يبدو أن التقارب الأخير بين كل من إيران وأذربيجان، هو تقارب مؤقت بالنظر إلى أن مصادر التوتر بين هاتين الدولتين لا تزال عميقة، ويمكن أن تكون هناك المزيد من المشاحنات قريبًا.
صحيح أن التوترات التى خيّمت على البلدين فى خريف عام ٢٠٢١، هدأت خلال الآونة الأخيرة، لكن لا تزال الخلافات التى كانت أساس التوتر بينهما دون حل، ويشير هذا إلى أن تقاربهما قد يكون قصير الأجل.
وأدى استعادة قوات أذربيجان جزءًا كبيرًا من إقليم «ناجورنو كاراباخ» والمناطق المجاورة له من أرمينيا، إلى منح أذربيجان السيطرة الكاملة على حدودها السابقة مع إيران، بفضل الدعم العسكرى التركى، كما أن وقف إطلاق النار الذى توسطت فيه موسكو منح الشرعية لباكو على مكاسبها الجديدة على حساب نفوذ طهران.
وأظهرت الحرب بين كل من أذربيجان وأرمينيا، عجز طهران وضعف نفوذها، فقد سقطت خلالها قذائف المدفعية على الأراضى الإيرانية، وتجاهل الطرفان دعوات طهران لوقف إطلاق النار، وعروضها للوساطة فى التوصل إلى حل بينهما.
وعلاوة على ذلك، وبينما كانت أذربيجان وتركيا تهزمان أرمينيا، الشريك الإقليمى الاستراتيجى لإيران، أعلنت طهران دعم «باكو» فى تحرير أراضيها وهى خطوة قصد بها استرضاء القومية الأذرية داخل إيران.
وتدعم طهران جماعات شيعية متطرفة داخل أذربيجان من أجل تجنيد مقاتلين من الآذريين، للحرب فى سوريا ضمن تشكيل عسكرى اسمه حسينيون يتكون من الآذريين الهاربين من حكومتهم، وألقت السلطات فى بلادهم القبض على عدد منهم لدى عودتهم وأغلقت مراكز تابعة لهم ولاحقتهم قضائيًّا وأمنيًّا.
وتستاء طهران من زيادة النفوذ الإقليمى لأنقرة بشكل ملموس فى أذربيجان وازدياد العلاقات السياسية والدفاعية المزدهرة بين الدولتين اللتين غالبًا ما توصفان بأنهما أمة واحدة، بسبب ثقافتهما وتاريخهما المشتركين.
وتمت ترجمة هذا التقارب فى زيادة التعاون العسكرى الكبير بين تركيا وأذربيجان والتقارب فى عدد من الملفات، ما أزعج طهران فأطلق الحرس الثورى الإيرانى مناورة عسكرية غير مسبوقة على حدوده مع أذربيجان، فى أول أكتوبر ٢٠٢١، اتبعتها تركيا بمناورات عسكرية لدعم اذربيجان، وهدأت الأمور بعد ذلك لكن الخلايا الإرهابية التى تدعمها طهران فى أذربيجان لا تزال من أبرز مهددات الأمن القومى والتى تعكر العلاقات بين باكو وطهران.