الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

صدامات القمني.. اتهامات بالإلحاد في مقابل نقد الفكر الأصولي

سيد القمني
سيد القمني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كانت آراء الراحل سيد القمنى تجعله عرضة بشكل مستمر للصدام مع المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر.. والذي وصفه الراحل في أحد اللقاءات بأن الأزهر "يدرس فقهًا يُخرج مجرمين وقتالين قتلة، ولا يختلفون عن عناصر داعش"، وهو ما زاد من تعكير المياه بينه وبين المؤسسة الأكبر في العالم الإسلامي..وفي موضع آخر، طالب القمنى بإقالة مشايخ الأزهر.. قال "لو أردنا الإصلاح بجد، علينا أولاً الإغلاق على هؤلاء.. يا مصريين أقيلوا مشايخ الأزهر تصحّوا، لا تستضيفوا المشايخ في التليفزيونات ستصيرون أفضل وزى الفل. صلِّي وأدِّي الفروض التي طلبها الله منك، امتنع عمّا نهاك عنه لكن لا تُخرج بلاويك على المجتمع".

بالطبع اصطدم القمني بالفكر الوهابي الذي كان سائدًا في المملكة العربية السعودية حتى سنوات قليلة، فانتقد مناهج التعليم هناك، وأشار إلى نصوص معينة في المناهج السعودية "من وحي الفكر الوهابي تشجع على الإرهاب وتكفير الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى"، حسب تعبيره.

 وذكر مجموعة من هذه المناهج، وكان ثائرًا على مستوى التعليم العربي، ووصف مستوى التعليم في المدارس العربية بأنه "في قاع بحر الظلمات"، لأن طريقة التعليم هي الحفظ والتلقين، وأن حتى العلوم الغربية يتم تدريسها بطريقة إسلامية.

هذه الآراء وغيرها، هي ما أثارت العديد من المعارك التي خاضها القمني حتى وصل إلى التهديد الأخير من تنظيم القاعدة. فقد أكد عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الشحات الجندي، أن " سيد القمني أخطر من داعش على مصر، وفكره داعشى ويدعوا إلى الإرهاب والتطرف". كذلك وصف المفكر كمال حبيب أفكاره بأنها "دجلاً ونصباً" و"محاولة للتسول والارتزاق من بعض الجهات القبطية والعلمانية في مصر التي تقدم له الدعم".

 وصل الانتقاد كذلك إلى حد التشكيك في درجة القمني العلمية، حيث ادعى الكاتب إبراهيم عوض أن القمني قام بتزوير شهادة الدكتوراه الخاصة به ليسبق اللقبُ اسْمَه. وهاجمه عوض بقوله: "لم يركع لله ركعة، ويجاهر بقصص ممارساته للزنا والفجور والمخدرات، لا يُجِيدُ إلا الكذب وترديد أقوال المستشرقين. ومع ذلك فإن الدولة أفردت له المجلات والصحف وتولى اليساريون الأشرارُ تلميعَه وتقديمَه كمثقف". في السياق ذاته، اتهمه الكاتب الأردني شاكر النابلسي بالسطحية. قال: "كان نقد القمني لفكر الأصوليين الإرهابيين من باب الكراهية لهم وليس من باب إيجاد البديل من داخل الإسلام نفسه، وثقافة القمني الإسلامية سطحية إلى حد كبير. وكافة أطروحات القمني الفكرية لا تستدعى أن يقتل صاحبها، بل على العكس فإن هجوم القمني على دول الخليج والإخوان المسلمين كان يُسعد القاعدة".

 وكان فوز سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2009، قد أثار جدلًا حول استحقاقه لها، فقام الداعية الإسلامي يوسف البدري، برفع دعوى قضائية ضد كل من وزير الثقافة -آنذاك- فاروق حسنى وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة على أبو شادي، وشيخ الأزهر الدكتور حسين طنطاوي، بسبب فوز سيد القمني والدكتور حسن حنفي بجائزة الدولة التقديرية. وهو ما اعتبره البدري "إهدارًا للمال العام"، لأنهما -من وجهة نظره- يسيئان إلى الذات الإلهية وإلى دين الإسلام.

 كذلك طالبت هيئة المفوضين بمجلس الدولة بسحب الجائزة، وجاء في حيثيات قرار الهيئة أن قرار وزارة الثقافة منح الجائزة التقديرية للدكتور سيد القمني "جاء مجاملة لاتجاه إلحادي كانت تستخدمه الدولة لمحاربة التيار الإسلامي".

وفي عام 2016، قررت مؤسسة الأزهر الشريف مقاضاة القمني، بسبب "هجومه الشديد على المشيخة، وتأكيده أنها تدعم الإرهاب، ووصفه للفتح الإسلامي لمصر في عهد عمرو بن العاص بـ “الاحتلال". جاء ذلك بعد هجوم عنيف شنه علماء الأزهر، بعد دعوته لتجميع توقيعات لتقديمها للأمم المتحدة لإدراج الأزهر ضمن المنظمات الإرهابية، وهجومه المستمر ضد الإسلام والمسلمين.وقتها، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن "الأزهر منارة الإسلام ومعقل الوسطية، ويحمل نور الإسلام في كل الأرض"، مؤكدا أن أية دعاوى تحاول أن تقول غير ذلك أو أن تفترى على الأزهر "دعاوى باطلة ولا أساس لها من الصحة"، مطالبا المسؤولين بمحاسبة من وصفهم بـ "هؤلاء العابثين بأكبر مؤسسة إسلامية في العالم، التي احتضنت المسلمين من كل العالم، وبعثت بعلمائها إلى جميع أنحاء الدنيا"، حسب قوله.

وكان القمني قد انتقد في حوار تليفزيوني على فضائية "أون تي في" مؤسسة الأزهر، ودعا لإدراجها كمنظمة إرهابية، وقال إن "هناك أشخاصًا سيرفعون على الأزهر قضية بالمحكمة الجنائية الدولية"، واتهم الأزهر بـ “تصدير الإرهاب إلى العالم"، ووصفه بأنه "هو من حصّن المتسببين في قتل المفكر فرج فودة، ولم يقدمهم للمحاكمة"، معتبرًا أن للإسلام رب يحميه، وليس في حاجة إلى مشايخ لحمايته.

على عكس كافة هؤلاء، كان هناك من يُحيي التجربة الفكرية للكاتب الراحل، ويرونه واحدًا ممن حرّكوا المياه الراكدة في طرق التفكير، وصاحب مدرسة فكرية إبداعية، وأطلق تساؤلات وفرضيات يجب معرفتها والخوض فيها. وقد وصف المفكر الدكتور سعد الدين إبراهيم القمني بأنه "مفكر إسلامي كبير، ومبدع مجتهد". وكتب الكاتب الصحفي الراحل أنيس منصور يقول له "ما أحوج الفكر المصري الراكد والفكر العربي الجامد إلى مثل قلمك.‏ وطبيعي أن يختلف الناس حولك‏ فليكن‏!‏ ولكنك قلت وأثرت وأثريت وفتحت النوافذ وأدخلت العواصف وأطلقت الصواعق‏".