استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بقصر الاتحادية الرئيس إسماعيل عمر جيله، رئيس جمهورية جيبوتي، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة بين الرئيسين، أعقبتها مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس بزيارة أخيه الرئيس "جيله" إلى مصر، معرباً عن التقدير للعلاقات التاريخية الوثيقة والتعاون المشترك ووحدة الرؤى التي تربط بين البلدين الشقيقين، ومؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع جيبوتي في شتي المجالات لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين، بما يعكس مزيداً من التنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي والعمل التكاملي لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية؛ أكد الرئيس أهمية تطوير مشروعات التعاون الثنائي بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، مع تذليل كافة العقبات في هذا الصدد، لاسيما في قطاعات البنية التحتية والطاقة والصحة والطيران والتعليم والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن زيادة الاستثمارات البينية والارتقاء بمعدلات التبادل التجاري بين البلدين، بما فيها من خلال تعزيز جهود إنشاء المنطقة اللوجستية المصرية في جيبوتي إلى جانب تكثيف برامج الدعم الفني المقدمة إلى الجانب الجيبوتي، بالإضافة إلى تنويع وتعزيز أطر التعاون المشترك في المجالين العسكري والأمني بين البلدين، وكذا مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
من جانبه؛ أعرب الرئيس "جيله" عن تطلع بلاده المتبادل لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر على مختلف الأصعدة، خاصةً في الوقت الراهن الذي تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر تحديات متلاحقة، الأمر الذي يفرض تكثيف التعاون والتنسيق مع مصر وقيادتها على خلفية الثقل المحوري الذي تمثله مصر في المنطقة بأسرها على صعيد صون السلم والأمن، فضلاً عن حرص مصر المستمر على تلبية الاحتياجات التنموية لبلاده مشيداً في هذا الصدد بعمق العلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع بين البلدين، وبالمواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، والتي انعكست على الدعم المصري الكبير لجيبوتي خلال المرحلة الماضية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء تطرق إلى التباحث حول آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، خاصةً فيما يتعلق بملفات القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر وكذلك قضية سد النهضة، حيث تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك لمتابعة تلك التطورات، وذلك تدعيماً للأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي ختام المباحثات، شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين الشقيقين في مجالات التشاور السياسي، والطاقة والموارد المتجددة، وإنشاء المنطقة اللوجستية المصرية في جيبوتي.
وألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس جمهورية جيبوتي جاءت كالتالي:
إنه لمن دواعي سروري، أن أرحب بكم اليوم، في بلدكم الثاني مصر وهي الزيارة التي تأتى استمرارًا للتواصل والتنسيق المستمر بيننا، على مختلف الأصعدة الثنائية والإقليمية ومتابعة لنتائج مشاوراتنا الأخوية التي تمت خلال زيارتي، التي أعتز بها كثيرًا إلى جيبوتي، في شهر مايو من العام الماضي.
وهو التواصل الذي يؤكد على ما يجمع بلدينا، من علاقات استراتيجية ممتدة على كافة الأصعدة مدعومة بإرادة سياسية قوية ومتبادلة، للارتقاء بها وتعزيزها خاصةً وأن أوجه التعاون الثنائي خلال الفترة الأخيرة، قد شهدت خطوات نوعية مهمة، في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها.
لقد اتسمت محادثات اليوم، مع أخي فخامة الرئيس "جيلة"، بالصراحة والشفافية وعكست مدى تقارب وجهات النظر بيننا، حول الكثير من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية، محل الاهتمام المشترك حيث استعرضنا كافة أوجه التعاون القائمة بين البلدين، خاصةً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وكيفية تطويرها لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين بلدينا.
وفى هذا الإطار، تابعنا خلال المشاورات، التقدم المحرز في مشروعات التعاون الثنائي بين بلدينا واتفقنا على أهمية العمل المشترك، نحو توفير الدعم اللازم لزيادة الاستثمارات المتبادلة، ومساهمة الشركات المصرية في جهود التنمية الاقتصادية في جيبوتي، وجهود افتتاح فرع "بنك مصر" هناك، خلال الفترة المقبلة وأكدنا على ضرورة الدفع قدمًا، لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وجهود إنشاء منطقة لوجستية مصرية في جيبوتي.
هذا بالإضافة إلى تعزيز التعاون، في مجالات النقل وربط الموانئ وتابعنا الجهود الرامية إلى تسيير خط طيران مباشر، بين القاهرة وجيبوتي إلى جانب التعاون المشترك في مجالات التعليم، والصحة بالإضافة إلى التعاون في مجال مكافحة الفكر المتطرف وتأهيل الدعاة عبر نشر قيم الإسلام الوسطية، من خلال المؤسسات الدينية العريقة بالبلدين، وعلى رأسها "الأزهر الشريف".
كما أعدت التأكيد على التزام مصر، بالاستمرار في دعمها لأشقائها في جيبوتي والعمل على توفير التدريب، وبناء قدرات الكوادر في مختلف المجالات، من خلال "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية"، بالتعاون مع مختلف الجهات المصرية.
على جانب آخر؛ فقد تطرقنا إلى تطورات ملف "سد النهضة" والتأكيد على ما تتحلى به مصر من إرادة سياسية، تهدف إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم، حول ملء وتشغيل "سد النهضة"، في إطار زمني مناسب بما يعزز من الأمن والاستقرار الإقليمي، استنادًا إلى قواعد القانون الدولي، ومقررات مجلس الأمن.
كما تناولنا الأوضاع الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي، وأمن البحر الأحمر، والتي حظيت بأولوية كبيرة خلال مناقشاتنا اليوم في ضوء ما تحتويه من بؤر توتر، من الواجب احتواؤها فضلًا عن العمل على ترسيخ الأمن والاستقرار، في تلك المنطقة المهمة من قارتنا إضافة إلى تكثيف التعاون والتنسيق بين مصر وجيبوتي، فيما يتصــل بأمــن البحــر الأحمــر وأعدنا التأكيد على مسئولية الدول المشاطئة، عن صياغة كافة السياسات الخاصة بذلك الممر المائي الحيوي، من منظور متكامل، يأخذ في الاعتبار مختلف الجوانب التنموية والاقتصادية والأمنية.
وأخيرًا، فقد تباحثنا حول سبل استضافة ورئاسة مصر، للدورة السابعة والعشرين، لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، في نوفمبر ٢٠٢٢ وحرصنا على التعبير خلال تلك الرئاسة، عن تطلعات دول قارتنا في هذا المجال.
أخي فخامة الرئيس "إسماعيل عمر جيلة"، أعرب لكم مجددًا، عن امتناني لتشريفكم الكريم، وتقديري لمباحثاتنا البناءة اليوم التي أكدت حرصنا المتبادل، على دفع التعاون الثنائي بين بلدينا، تحقيقًا لمصالحنا المشتركة متمنيًا لكم، ولشعب جيبوتي الشقيق، مزيدًا من التقدم والاستقرار.