديقنا الجميل.

أعزي نفسي وأعزي كل من يعرف الفنان حسانين الجميل وخالص العزاء لزوجته السيدة سمية وإلى ابنه أوزاريس وابنته إيزيس، وإلى إخوته.

سلام يا صاحبى حتى ألقاك.